الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة (138): لا يسن الجهر بالبسملة
.
وقال الشَّافعيُّ: يسن.
لنا حديثان:
704 -
الأوَّل: قال أحمد: ثنا وكيع ثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، وكانوا لا يجهرون بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"(1).
أخرجه البخاريُّ (2) ومسلمٌ (3) في "الصَّحيحين"، ولفظ حديثهما: فلم أسمع أحداً منهم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم (4).
وفي لفظ: يفتتحون الصَّلاة بـ "الحمد لله رب العالمين".
وقد روينا في لفظ متقدم (5): كانوا يفتتحون القراءة بـ "الحمد لله رب
= رواه الإمام أحمد وأبو داود []: أن قراءة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كانت - فوصف -: بسم الله الرحمن الرحيم .. حرفاً حرفاً، قراءة بطيئة. قطع عفان [قراءته].
ورواه الحاكم من حديث حفص بن غياث عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة، وقال: على شرطهما.
ورواه [] والدارقطني وقال: كلهم ثقات، وإسناد صحيح) ا. هـ وما بين المعقوفات لم يظهر في مصورتنا، والمثبت منه من المصادر.
انظر: "المسند": (6/ 302، 323)، "سنن أبي داود":(4/ 379 - رقم: 3998)، "المستدرك" للحاكم:(1/ 232، 323)، "سنن الدارقطني":(1/ 312 - 313).
(1)
"المسند": (3/ 179، 275).
(2)
"صحيح البخاري": (1/ 12)؛ (فتح - 2/ 226 - 227 - رقم: 743).
(3)
"صحيح مسلم": (2/ 12)؛ (فؤاد - 1/ 299 - رقم: 399).
(4)
في هامش الأصل: (حـ: هذا لفظ مسلم وحده) ا. هـ وقد ذكر المنقح فيما سبق لفظ البخاري: (برقم: 689).
(5)
برقم: (688)، وهو عند أحمد.
العالمين ".
705 -
الحديث الثَّاني: قال أحمد: ثنا عفان ثنا [وهيب](1) عن أبي مسعود الجريري سعيد بن إياس عن قيس بن عباية قال: حدَّثني ابن عبد الله بن المغفل قال: سمعني أبي وأنا أقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين
…
، فلما انصرف قال: يا بني، إياك والحدث في الإسلام، فإني صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا لا يستفتحون القراءة بـ "بسم الله الرحمن الرحيم". ولم أر رجلاً قط أبغض إليه الحدث منه (2).
ورواه التِّرمذيُّ فقال فيه: صليت مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحداً منهم يقولها (3).
(1) في الأصل و (ب): (وهب)، والتصويب من "التحقيق" و"المسند".
(2)
"المسند": (5/ 55).
(3)
"الجامع": (1/ 284 - رقم: 244).
وفي هامش الأصل: (حـ: ورواه ابن ماجه والنسائي، وقال الترمذيُّ: حديث حسن.
وقال ابن خزيمة: هو غير صحيح من جهة النقل، لأنه عن " ابن عبد الله بن مغفل " غير مسمى. وقال ابن عبد البر: ابن عبد الله بن مغفل مجهول) ا. هـ
انظر: "سنن ابن ماجه": (1/ 267 - 268 - رقم: 815)، "سنن النسائي":(2/ 135 - رقم: 908)، "التمهيد" لابن عبد البر (20/ 206).
وكلام ابن خزيمة أورده النووي في " المجموع ": (3/ 355) نقلاً عن أبي شامة المقدسي فيما يبدو، فإنه قد لخص كتابه في مسألة الجهر بالبسملة هناك (انظر: 3/ 343). ولابن خزيمة مصنف مفرد في هذه المسألة أيضاً، فقد قال في "صحيحه":(1/ 249 - رقم: 494): (وأمليت مسألة قدر جزئين في الاحتجاج في هذه المسألة أن بسم الله الرحمن الرحيم آية من كتاب الله في أوائل سور القرآن) ا. هـ
(فائدة) قال ابن عبد الهادي: (قد أفرد هذه المسألة بالتصنيف جماعة، منهم: ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والبيهقيُّ وابن عبد البر وآخرون) ا. هـ من "نصب الراية" للزيلعي: (1/ 335). وقد استقصى جملة من المصنفات المفردة في هذه المسألة: عبد اللطيف بن محمد الجيلاني في مقدمة تحقيقه لكتاب "الإنصاف" لابن عبد البر: (ص: 97 - 104).
ثم إن مذهبنا مروي عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وعمار ابن ياسر وعبد الله بن مغفل وابن الزُّبير وابن عباس.
وقال به من كبراء التابعين ومن بعدهم: الحسن والشعبي وسعيد بن جبير وإبراهيم وقتادة وعمر بن عبد العزيز والأعمش والثوري ومالك وأبو حنيفة وأبو عبيد في خلق كثير.
وإنما يروى خلاف هذا عن معاوية وعطاء وطاوس ومجاهد.
وقد سلك أصحاب الشافعي في الاعتراض على أحاديثنا أربعة مسالك: المسلك الأول: الطعن، فتعرضوا لحديث أنس بشيئين:
أحدهما: أنه نقل عنه ضد هذا، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر، على ما سنذكره في حجتهم (1).
والثاني: أنه قد روي عنه إنكار هذا في الجملة:
706 -
قال أحمد: ثنا غسان بن مضر ثنا سعيد بن يزيد أبو مسلمة قال: سألت أنساً: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، أو الحمد لله رب العالمين؟ قال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه - أو: ما سألني أحد قبلك - (2).
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: إسناد صحيح (3).
(1) رقم: (713).
(2)
"المسند": (3/ 166).
وفي هامش الأصل: (حـ: وروى هذا الحديث ابن خزيمة) ا. هـ
ولم نره في "صحيح ابن خزيمة"، ولا عزاه إليه الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة":(2/ 24 - رقم: 1123)، فلعله في كتابه المفرد في المسألة، والله أعلم.
(3)
"سنن الدارقطني": (1/ 316).
قالوا: وحديث ابن المغفل يرويه قيس بن عباية، وقد حكى الخطيب أن بعض الفقهاء قال: قيس غير ثابت الرواية.
قال الخطيب: وابن عبد الله بن المغفل مجهول.
