الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة (282): الشَّهيد لا يصلَّى عليه، وهو قول الشَّافعيِّ
.
وعنه يصلَّى [عليه](1)، وهو قول أبي حنيفة ومالك.
لنا حديثان:
1378 -
الحديث الأوَّل: قال التِّرمذيُّ: ثنا قتيبة ثنا الليث عن ابن شهاب عن عبد الرَّحمن بن كعب بن مالك أنَّ جابر بن عبد الله أخبره أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرَّجلين من قتلى أحدٍ في الثَّوب الواحد، ثُمَّ يقول:" أيُّهما أكثر أخذاً للقرآن؟ " فإذا أشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللحد، وقال:" أنا شهيدٌ على هؤلاء يوم القيامة ". وأمر بدفنهم في ثيابهم، ولم يصلِّ عليهم، ولم يُغسَّلوا (2).
انفرد بإخراجه البخاريُّ (3).
1379 -
الحديث الثَّاني: قال الإمام أحمد: ثنا صفوان بن عيسى ثنا أسامة بن زيد عن الزُّهريِّ عن أنس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوم أحد يكفِّن الرَّجلين والثَّلاثة في الثَّوب الواحد، ودفنهم، ولم يصلِّ عليهم (4).
ز: رواه أبو داود عن أحمد بن صالح وسليمان بن داود المَهْريِّ عن ابن وهب عن أسامة بن زيد (5).
ورواه الحاكم من رواية ابن وهب أيضًا، وقال: على شرط مسلم (6).
(1) زيادة من (ب) و"التحقيق".
(2)
"الجامع": (2/ 342 - رقم: 1036).
(3)
"صحيح البخاري": (5/ 387)؛ (فتح - 7/ 374 - رقم: 4079).
(4)
"المسند": (3/ 128).
(5)
"سنن أبي داود": (4/ 28 - رقم: 3127).
(6)
"المستدرك": (1/ 365 - 366).
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: يشبه أن يكون حديث أسامة بن زيد محفوظًا (1).
وقال البخاريُّ - فيما حكاه عنه التِّرمذيُّ -: حديث عبد الرَّحمن بن كعب بن مالك عن جابر عبد الله هو حديثٌ حسنٌ، وحديث أسامة بن زيدٍ هو غير محفوظٍ، غلط فيه أسامة بن زيدٍ (2) O.
احتجُّوا:
1380 -
بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا ابن صاعد ثنا بندار ثنا ابن أبي عَدِيٍّ ثنا شعبة عن حصين عن أبي مالك قال: كان يجاء بقتلى أحد: تسعة وحمزة عاشرهم، فيصلِّي عليهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يدفنون التِّسعة ويَدعون حمزة، ويجاء بتسعة وحمزة عاشرهم، فيصلِّي عليهم، فيرفعون التِّسعة ويدَعون حمزة (3).
1381 -
وقال أحمد بن محمد بن النَّقُّور: ثنا عيسى بن عليٍّ أنا البغويُّ ثنا محمد بن جعفر الوركانيُّ ثنا سعيد بن ميسرة عن أنس قال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى على جنازة كبَّر عليها أربعًا، وأَنَّه كبَّر على حمزة سبعين تكبيرة (4).
1382 -
وقال ابن ماجه: ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا أبو بكر بن عيَّاش عن يزيد بن أبي زياد عن مِقْسم عن ابن عباس قال: أُتي بهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فجعل يصلِّي على عشرة عشرة، وحمزة كما هو، يُرفعون وهو كما هو موضوع (5).
ثُمَّ قد روي لنا أنَّه لم يصلِّ على غير حمزة:
(1) انظر: "المختارة" للضياء: (7/ 178 - ر قم: 2610).
(2)
"العلل الكبير": (ترتيبه - ص: 146 - رقم: 251).
(3)
"سنن الدارقطني": (2/ 78).
(4)
انظر: "الكامل" لابن عدي: (3/ 387 - 388 - رقم: 814) ترجمة سعيد بن ميسرة.
(5)
"سنن ابن ماجه": (1/ 485 - رقم: 1513).
1383 -
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا عبد الملك بن أحمد الدَّقَّاق ثنا يعقوب الدَّورقيُّ ثنا عثمان بن عمر ثنا أسامة بن زيد عن الزُّهريِّ عن أنس بن مالك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بحمزة، فكفنه بنمرة، ولم يصلِّ على أحدٍ من الشُّهداء غيره (1).
فإن قيل: قد قال الدَّارَقُطْنِيُّ: لم يقل هذه اللفظة غير عثمان بن عمر، وليست بمحفوظةٍ.
قلنا: عثمان مخرَّج عنه في "الصَّحيحين"(2)، والزِّيادة من الثِّقة مقبولةٌ.
وأمَّا حديثهم الأوَّل: فإنَّ حصينًا ضعيفٌ، قال يزيد بن هارون: كان قد نسي (3). وقال النَّسائيُّ: تغيرَّ (4).
وأمَّا الثَّاني: فقال البخاريُّ: سعيد بن ميسرة عنده مناكير (5). وقال ابن عَدِيٍّ: هو مظلم الأمر (6). وقال ابن حِبَّان: يروي الموضوعات (7).
