الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة (175): يقطع الصَّلاة الكلب الأسود البهيم، وفي المرأة
والحمار روايتان.
وحكى التِّرمذيُّ قال: قال أحمد: الذي لا أشك فيه أن الكلب الأسود يقطع الصَّلاة، وفي نفسي من الحمار والمرأة شيءٌ (1).
وقال أكثر الفقهاء: لا يقطع شيءٌ من ذلك.
912 -
قال الإمام أحمد: ثنا عفان ثنا شعبة قال: أخبرني حميد بن هلال أنَّه سمع عبد الله بن الصَّامت عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقطع صلاة الرَّجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرحل: المرأة، والحمار، والكلب الأسود ". قلت: فما بال الأسود من الأحمر؟ قال: ابن أخي، سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال:" الكلب الأسود شيطانٌ "(2).
913 -
قال أحمد: وثنا معاذ بن هشام ثنا أبي عن قتادة عن زرارة (3) بن أبي أوفى عن سعد (4) بن هشام عن أبي هريرة أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقطع الصَّلاة: المرأة، والكلب، والحمار "(5).
انفرد بإخراج الحديثين مسلمٌ.
914 -
قال أحمد: وثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن
(1)"الجامع": (1/ 370 - رقم: 338).
(2)
"المسند": (5/ 149)؛ "صحيح مسلم": (2/ 59)، (فؤاد -1/ 365 - رقم: 510).
(3)
في "التحقيق": (أبي زرارة) خطأ.
(4)
في مطبوعة "المسند": (سعيد) خطأ.
(5)
"المسند": (2/ 299)؛ "صحيح مسلم": (2/ 59 - 60)؛ (فؤاد - 1/ 365 - 366 - رقم: 511).
عبد الله بن مُغفَّل عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " يقطع الصَّلاة: المرأة، والكلب، والحمار "(1).
ز: عبد الله بن الصَّامت هو: ابن أخي أبي ذرٍّ الغفاريُّ البصريُّ، استشهد به البخاريُّ في "صحيحه"، واحتجَّ به مسلمٌ (2)، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه (3). وقال النَّسائيُّ: ثقةٌ (4). وذكره ابن حِبَّان في كتاب "الثِّقات"(5).
وقال البيهقيُّ: وأعرض محمد بن إسماعيل البخاريُّ عن الاحتجاج برواية عبد الله بن الصَّامت، واحتجَّ بها غيره من الحفَّاظ، وقد أشار الشَّافعيُّ إلى تضعيف الحديث في هذا الباب، وخلافه ما هو أثبت منه، فإمَّا أن يكون غير محفوظ، أو يكون المراد به أنَّه يلهو ببعض ما يمرُّ بين يديه فيقطعه عن الاشتغال بها، لا أنَّه يفسد الصَّلاة (6).
وقد سُئل الدَّارَقُطْنِيُّ عن حديث سعد بن هشام عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: " يقطع الصَّلاة: المرأة، والكلب، والحمار "، فقال: يرويه قتادة واختلف عنه:
فرواه هشام الدَّستوائيُّ، واختلف عن هشام:
فرواه معاذ بن هشام ومحمد بن أبي عدي عن هشام عن قتادة عن زرارة
(1)"المسند": (5/ 57).
(2)
"رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/ 369 - 370 - رقم: 806).
(3)
"الجرح والتعديل" لابنه: (5/ 84 - رقم: 388).
(4)
"تهذيب الكمال" للمزي: (15/ 121 - رقم: 3339).
(5)
"الثقات": (5/ 30).
(6)
"سنن البيهقي": (2/ 274).
ابن أبي أوفى (1) عن سعد بن هشام عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وقال يحيى القطان: عن هشام عن قتادة عن زرارة بن أوفى (2) عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وخالفه عبد الرَّحمن بن مهديٍّ وابن عليَّة ومسلم بن إبراهيم، رووه عن هشام عن قتادة عن زرارة عن أبي هريرة موقوفًا، ولم يذكروا فيه سعد بن هشام.
وكذلك رواه معاذ بن معاذ وابن أبي عدي عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة عن أبي هريرة موقوفًا.
ورواه ابن عُليَّة عن سعيد فخالفهم، فقال: عن قتادة عن زرارة عن سعد ابن هشام عن أبي هريرة، وقال فيه: أحسِبه ذكره عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
ورواه عبد الرَّحمن بن مهديٍّ عن همَّام (3) عن قتادة عن زرارة عن سعد ابن هشام عن أبي هريرة موقوفًا.
ورواه الحكم بن عبد الملك عن قتادة فقال: عن الحسن [عن أبي هريرة ورفعه. ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن](4) عن عبد الله بن مغفَّل عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وتابعه الخليل بن مُرَّة عن قتادة.