المسلك الثاني: التأويل، قالوا: أما قوله: (فكانوا لا يجهرون) فليس في الصحيح، ويحتمل أنهم ما كانوا يجهرون بها كجهرهم ببقية السورة، وهذا لأن القارئ يبتدئ القراءة ضعيف الصوت، ثم يرفعه، يدل عليه قول أنس:(فلم أسمع أحداً منهم يجهر بها)، وهذا يدل على أنه سمعها منهم، وإذا سمع المأموم قراءة الإمام فهذا هو الجهر؛ ثم قوله:(لم أسمع) شهادة منه ومن ابن المغفل على النفي، فيحتمل أنهما لم يسمعا لبعدهما عن الإمام، وقد كان أنس صبياً حينئذ، وإنما كان يتقدم الأكابر؛ وقوله:(كانوا يفتتحون بالحمد) أي بالسورة.
المسلك الثالث: المعارضة، وقد احتجوا بأحاديث رواها الدَّارَقُطْنِيُّ والخطيب، تلخيصها في تسعة، ونحن نسردها من غير إسناد لئلا يطول الكتاب، ونبين عللها، فكأننا بذكر العلل قد ذكرنا الأسانيد، على أننا قد ذكرنا في المسألة قبلها ما يصلح الاحتجاج به ههنا، وإنما نذكر الآن ما يختص الجهر: 707 - الحديث الأوَّل: عن نعيم المجمر قال: صليت خلف أبي هريرة فقال - وفي لفظ: فقرأ -: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن، فلما سلم قال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
ز: حديث نعيم المجمر: أخرجه النَّسائيُّ (2) وأبو بكر بن خزيمة في
(1)"سنن الدارقطني": (1/ 305 - 306)، " مختصر الجهر بالبسملة للخطيب " للذهبي:(ص: 165 رقم: 1).
(2)
"سنن النسائي": (2/ 134 - رقم: 905).
"صحيحه"(1)، وقال في "مصنفه في البسملة": فأما الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصَّلاة فقد ثبت وصح عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بإسنادٍ ثابت متصل، لا شك ولا ارتياب عند أهل المعرفة بالأخبار في صحة سنده واتصاله
…
فذكره ثم قال: بان وثبت أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قد كان يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" في الصَّلاة (2).
وأخرجه ابن حِبَّان في "صحيحه"(3) والدَّارَقُطْنِيُّ وقال: هذا حديث صحيح، وكلهم ثقات (4).
ورواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (5).
واستدل به البيهقيُّ في كتاب "الخلافيات" ثم قال: رواة هذا الحديث كلهم ثقات، مجمعٌ على عدالتهم، محتج بهم في الصحيح (6).
وقال في "السنن الكبير": هو إسنادٌ صحيح وله شواهد (7).
واعتمد عليه الخطيب في مسألة الجهر بالبسملة، وقال: هذا الحديث ثابت صحيح، لا يتوجه عليه تعليل في اتصال إسناده وثقة رجاله (8).
وقد اعتمد أكثر من صنف في الجهر على هذا الحديث، وليس هو
(1)"صحيح ابن خزيمة": (1/ 251 - رقم: 499).
(2)
ذكره النووي في " المجموع ": (3/ 344 - 345) نقلاً عن كتاب أبي شامة المقدسي في المسألة.
(3)
"الإحسان" لابن بلبان: (5/ 104 - رقم: 1801).
(4)
"سنن الدارقطني": (1/ 306).
(5)
"المستدرك": (1/ 232).
(6)
"مختصر الخلافيات" لابن فرح: (2/ 44 - المسألة رقم: 77).
(7)
"سنن البيهقي": (2/ 46).
(8)
"مختصر الجهر بالبسملة للخطيب" للذهبي: (ص: 166 - رقم: 1) واقتصر على (حديث ثابت صحيح).
والعبارة بتمامها في "المجموع" للنووي: (3/ 345) نقلاً عن كتاب أبي شامة المقدسي في المسألة.
بصريح في الجهر، وقد أجبتُ عنه بعشرة أوجه ذكرناها في موضع آخر (1) O.
708 -
الحديث الثاني: عن أبي هريرة أيضاً أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أم الناس جهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"(2).
وفي لفظ: عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "علمني جبريل الصَّلاة".
فقام وكبر لنا، ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) فيما يجهر به في كل ركعة (3).
709 -
وقد رواه النعمان بن بشير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أمّني جبريل عند البيت، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم "(4).
710 -
الحديث الثالث: عن علي وعمار أنهما صلَّيا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"(5).
وفي لفظ: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر في السورتين بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"(6).
(1) نقل منها الزيلعي في "نصب الراية": (1/ 335 - 341) ثلاثة أوجه، وذلك ضمن تلخيصه لكتاب ابن عبد الهادي المفرد في المسألة، والذي سيشير إليه هنا في خاتمة كلامه على الأحاديث التي ذكرها ابن الجوزي:(ص: 199).
(2)
" مختصر الجهر بالبسملة للخطيب " للذهبي: (ص: 168 - رقم: 12)، وخرجه الدارقطني في "سننه":(1/ 306 - 307) بلفظ: " إذا أم الناس قرأ
…
".
وقال ابن عبد الهادي في مصنفه المفرد في هذه المسألة: هذا الحديث رواه الدارقطني في "سننه" وابن عدي في "الكامل" فقالا فيه: "فقرأ" عوض "فجهر"، وكأنه رواه - أي الخطيب - بالمعنى) ا. هـ من "نصب الراية" للزيلعي:(1/ 341).
(3)
"سنن الدارقطني": (1/ 307).
(4)
"سنن الدارقطني": (1/ 309).
(5)
"سنن الدارقطني": (1/ 303)، و"مختصر الجهر بالبسملة للخطيب" للذهبي:(ص: 171 - رقم: 21).
(6)
"سنن الدارقطني": (1/ 304).
712 -
وقد رواه علي عليه السلام (1) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بـ
"بسم الله الرحمن الرحيم" في السورتين جميعاً (2).
713 -
الحديث الخامس: عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بـ
"بسم الله الرحمن الرحيم"(3).
وقد روى مثل هذا اللفظ: ابن عباس (4) وعائشة (5).
وفي لفظ عن أنس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"(6).
وروى مثله بريدة (7).
وفي لفظ عن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يجهرون بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
714 -
الحديث السادس: عن سمرة قال: كانت للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم سكتتان:
سكتةٌ إذا قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، وسكتةٌ إذا فرغ من القراءة (8).
(1) كذا بالأصل و (ب)، وتخصيص أحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين - بالتسليم غير مشروع، بل فيه مشابهة لأهل البدعة، والله أعلم.
(2)
"سنن الدارقطني": (1/ 302).
(3)
"سنن الدارقطني": (1/ 308 - 309).
(4)
"سنن الدارقطني": (1/ 303)، "مختصر الجهر بالبسملة للخطيب" للذهبي:(ص: 175 - رقم: 28).