وأمَّا الثَّالث: ففيه يزيد بن أبي زياد، قال ابن المبارك: ارم به. وقال البخاريُّ: منكر الحديث، ذاهبٌ. وقال النَّسائيُّ: متروك الحديث (8).
(1)"سنن الدارقطني": (4/ 116 - 117).
(2)
"التعديل والتجريح" للباجي: (3/ 949 - رقم: 1053)؛ "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (2/ 46 - رقم: 1117).
(3)
"التاريخ الكبير" للبخاري: (3/ 7 - 8 - رقم: 25).
(4)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 81 - رقم: 130).
(5)
" التاريخ الأوسط ": (2/ 124).
(6)
"الكامل": (1/ 388 - رقم: 814).
(7)
"المجروحون": (1/ 316).
(8)
انظر ما سيأتي في كلام المنقح، وما تقدم:(2/ 136) والتعليق عليه.
ز: حصين في الحديث الأوَّل: هو ابن عبد الرَّحمن الكوفيُّ، أحد الثِّقات المخرَّج لهم في "الصَّحيحين"(1).
والحديث مرسلٌ جيِّدٌ، قال البيهقيُّ: هو أصحُّ ما في هذا الباب (2).
1384 -
وقد رواه أبو داود في " المراسيل " عن محمد بن كثير عن سليمان - يعني: ابن كثير - عن حصين عن أبي مالك، ولفظه: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة فوُضع، وجيئَ بتسعةٍ فوضعوا، فصلَّى عليهم سبع صلوات، حتى صلُّوا على سبعين رجلاً، وفيهم حمزة في كلِّ صلاة صلَاّها (3).
وأبو مالك هو: الغفاريُّ، الكوفيُّ، واسمه: غزوان، وهو تابعيٌّ، روى عن جماعة من الصَّحابة، ووثَّقه يحيى بن معين (4) وغيره.
وحديث سعيد بن ميسرة عن أنس: لم يخرجوه، وسعيد متهمٌ بالوضع، قال الحاكم: روى عن أنس بن مالك أحاديث موضوعة، وكذَّبه يحيى بن سعيد القطَّان (5). وأخطأ ابن حِبَّان في قوله:(روى عنه يحيى القطَّان)(6) فإنَّ الرَّاوي عنه إنَّما هو يحيى بن سعيد العطَّار الحمصيُّ، وهو شيخٌ متكلَّم فيه، يروي عن الضُّعفاء كثيرًا، ويحيى بن سعيد القطَّان أجلُّ قدرًا من أن يروي عنه، وقد كذَّبه هو وغيره.
(1)"التعديل والتجريح" للباجي: (2/ 531 - رقم: 295)؛ "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/ 138 - رقم: 269).
(2)
"سنن البيهقي": (4/ 12).
(3)
" المراسيل ": (ص: 306 - رقم: 427).
(4)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 55 - رقم: 318) من رواية ابن أبي خيثمة.
(5)
" المدخل إلى الصحيح ": (1/ 140 - رقم: 65).
(6)
"المجروحون": (1/ 316)، وانظر:" تعليقات الدارقطني ": (ص: 105 - رقم: 111).
وحديث مِقْسم عن ابن عباس: من أفراد ابن ماجه، وقد قال البيهقيُّ: لا أحفظه إلا من حديث أبي بكر بن عيَّاش عن يزيد بن أبي زياد، وكانا غير حافظين (1).
وقد وهم المؤلِّف في كلامه على يزيد بن أبي زياد، فإنَّ ما حكاه عن البخاريِّ والنَّسائيِّ إنما هو في يزيد بن زياد، وقال (2): ابن أبي زياد الشَّاميُّ الرَّاوي عن الزُّهريِّ، وهو ضعيفٌ بلا خلاف.
وأمَّا راوي هذا الحديث فهو الكوفيُّ، ولا يقال فيه: ابن زياد، وهو ممَّن يكتب حديثه على لينه، وقد روى له مسلم مقرونًا بغيره (3)، وروى له أصحاب السُّنن (4)، وقال أبو داود: لا أعلم أحدًا ترك حديثه (5).
وقد جعل المؤلِّف هذين الرَّجلين واحدًا في كتاب " الضُّعفاء "(6)، وقد نبَّهنا على وهمه هناك، والله الموفق.
وحديث الزُّهريِّ عن أنس: رواه أبو داود عن عباس العنبريِّ عن عثمان ابن عمر (7).
ورواه الحاكم من رواية عثمان بن عمر وروح عن أسامة (8).
(1)"سنن البيهقي": (4/ 12).
(2)
كذا بالأصل و (ب)، ولعلها:(ويقال).
(3)
"رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (2/ 359 - رقم: 1873).
(4)
"تهذيب الكمال" للمزي: (32/ 135 - رقم: 6991).
(5)
" سؤالات الآجري ": (1/ 303 - رقم: 493).
(6)
"الضعفاء والمتروكون": (3/ 209 - رقم: 3781).
(7)
"سنن أبي داود": (4/ 29 - رقم: 3129).
(8)
"المستدرك": (1/ 365).