ورواه شعبة عن قتادة عن عروة عن عائشة موقوفًا.
ورواه حوشب عن الحسن عن الحكم بن عمرو الغفاريِّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
والصَّحيح حديث قتادة عن زرارة عن سعد عن أبي هريرة، وحديث
(1) كذا بالأصل و (ب)، وفي مطبوعة "العلل":(زرارة بن أوفى).
(2)
في (ب): (زرارة بن أبي أوفى).
(3)
في مطبوعة "العلل": (هشام) خطأ، وهمام هو: ابن يحيى.
(4)
سقط من الأصل و (ب)، واستدرك من "العلل".
قتادة عن الحسن عن عبد الله بن مغفَّل. انتهى كلامه (1).
وحديث عبد الله بن مغفَّل: رواه ابن ماجه أيضًا عن جميل بن الحسن العَتَكيِّ عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى (2)، وإسناده صحيحٌ.
915 -
وروى أبو يعلى الموصليُّ: ثنا زهير ثنا يحيى - هو ابن سعيد - عن شعبة ثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد يحدِّث عن ابن عباس - قال يحيى: لم يرفعه غير شعبة - قال: " يقطع الصَّلاة: المرأة الحائض، والكلب "(3).
ورواه أبو داود وقال: وقفه سعيد وهشام وهمَّام عن قتادة على ابن عباس (4).
ورواه النَّسائيُّ (5) وابن ماجه (6) وأبو حاتم البستيُّ (7) والطَّبرانيُّ (8).
916 -
وروى المحامليُّ: ثنا محمد بن موسى البصريُّ ثنا محمد بن عبد الله الأنصاريُّ ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعًا: " يقطع الصَّلاة: الكلب، والحمار، والمرأة "(9).
يحتمل أن يكون شيخ المَحامليِّ: محمد بن يونس بن موسى الكديميُّ،
(1)"العلل": (9/ 91 - 93 - رقم: 1657).
(2)
"سنن ابن ماجه": (1/ 306 - رقم: 951).
(3)
لم نقف عليه في الرواية المطبوعة من "مسند أبي يعلى"، وقد خرجه من طريقه - من رواية ابن المقرئ عنه -: الحافظ الضياء في "المختارة": (9/ 518 - رقم: 500).
(4)
"سنن أبي داود": (1/ 472 - رقم: 703).
(5)
"سنن النسائي": (2/ 64 - رقم: 751).
(6)
"سنن ابن ماجه": (1/ 305 - رقم: 949).
(7)
"الإحسان" لابن بلبان: (6/ 148 - رقم: 2387).
(8)
"المعجم الكبير": (12/ 140 - رقم: 12824).
(9)
ومن طريقه خرجه الضياء في "المختارة": (7/ 114 - رقم: 2538).
وهو ضعيفٌ.
917 -
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: حدَّثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم الأُشْنَانِيُّ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ثنا أبو حمزة الأنصاريُّ ثنا أبو زيد سعيد بن الرَّبيع الهرويُّ ثنا شعبة عن عبيد الله بن أبي بكر سمع أنسًا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " يقطع الصَّلاة: الحمار، والمرأة، والكلب "(1).
أبو حمزة الأنصاريُّ هو: أنس بن خالد O.
فإن قال قائلٌ: الحديث واحدٌ في حقِّ المرأة والحمار والكلب، فما وجه ما حكيتم عن أحمد أنَّه قال:(الذي لا أشكُّ فيه الكلب الأسود، وفي قلبي من المرأة والحمار شيءٌ)؟
قلنا: لأنَّه قد صحَّ في الحديث:
918 -
عن عائشة أنَّها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي وأنا معترضةٌ بين [يديه](2) كاعتراض الجنازة.
919 -
وصحَّ عن ابن عباس أنَّه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلِّي، فنزلت عن الحمار وتركته أمام الصفِّ، فما بالاه.
فهذا فهمٌ عجيب من أحمد حين رأى هذا مرويًّا في الحمار والمرأة ولم يجد شيئًا في الكلب الأسود (3).
احتجُّوا بخمسة أحاديث:
(1)"تاريخ بغداد": (7/ 49 - رقم: 3505).
(2)
في الأصل: (يدي)، والتصويب من (ب) و"التحقيق".
(3)
انظر: " مسائل الإمام أحمد " لأبي داود: (ص: 67 - رقم: 318) ولابنه عبد الله (2/ 340 - رقم: 484).
920 -
الحديث الأوَّل: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا إسحاق بن بهلول ثنا يحيى بن المتوكِّل ثنا إبراهيم بن يزيد ثنا سالم بن عبد الله عن أبيه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر قالوا: " لا يقطع صلاة المسلم شيءٌ، وادرأ ما استطعت "(1).