(5)
"سنن الدارقطني": (1/ 310 - 311)، "مختصر الجهر بالبسملة للخطيب" للذهبي:(ص: 177 - رقم: 4).
(6)
"سنن الدارقطني": (1/ 308).
(7)
"سنن الدارقطني": (1/ 310) ومن قوله: (وفي لفظ عن أنس
…
) إلى هنا سقط من "التحقيق".
(8)
"سنن الدارقطني": (1/ 309).
وفي هامش الأصل: (حـ: حديث سمرة قال فيه الدارقطني والبيهقي: رواته كلهم ثقات) ا. هـ
وكلام الدارقطني لم نره في مطبوعة "السنن" ولا "إتحاف المهرة" لابن حجر: (6/ 16 رقم: 2057)، وقد ذكره الغساني في "تخريج الأحاديث الضعاف":(ص: 136 - رقم: 230). وأما كلام البيهقي فهو في "الخلافيات"، كما في "مختصره" لابن فرح:(2/ 47 - المسألة رقم: 77).
715 -
الحديث السابع: عن الحكم بن عمير قال: صليت خلف النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فجهر في الصَّلاة بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" في: صلاة الليل، وصلاة [الغداة](1)، وصلاة الجمعة (2).
716 -
الحديث الثامن: عن مجالد بن ثور وبشر بن معاوية أنهما وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهما فيما علمهما: الابتداء بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"، والجهر بها في الصَّلاة (3).
717 -
الحديث التاسع: عن عبيد بن رفاعة أن معاوية (4) قدم المدينة، فصلَّى بالناس صلاة، فجهر فيها بالقراءة، وأنه قرأ أم الكتاب ولم يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم)، ثم ركع حينئذ ولم يكبر، ثم قام في الثانية فلم يكبر، فلما صلَّى وسلم ناداه المهاجرون والأنصار من كل ناحية: يا معاوية، أسرقت صلاتك أم نسيت؟ أين (بسم الله الرحمن الرحيم) حين افتتحت أم القرآن؟! وأين (الله أكبر) حين وضعت جبينك وحين قمت؟! فلما صلَّى بهم الصَّلاة الأخرى قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، وكبَّر حين سجد وحين قام (5).
قالوا: وأما الصحابة فقد ذكرنا عن أنس روايته بالجهر عن أبي بكر وعمر (6).
(1) في الأصل و (ب): (النهار) والتصويب من "التحقيق" و"سنن الدارقطني".
(2)
"سنن الدارقطني": (1/ 310).
(3)
" معرفة الصحابة " لأبي نعيم: (1/ 393 - 394 - رقم: 1182).
(4)
كذا بالأصل و (ب) و"التحقيق"، وفي "سنن الدارقطني" و"مختصر الجهر بالبسملة للخطيب":(إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده أن معاوية).
(5)
"مختصر الجهر بالبسملة للخطيب" للذهبي: (ص: 181 - 182 - رقم: 45)، و"سنن الدارقطني":(1/ 311).
(6)
رقم: (713).
718 -
وروى ابن المسيب أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا كانوا يجهرون بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
719 -
روى عطاء الخراساني (1) قال: صلَّيت خلف علي بن أبي طالب وعدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يجهرون بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
720 -
وروى ضميرة عن علي قال: من لم يجهر في صلاته بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" فقد خدج صلاته.
721 -
وقال صالح بن نبهان: صلَّيت خلف أبي قتادة وأبي سعيد وأبي هريرة وابن عباس فكانوا يجهرون.
وكذلك روي عن ابن عمر.
المسلك الرابع: الترجيح، فقالوا: نرجح أحاديثنا على أحاديثكم من خمسة أوجه:
أحدها: أن أخباركم رواها صحابيان، وأخبارنا رواها أربعة عشر صحابياً.
والثاني: أن ما رواه الصحابيان يحتمل على ما سبق بيانه، وأخبارنا صريحة لا تحتمل.
والثالث: أن أخباركم شهادة على نفي، وكيف يؤخذ حكم من عدم سماع؟! وأخبارنا شهادة على إثبات، والإثبات مقدم، كما قدمنا قول بلال:(دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وصلَّى) على قول أسامة: (لم يصلِّ).
والرابع: أن أخبارنا تقتضي الزيادة، والأخذ بالزائد أولى.
(1) انظر ما سيأتي نقلاً عن هامش الأصل: (ص: 190 - حاشية رقم: 4).
والخامس: أنَّه يمكننا الجمع بين الأحاديث، فنقول:(كان يفتتح بالحمد) أي بالسُّورة، ولم يسمع منه الجهر من أنكره، وسمعه من رواه؛ وأنتم لا يمكنكم إثبات روايتنا إلا بإسقاط روايتكم.
والجواب:
أمَّا المسلك الأوَّل: فإنَّ التَّعرُض بالطَّعن لحديث أنس لا وجه له، لاتفاق الأئمة على صحَّته؛ ومعارضتُه بما لا يقارب سنده في الصِّحة قبيحٌ بمن يدَّعي علم النَّقل.
وأمَّا حديث أبي مسلمة (1): فجوابه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنَّ حديثنا في الصِّحاح بخلافه، فلا يقوى على المعارضة.
والثَّاني: أنَّه يحتمل أن يكون أنس نسي في تلك الحال لكبره، وكم ممَّن حدَّث ونسي؟! وقد صرَّح أنس بمثل هذا، فسئل يومًا عن مسألة، فقال: عليكم بالحسن فسلوه، فإنَّه حفظ ونسينا.
والثَّالث: أنَّه يحتمل أن يكون مراد السَّائل: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها في الصَّلاة، أو يتركها أصلاً؟ فلا يكون هذا سؤالاً عن الجهر بها.
وأمَّا حديث ابن مغفَّل: فرجاله ثقاتٌ، وقيس بن عَبَاية قد ذكره البخاريُّ في "تاريخه" (2) وقال أبو بكر الخطيب: لا أعلم أحدًا رماه ببدعةٍ في دينه ولا كذبٍ في روايته (3).
(1) في "التحقيق": (سلمة) خطأ.
(2)
"التاريخ الكبير": (7/ 156 - رقم: 700).
(3)
في هامش الأصل: (قيس بن عباية وثقه ابن معين) ا. هـ
انظر: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 102 - رقم: 580) من رواية ابن أبي خيثمة.
وأما ابن عبد الله: فاسمه يزيد، وقد ذكره البخاريُّ في "تاريخه"(1).
وأما المسلك الثاني وقولهم: (ليس ذكر الجهر في الصحيح): قلنا: رجاله رجال الصحيح، فيلزم أن يحكم بصحته.
وقولهم: (يحتمل أنهم ما كانوا يجهرون بها كالجهر بالسورة) وقد ذكرنا في حديث أنس: أنهم ما كانوا يذكرونها، وفي حديث عائشة: كان يفتتح القراءة بالحمد.
وقولهم: (هو شهادة على النفي) قلنا: هو في معنى الإثبات، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة ولأنس عشر سنين، ومات وله عشرون سنة، فكيف يتصور أن يصلِّي خلفه عشر سنين فلا يسمعه يوماً من الدهر يجهر؟ ثم قد روى (2) وقوع هذا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف وهو رجل في زمن أبي بكر وعمر؟ وكهل في زمن عثمان؟ مع تقدمه في زمانهم وروايته للحديث؟!
وأما عبد الله بن المغفل: فإنه كان رجلاً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ممن بايع تحت الشجرة، وكان يومئذ يمد أغصانها يظلل بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من البكائين، وبعثه عمر إلى أهل البصرة يفقههم.
ويؤكد هذا أن عمر كان جهوري الصوت، فلو خفي من الكل لم يخف منه.
وقولهم: (لولا سماعهم ما نقلوا الإخفات) قلنا: يحتمل علمهم بالإخفات أمرين:
(1)"التاريخ الكبير": (8/ 441 - 442 - رقم: 3633).
(2)
في "التحقيق": (قدروا)!
أحدهما: أن يكون الراوي قريباً من الإمام فيسمع ما يخافت به، وذلك لا يسمى جهراً.
والثاني: أن يكونوا علموا بقول منفرد، وتعليم منفصل عن الصَّلاة، كما علموا الاستفتاح والتعوذ.
وقولهم: (المراد بقوله: يفتتحون بالحمد. أي: بالسورة) قلنا: البسملة ليست من السورة على ما سبق بيانه (1).
وأما المسلك الثالث: فجوابه أن جميع أحاديثكم ضعاف، وأثبتها حديث نعيم، ولا حجة فيه، لأنه حكى (أن أبا هريرة قرأها)، ولم يقل:(جهر بها)، فجائزٌ أن يكون سمعها في مخافتته لقربه منه.
وأما الحديث الثاني: فاللفظ الأول منه قال فيه أبو أحمد بن عدي الحافظ: لا يعرف إلَاّ بأبي أويس المديني (2). قال يحيى بن معين كان أبو أويس يسرق الحديث (3).
(1) في المسألة السابقة: (رقم: 137).
(2)
"الكامل": (4/ 183 - رقم: 999).
(3)
"الكامل" لابن عدي: (4/ 182 - رقم: 999) من رواية أحمد بن أبي يحيى.
وفي هامش الأصل حاشية لم يظهر السطر الأول منها في مصورتنا، والذي ظهر ما يلي: (.... أبو أويس أنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أم الناس جهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
ما حكه من خبر [كذا]، وفي الدارقطني: افتتح بـ " بسم الله " وقال: كلهم ثقات) ا. هـ
والذي يبدو - والله أعلم - أن أول هذا النص منقول من "التنقيح" للذهبي، فإن فيه ما يلي: (عثمان بن خرزاد حدثني منصور بن أبي مزاحم من كتابه - ثم حكَّه بعد من كتابه - ثنا أبو أويس أنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أم للناس جهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
قلت: ما حكه من خبر، وأبو أويس ضعفه أحمد، وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث) ا. هـ
من النسخة الخطية لـ "تنقيح الذهبي" وهي بخطه. =
وأما اللفظ الثاني: فيرويه خالد بن إلياس، وأجمعوا على ترك حديثه، ثم نحمله على أنه قرأها من غير جهر.
وأما لفظ حديث النعمان: فيرويه [فطر](1) بن خليفة، وقال السعدي: هو غير ثقة (2).
وأما الحديث الثالث: فيرويه إسماعيل بن أبان عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي الطفيل.
فأما إسماعيل: فقال أحمد: حدث بأحاديث موضوعة (3). وقال
= وهنا أمور:
1 -
ذكر إسناد هذا الحديث من زيادات الذهبي في "تنقيحه" على ابن الجوزي.
2 -
كلمة الذهبي: (ما حكه من خبر) يبدو أنه سقط منها خبرها، فإنه قد قال في "مختصر الجهر بالبسملة للخطيب" للذهبي:(ص: 168 - 169 - رقم: 12، 13)(قلت: ما حكه من خبر فهو ساقط) ا. هـ وقد ساق هناك إسناد الخطيب لهذا الحديث بتمامه.
3 -
قوله: (قال ابن عدي: كان يسرق الحديث) مر أن هذا من كلام ابن معين وإنما نقله عنه ابن عدي، وقد غير قلعجي في طبعته لـ "تنقيح الذهبي" كلمة (ابن عدي) إلى (ابن معين) دون تنبيه أو إشارة، وهذا لا يجوز، خصوصاً وأن النسخة الموجودة هي بخط مؤلفها، وقد وقع لقلعجي تصحيفات وأخطاء أخرى في هذا الموضع لا نطيل بذكرها.
وأما رواية الدارقطني فهي في "سننه": (1/ 306)، وأما كلام الدارقطني فلم نره في مطبوعة "السنن" ولا في "إتحاف المهرة" لابن حجر:(15/ 269 - رقم: 19289)، وقد ذكره الغساني في "تخريج الأحاديث الضعاف":(ص: 135 - رقم: 227).
(1)
في الأصل: (قطن)، والتصويب من (ب) و"التحقيق".
وكتب فوقها في الأصل الرقوم التالية: (" خ " مقروناً " 4 ") إشارة إلى أن البخاري خرج له مقروناً بغيره بالإضافة إلى أصحاب السنن، انظر:"تهذيب الكمال" للمزي: (23/ 312، 316 - رقم: 4773).
(2)
"الشجرة في أحوال الرجال": (ص: 95 - رقم: 74).
(3)
"العلل" برواية عبد الله: (3/ 211 - رقم: 4912) وانظر التعليق التالي.
يحيى: هو كذَّابٌ (1).
قال: ولا يكتب حديث عمرو بن شمر (2)، ولا حديث جابر (3).
وأمَّا أبو الطَُّفيل: فكان مغيرة يكره الرِّواية عنه (4).
وأمَّا الرَّابع: فاللفظان عن ابن عباس يرويهما عمر بن حفص، وقد أجمعوا على ترك حديثه.
ولفظ حديث عليٍّ: يرويه عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن عليٍّ، قال ابن عَدِيٍّ: ولا يتابع عليه (5).
وأمَّا الخامس: فاللفظ الأوَّل: يرويه أحمد بن محمد اليماميُّ، قال ابن عَدِيٍّ: حدَّث بأحاديث مناكير عن الثِّقات، ونسخٍ عجائب (6).
ولفظ حديث ابن عباس الموافق له قد رواه سعيد بن خثيم (7)، قال ابن
(1)"تاريخ بغداد" للخطيب: (6/ 241 - رقم: 3278) من رواية الدوري، ولم نجده في مطبوعة "تاريخه"
(2)
"الضعفاء الكبير" للعقيلي: (3/ 275 - رقم: 1282)، و"الكامل" لابن عدي:(5/ 129 - رقم: 1292) من رواية معاوية بن صالح.
(3)
"التاريخ" برواية الدوري: (3/ 364 - رقم: 1769) وفيه: (لا يكتب حديثه ولا كرامة) ا. هـ
(4)
في "الكامل" لابن عدي: (5/ 87 - رقم: 1264) أن علي بن المديني قال: (سمعت جرير بن عبد الحميد - وقيل له: كان مغيرة ينكر الرواية عن أبي الطفيل؟ - قال: نعم) ا. هـ
كذا فيه: (ينكر)، وقد يكون صوابها:(يكره)، والله أعلم.
(5)
لم نر حديث علي في مطبوعة "الكامل"، ولكن قال ابن عدي في آخر ترجمة عيسى بن عبد الله:(5/ 245 - رقم: 1389): (لعيسى بن عبد الله هذا غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه) ا. هـ
(6)
"الكامل": (1/ 178 - رقم: 18).
(7)
كتب فوقه الرقوم التالية: (ت، س) إشارة إلى تخريج الترمذي والنسائي له، ثم كتب بعد ذلك كلمة نظنها:(ثقة)، والله أعلم.
عدي: وأحاديثه ليست بالمستقيمة (1).
ورواه شريك، وكان يحيى القطان لا يعبأ بشريك (2)، وقال ابن المبارك: ليس حديثه بشيء (3).
ورواه أيضاً الحسن بن عنبر الوشَّاء، قال ابن عدي: حدث بأحاديث أنكرت عليه (4).
وأما لفظ حديث عائشة الموافق له: فيرويه العباس بن الفضل من حديث أبي الجوزاء، ويرويه الحكم بن عبد الله من حديث القاسم، كلاهما عنها. قال يحيى: العباس (5) والحكم (6) ليسا بثقة. وقال ابن عدي: أحاديث الحكم موضوعة، منها: أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يجهر (7).
وأما اللفظ الثاني عن أنس: فيرويه إسماعيل المكي، قال ابن المديني: لا يكتب حديثه (8).
(1)"الكامل" لابن عدي: (3/ 408 - رقم: 835) والذي في مطبوعته: (ليست بمحفوظة).
(2)
"الكامل" لابن عدي: (4/ 7 - رقم: 888).
(3)
المرجع السابق.
(4)
"الكامل" لابن عدي: (2/ 343 - رقم: 476) وفيه: (حدث بأحاديث أنكرتها عليه).
وفي هامش الأصل: (هو الحسن بن محمد بن عنبر، أبو علي، الوشاء، ضعفه ابن قانع، ووثقه البرقاني، وقال ابن الجوزي في "الضعفاء": " الحسن بن علي بن عنبر " ووهم) ا. هـ
وانظر: "تاريخ بغداد" للخطيب: (7/ 415 - رقم: 3967).
والذي في مطبوعة "الضعفاء" لابن الجوزي: (1/ 210 - رقم: 863): (الحسن بن محمد بن عنبر)، فقد يكون ما ذكره ابن عبد الهادي خطأ في النسخة التي اطلع عليها، والله أعلم.
(5)
"العلل" لعبد الله بن أحمد: (3/ 7 - رقم: 3901).
(6)
"التاريخ" برواية الدوري: (3/ 171 - رقم: 754).
(7)
"الكامل" لابن عدي: (2/ 204 - رقم: 389) باختصار.
(8)
"العلل": (ص: 64 - رقم: 85).
وأما لفظ حديث بريدة الموافق له: فيرويه عمرو بن شمر عن جابر، وقد ذكرنا قول يحيى فيهما (1).
وأما اللفظ الثالث عن أنس: فيرويه الحجاج بن أرطأة، وقد ضعفه يحيى (2) وغيره.
وفي الجملة لا يثبت عن أنس شيء من هذا، بل قد صحت الأخبار بخلافه قولاً وفعلاً.
وأما السادس: فذكر السكتة بعد البسملة غلطٌ، وقد رواه أحمد (3) وأبو داود (4) والدَّارَقُطْنِيُّ (5) على الصحة: عن سمرة، قال: حفظت سكتتين من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصَّلاة: سكتةً إذا كبَّر الإمام، وسكتةً إذا فرغ من الفاتحة.
وأما السابع: فرواه موسى بن أبي حبيب، وليس بمعروف (6).
(1)(ص: 187).
(2)
"الكامل" لابن عدي: (2/ 223 - رقم: 406) من رواية الدورقي.
(3)
"المسند": (5/ 7، 11، 15، 20، 21، 23) بنحوه.
(4)
"سنن أبي داود": (1/ 504 - رقم: 773) بنحوه.
(5)
"سنن الدارقطني": (1/ 336) بهذا اللفظ.
(6)
في هامش الأصل: (حـ: رواه الدارقطني، قال: ثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن بشر الكوفي ثنا أحمد بن موسى بن إسحاق الحمار ثنا إبراهيم بن حبيب ثنا موسى بن أبي حبيب الطائفي عن الحكم بن عمير
…
فذكره.
وقد ذكر ابن أبي حاتم: موسى بن أبي حبيب في "كتابه"، وذكر عن أبيه أنه قال: هو ضعيف الحديث.
وباقي رجاله لا يعرفون غير الحَمَّار. قاله شيخنا أبو الحجاج.
وقال الدارقطني أيضاً: موسى بن أبي حبيب ضعيف) ا. هـ
وانظر: "سنن الدارقطني": (1/ 310)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (8/ =
وأما الثامن: فيرويه صاعد بن طالب بن نواس يرفعه كل واحد عن أب إلى أب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلهم مجاهيل.
وأما التاسع: فيروه عبد الله بن عثمان بن خثيم (1)، وقال يحيى: أحاديثه ليست بالقوية (2).
وأما الرواية عن أبي بكر وعمر: فقد تكلمنا على رواية أنس عنهما.
وأما رواية ابن المسيب: فيرويها عثمان بن عبد الرَّحمن عن الزُّهريِّ، وقد أجمعوا على تضعيف عثمان.
ورواية عطاء: يرويها عنه ابنه يعقوب، وقد ضعَّفه أحمد (3) ويحيى (4).
= 140 - رقم: 633).
وكلام الدارقطني لم نره في مطبوعة "السنن" ولا ذكره ابن حجر في "إتحاف المهرة": (4/ 320 - رقم: 4325)، ولكن ذكره الغساني في " تخريج الأحاديث الضعاف ":(ص: 131 - رقم: 219).
(1)
رقم فوقه بالأصل و (ب) ما يلي: (م، 4) إشارة إلى تخريج مسلم له إضافة إلى أصحاب السنن.
(2)
"الكامل" لابن عدي: (4/ 161 - رقم: 982) من رواية الدورقي.
وفي هامش الأصل: (حـ: وقال ابن معين - في رواية -: عبد الله بن خثيم ثقة حجة.
وقال أبو حاتم: ما به بأس، صالح الحديث) ا. هـ
انظر: "الكامل" لابن عدي: (4/ 161 - رقم: 982)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم:(5/ 111 - 112 - رقم: 510).
(3)
"العلل" برواية عبد الله: (1/ 397 - رقم: 803).
(4)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (9/ 211 - رقم: 882) من رواية إسحاق بن منصور وفي هامش الأصل حاشية لم يظهر أولها في مصورتنا، ويبدو أنها تعقب على ابن الجوزي في قوله - عند إيراده لهذا الحديث - (ص: 182): (روى عطاء الخراساني).
والذي ظهر من الحاشية ما يلي: (
…
من رواية يعقوب بن عطاء عن أبيه، فهو عطاء بن أبي رباح، وليس بالخراساني.
وابن أبي رباح من الثقات المشهورين، لكنه لم يدرك عليًّا، وابنه يعقوب ضعيف. =
وأمَّا رواية ضميرة: ففى طريقه حسين بن عبد الله بن ضميرة، وقد أجمعوا على تكذيبه (1).
وأمَّا المروي عن ابن عمر: فهو من طريق أبي سعد البقَّال وعمر بن نافع، وقد ضعفهما يحيى (2)، وقال النَّسائيُّ: ليسا بشيءٍ (3).
وأمَّا المأثور عن ابن عباس: فمن طريق أبي سعد البقَّال أيضًا وشَريك، وقد بيَّنا القدح فيهما.
وقول صالح مردودٌ، لأنَّ مالك قال: ليس بثقةٍ (4).
وهذه الأحاديث في الجملة لا يحسن بمن له علمٌ بالنَّقل أن يعارض بها الأحاديث الصِّحاح، ولولا أن تَعْرض للمتفقه شبهةٌ عند سماعها فيظنها صحيحةً = لكان الإضراب عن ذكرها أولى، ويكفي في هجرانها إعراض المصنِّفين المسانيد والسُّنن عن جمهورها، وقد ذكر الدَّارَقُطْنِيُّ منها طرفًا في
= وإن كان عطاء هو الخراساني فهو أصغر من ابن أبي رباح، فروايته عن علي أولى بالانقطاع من رواية ابن أبي رباح، على أن عطاء الخراساني قد تكلم فيه غير واحد.
والحديث من رواية يعقوب عن أبيه، فهو إذاً من رواية عطاء بن أبي رباح، فقوله:" عن عطاء الخراساني " غلط صريحٌ) ا. هـ
(1)
في "التحقيق": (وأما رواية حسين فقد أجمعوا على تكذيبه).
(2)
تضعيف البقال في "الكامل" لابن عدي: (3/ 383 - رقم: 811) من رواية معاوية وعباس، ولم نره في مطبوعة "التاريخ" برواية الدوري.
وأما عمر بن نافع فهناك اثنان أحدهما ثقة، وهو العدوي المدني، والآخر ضعيف وهو الثقفي الكوفي، وهو الذي ضعفه ابن معين، فقال في "التاريخ" برواية الدوري:(3/ 499 - رقم: 2437): (ليس حديثه بشيء) ا. هـ ولم نقف على إسناد هذا الأثر كي نميز عمر الذي في الإسناد، والله أعلم.
(3)
لم نقف على كلام النسائي ولا في واحد منهما، ولكن ذكر في "الضعفاء والمتروكون":(ص: 120 - رقم: 270) أبو سعد البقال، وقال:(ضعيف).
(4)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (4/ 417 - رقم: 1830).
"سننه" فبَّين ضعف بعضها وسكت عن بعضها.
وقد حكى لنا مشايخنا أنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ لما ورد مصر سأله بعض أهلها عن تصنيف شيءٍ في الجهر، فصنَّف جزءًا، فأتاه بعض المالكيَّة فأقسم عليه أن يخبره بالصَّحيح من ذلك، فقال: كلُّ ما روي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الجهر فليس بصحيحٍ، فأمَّا عن الصَّحابة فمنه صحيحٌ، ومنه ضعيفٌ.
ثُمَّ تجرَّد أبو بكر الخطيب لجمع أحاديث الجهر، فأزرى على علمه بتغطية ما ظنَّ أنَّه لا ينكشف، وقد حصرنا ما ذكره وبيَّنا وهنه ووهيه على قدر ما يحتمله التَّعليق، ولم نر أحدًا ممَّن صنَّف تعاليق الخلاف ذكر في تعليقه ما ذكرنا، ولعلَّ أكثرهم لا يهتدي إلى ما فعلنا، وإنَّما بسطنا الكلام بعض البسط لأنَّ هذه المسألة من أعلام المسائل، وهي شعار المذهب من الجانبين، ومبناها على النَّقل.
ثُمَّ إنَّا بعد هذا نحمل جميع أحاديثهم على أحد أمرين:
إمَّا أن يكون جهر بها للتَّعليم أو كما يتَّفق، كما روي أنَّه كان يصلِّي بهم الظُّهر فيسمعهم الآية والآيتين بعد الفاتحة أحيانًا.
والثَّاني: أن يكون ذلك قبل الأمر بترك الجهر، فقد روى أبو داود بإسناده:
722 -
عن سعيد بن جُبير أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يجهر بـ " بسم الله الرحمن الرَّحيم "، وكان مسيلمة يُدعى:(رحمان اليمامة)، فقال أهل مكَّة: إنَّما يدعو إله اليمامة. فأمر اللهُ رسولَه بإخفائها، فما جهر بها حتى مات (1).
وهذا يدلُّ على نسخ الجهر.
(1)" المراسيل ": (ص: 89 - 90 - رقم: 34).
وأما مسلكهم الرابع فجوابه: أن الاعتماد على ما صح لا على ما كثرت رواته، وقد دفعنا وجه الاحتمال، وبينا أنها شهادة معناها الإثبات وإن ظهرت في صورة النفي، بخلاف حديث بلال، وإنما تقتضي أخبارهم الزيادة أن لو صحت، وهذا جواب قولهم:(يجمع بين الأحاديث).
ز: 723 - روى عبد الله بن عمرو بن حسان ثنا شريك عن سالم - هو الأفطس - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
رواه الحاكم في "المستدرك" عن عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم عن أحمد بن إسحاق بن صالح الوزان عن عبد الله بن عمرو بن حسان، وقال: صحيح وليس له علة (1).
كذا قال، وعبد الله بن عمرو بن حسان: قال فيه عليُّ بن المدينيِّ: كان يضع الحديث (2). وكذبه الدَّارَقُطْنِيُّ (3)، وقال ابن عَدِيٍّ: هو إلى الضعف أقرب (4).
وقد رواه الدَّارَقُطْنِيُّ في "سننه" من طريق أبي الصلت الهروي عن عباد ابن العوام عن شريك، وقال فيه: يجهر في الصَّلاة (5).
وأبو الصلت: متروك الحديث.
(1)"المستدرك": (1/ 208).
(2)
"الضعفاء الكبير" للعقيلي: (2/ 284 - رقم: 851).
(3)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 264 - رقم: 321).
(4)
"الكامل" لابن عدي: (4/ 257 - رقم: 1091).
(5)
"سنن الدارقطني": (1/ 303).
724 -
وقد رواه ابن راهويه في "مسنده" فقال: أنا يحيى بن آدم أنا شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" يمد بها صوته، وكان المشركون يهزأون
…
فذكر الحديث.
725 -
وقال الحاكم: ثنا الأصم [أنا](1) الربيع أنا الشَّافعيُّ أنا عبد المجيد عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن أنساً قال: صلَّى معاوية بالمدينة صلاة، فجهر فيها بالقراءة، فقرأ فيها:(بسم الله الرحمن الرحيم) لأمِّ القرآن، ولم يقرأها للسورة التي بعدها، ولم يكبر حين يهوي، فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار من كل مكان: يا معاوية، أسرقت الصَّلاة أم نسيت؟ فلما صلَّى بعد ذلك قرأ:(بسم الله الرحمن الرحيم) للسورة التي بعد أم القرآن، وكبر حين يهوي ساجدًا.
قال الحاكم: على شرط البخاريِّ ومسلم (2). وليس كما قال.
ثم قال: وهو علة لحديث قتادة عن أنس: صليت خلف النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم يجهروا بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"، فإن قتادة يدلس (3).
ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ وقال فيه: فلم يقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم) لأم القرآن، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها، ولم يكبر حين يهوي
…
- وقال في آخره: - فلم يصلِّ بعد ذلك إلَاّ قرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم) لأم القرآن، وللسورة التي بعدها، وكبر حين يهوي ساجداً.
ثم رواه الدَّارَقُطْنِيُّ من طريق إسماعيل بن عياش، فقال:
(1) سقطت من الأصل و (ب)، واستدركت من "المستدرك" و"تلخيصه".
(2)
في هامش الأصل: (حـ: في نسخة: " على شرط مسلم ") ا. هـ وهو الموافق لما في مطبوعة "المستدرك" و"التلخيص" للذهبي.
(3)
"المستدرك": (1/ 233) باختصار.
726 -
حدثنا القاضي أبو طاهر محمد بن أحمد بن نصر وأحمد بن سندي ابن حسن قالا: ثنا جعفر بن محمد الفريابي ثنا أبو أيُّوب سليمان بن عبد الرَّحمن ثنا إسماعيل بن عياش ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جدِّه أن معاوية بن أبي سفيان قدم المدينة حاجاً أو معتمراً فصلَّى بالناس، فلم يقرأ:(بسم الله الرحمن الرحيم) حين افتتح القرآن، وقرأ بأم القرآن، فلما قضى الصَّلاة أتاه المهاجرون والأنصار من ناحية المسجد، فقالوا: أتركت صلاتك يا معاوية؟ أنسيت (بسم الله الرحمن الرحيم)؟ قال: فلما صلَّى بهم الأخرى قرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم)(1).
727 -
وقال الحاكم: ثنا أبو علي الحافظ ثنا علي بن أحمد بن سليمان ابن داود المهري ثنا أصبغ بن الفرج ثنا حاتم بن إسماعيل عن شريك بن عبد الله عن أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
قال: رواته ثقات (2).
وقد رواه الدَّارَقُطْنِيُّ بإسناده عن حاتم بن إسماعيل عن شريك بن عبد الله عن إسماعيل المكي عن قتادة عن أنس (3).
وإسماعيل متروك.
728 -
قال الحاكم: وثنا عبد الرَّحمن بن حمدان الجلاب ثنا عثمان بن خرزاذ ثنا محمد بن أبي السري قال: صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا أحصي
(1)"سنن الدارقطني": (1/ 311).
وفي هامش الأصل حاشية لم نتبين المراد منها.
(2)
"المستدرك": (1/ 233).
(3)
"سنن الدارقطني": (1/ 308).
صلاة الصُّبح والمغرب، فكان يجهر بـ " بسم الله "(1) قبل الفاتحة وبعدها، وسمعته يقول: ما آلوا أن أقتدي بصلاة أبي، وقال أبي: ما آلوا أن أقتدي بصلاة أنس ابن مالك، وقال أنس: ما آلوا أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحاكم: رواته ثقات (2).
ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ قال: قرأت في أصل كتاب أبي بكر أحمد بن عمرو بن جابر الرملي بخط يده: ثنا عثمان بن خرزاذ
…
فذكره (3).
وقد تقدم (4) أن الطبراني رواه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن أنس أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يسر (بسم الله الرحمن الرحيم).
729 -
قال الحاكم: وحدَّثني مكي بن أحمد ثنا العباس بن عمران القاضي ثنا سيف بن عمرو ثنا محمد بن أبي السري ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا مالك عن حميد عن أنس قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر، وخلف عمر، وخلف عثمان، وخلف علي، فكلهم كانوا يجهرون بقراءة (بسم الله الرحمن الرحيم).
قال الحاكم: إنما ذكرته شاهداً (5).
كذا قال، وقد قيل: إن الحديث صحيح ثابت عن مالك، لكن سقط منه لفظة (لا).
(1) في (ب) و"المستدرك": (ببسم الله الرحمن الرحيم).
(2)
"المستدرك": (1/ 233 - 234).
(3)
"سنن الدارقطني": (1/ 308).
(4)
رقم: (691).
(5)
"المستدرك": (1/ 234).
730 -
قال الحاكم: وأنا علي بن محمد بن عقبة الشيباني ثنا إبراهيم بن أبي العنبس القاضي ثنا سعيد بن عثمان الخزاز (1) ثنا عبد الرَّحمن بن سعد (2) المؤذن ثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي وعمار أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات: بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"، ويقنت في الفجر، وكان يكبر من يوم عرفة صلاة الغداة، ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق.
قال الحاكم: صحيح (3).
وهو خبر منكر، لأن عبد الرَّحمن صاحب مناكير، وقد ضعفه يحيى بن معين (4).
وأما سعيد: فقال بعضهم (5): إن كان الكريزي فهو ضعيف، وإلَاّ فهو مجهول.
731 -
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا عمر بن الحسن بن علي الشيباني ثنا جعفر ابن محمد بن مروان ثنا أبو الطاهر أحمد بن عيسى ثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال: صليت خلف النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فكانوا يجهرون بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"(6).
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: أبو طاهر أحمد بن عيسى كذّاب (7).
(1) في "المستدرك": (الخراز)، والله أعلم.
(2)
في مطبوعة "المستدرك": (سعيد) خطأ، وهو على الصواب في "التلخيص" للذهبي، و"إتحاف المهرة" لابن حجر:(11/ 459 - رقم: 14426).
(3)
"المستدرك": (1/ 299).
(4)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (5/ 238 - رقم: 1123).
(5)
لعله الذهبي، فقد قال ذلك في "تلخيص المستدرك".
(6)
"سنن الدارقطني": (1/ 305).
من قوله: (صليت خلف) إلى هنا سقط من (ب).
(7)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 120 - رقم: 53).
732 -
وقد روى الحاكم بإسناده عن يونس بن بكير ثنا مِسْعَر عن محمد ابن قيس عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بـ " بسم الله الرَّحمن الرَّحيم "(1).
ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ من رواية يونس بن بكير عن مِسْعَر (2)، ثُمَّ قال: الصَّواب (أبو معشر).
ومحمد بن قيس: روى له مسلمٌ في "صحيحه"(3)، وقال ابن معين: ليس بشيءٍ (4).
(1)"المستدرك": (1/ 232 - 233).
(2)
كذا بالأصل و (ب) وفي مطبوعة "سنن الدارقطني": (معشر).
وانظر: "سنن البيهقي": (1/ 47) و"إتحاف المهرة" لابن حجر: (15/ 587 - رقم: 19946) مع تعليق محققه.
(3)
"رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (2/ 203 - رقم: 1503)، وانظر التعليق التالي.
(4)
في الرواة عن أبي هريرة اثنان اسمهما: محمد بن قيس، الأول: هو محمد بن قيس بن مخرمة المطلبي، وهو منسوب إلى الحجاز، وهذا روايته عن أبي هريرة عند مسلم؛ والثاني: محمد بن قيس المدني، قاص عمر بن عبد العزيز، وهذا له رواية عند مسلم لكن عن غير أبي هريرة.
ووقع في مطبوعة "سنن البيهقي": (2/ 47) تعيينه بمحمد بن قيس بن مخرمة. ولكن في النفس من هذا شيء، لأن أصحاب كتب التراجم - قبل البيهقي - التي اطلعنا عليها أجمعوا على أن شيخ أبي معشر هو محمد بن قيس المدني قاص عمر بن عبد العزيز (انظر:"العلل" لأحمد - برواية عبد الله -: 2/ 505 - رقم: 3328؛ و"التاريخ" لابن معين - برواية الدوري: 3/ 196 - رقم: 901؛ و"التاريخ الكبير" للبخاري: 1/ 213 - رقم: 666؛ و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: 8/ 63 - رقم 282)، ولم نجد أحدًا قبل البيهقي ذكر أنه ابن مخرمة.
وقد قال ابن الجوزى في "الضعفاء": (محمد بن قيس، يروى عنه أبو معشر، قال يحيى: ليس بشيء، لا يروى عنه الحديث) ا. هـ
والذي يبدو - والله أعلم - أن محمد بن قيس الذي قال فيه ابن معين هذه العبارة هو الأسدي الكوفي، كما في "الكامل" لابن عدي:(6/ 250 - رقم: 1728) من رواية معاوية عن يحيى. =
وأبو معشر: ضعَّفه غير واحدٍ.
وقد رُوي في الجهر أحاديث ضعيفة غير هذه لا حاجة إلى ذكرها، وقد ذكرت هذه الأحاديث وغيرها من الأحاديث الواردة في الجهر، وذكرت عللها والكلام عليها في كتابٍ مفردٍ، تتبَّعت فيه ما ذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في مصنَّفه، وهو كتابٌ متعوبٌ عليه، فمن أحبَّ الوقوف عليه فليسارع إليه (1).
وقد حصل للمؤلِّف فيما ذكره هنا من الكلام على تضعيف الأحاديث أوهامٌ عديدة، وتقصيٌر كثير، فإنَّه ضعَّف غير واحدٍ من الصَّادقين، وترك الكلام على غير واحدٍ من الضُّعفاء والمجهولين:
كتضعيفه إسماعيل بن أبان، وظنِّه أنَّه (القنوي) الكذَّاب، وإنَّما هو (الورَّاق) الثِّقة.
وكقدحه في فطر بن خليفة، وهو صدوقٌ، والحديث لم يثبت إليه، لجهالة من قبله.
وكظنِّه أنَّ عطاء الخراسانيَّ هو والد يعقوب، وإنَّما هو والد عثمان، ويعقوب هو ابن عطاء بن أبي رباح؛ ولو تتبَّعنا ما قصَّر فيه أو وهم لطال الكلام، والله الموفِّق للصَّواب O.
* * * * *
= وقد تابع الذهبيُّ ابنَ الجوزي - فيما يبدو - فنقل هذه العبارة في ترجمة محمد بن قيس المدني من "الميزان": (4/ 16 - رقم: 8091)، وتابعهما ابن عبد الهادي هنا فيما يظهر، والعلم عند الله.
والخلاصة: أن محمد بن قيس الذي في الإسناد هو المدني قاص عمر بن عبد العزيز، وأن كلمة ابن معين إنما ذكرها عنه ابن عدي في ترجمة محمد بن قيس الأسدي، والله أعلم.
(1)
قد لخص هذا الكتاب الحافظ الزيلعي رحمه الله في كتابه "نصب الراية": (1/ 335 - 358)، ولكن يبدو - والله أعلم - أن الزيلعي في بعض المواضع أضاف كلامًا من قبله.