921 -
الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمد بن إسماعيل الفارسيُّ ثنا أحمد بن عبد الوهَّاب ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقطع صلاة المرء امرأةٌ ولا كلبٌ ولا حمار، وادرأ ما بين يديك ما استطعت "(2).
922 -
الحديث الثَّالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا إبراهيم بن حمَّاد ثنا أحمد ابن بديل ثنا أبو أسامة ثنا مُجالد عن أبي الودَّاك عن أبي سعيد عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقطع الصَّلاة شيءٌ "(3).
923 -
الحديث الرَّابع: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا أحمد بن الحسين ثنا أيُّوب ابن سليمان ثنا أبو اليمان ثنا [عفير](4) بن معدان عن سُليم بن عامر عن أبي أمامة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقطع الصَّلاة شيءٌ "(5).
924 -
الحديث الخامس: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الحسين بن الحسين (6)
(1)"سنن الدارقطني": (1/ 367 - 368).
(2)
"سنن الدارقطني": (1/ 368 - 369).
(3)
"سنن الدارقطني": (1/ 368).
(4)
في الأصل و (ب): (عقبة)، والتصويب من "التحقيق" و"سنن الدارقطني".
(5)
"سنن الدارقطني": (1/ 368).
(6)
في "التحقيق": (الحسن).
وفي هامش الأصل: (كان فيه: " الحسن " وهو وهم) ا. هـ
الأنطاكيُّ ثنا إبراهيم بن منقذ الخولانيُّ ثنا إدريس بن يحيى الخولانيُّ عن بكر بن مضر عن صخر بن عبد الله بن حرملة أنَّه سمع عمر بن عبد العزيز يحدِّث عن أنس عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " لا يقطع الصَّلاة شيءٌ "(1).
والجواب: أنَّ هذه الأحاديث كلَّها ضعاف:
أما الأوَّل: ففيه إبراهيم بن يزيد الخُوزيُّ، قال أحمد بن حنبل (2) والنَّسائيُّ (3): هو متروكٌ. وقال يحيى: ليس بشيءٍ (4).
وأمَّا الثَّاني: ففيه ابن أبي فَروة، قال أحمد: لا تحلُّ عندي الرِّواية عنه (5). وقال يحيى: كذَّابٌ (6). وقال الفلَاّس (7) والدَّارَقُطْنِيُّ (8): متروك الحديث.
وأمَّا الثَّالث: ففيه مُجالد، وقد ضعَّفه يحيى (9) والنَّسائيُّ (10) والدَّارَقُطْنِيُّ (11). وقال أحمد: ليس بشيءٍ (12). وقال ابن حِبَّان: لا يجوز
(1)"سنن الدارقطني": (1/ 367).
(2)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/ 146 - رقم: 480) من رواية ابنه صالح.
(3)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 45 - رقم: 14).
(4)
"التاريخ" برواية الدوري: (3/ 139 - رقم: 581).
(5)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/ 227 - رقم: 792) من رواية الجوزجاني.
(6)
المرجع السابق: (2/ 228 - رقم: 792) من رواية إسحاق بن منصور وعلي بن الحسن.
(7)
المرجع السابق، من رواية محمد بن إبراهيم.
(8)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 143 - رقم: 94) وفيه: (متروك).
(9)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (8/ 361 - 362 - رقم: 1653) من رواية ابن أبي خيثمة.
(10)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 213 - رقم: 552).
(11)
"الضعفاء" لابن الجوزي: (3/ 35 - رقم: 2851)، وانظر: ما تقدم: (1/ 141).
(12)
"الضعفاء الصغير" للبخاري: (ص: 490 - رقم: 368).
الاحتجاج به (1).
وأمَّا الرَّابع: ففيه عفير، قال أحمد: ضعيفٌ، منكر الحديث (2).
وقال يحيى: ليس بثقةٍ (3). وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: ليس بشيءٍ (4).
وأمَّا الخامس: ففيه صخر بن عبد الله، قال ابن عَدِيٍّ: يحدِّث عن الثِّقات بالأباطيل، عامة ما يرويه منكرٌ أو من موضوعاته (5). وقال ابن حِبَّان: لا تحلُّ الرِّواية عنه (6).
ز: حديث أبي سعيد: رواه أبو داود عن محمد بن العلاء عن أبي أسامة، ثُمَّ قال:
925 -
ثنا مسدَّد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا مُجالد ثنا أبو الودَّاك قال: مرَّ شابٌّ من قريش بين يدي أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه وهو يصلِّي، فدفعه، ثُمَّ عاد، فدفعه - ثلاثَ مرَّات -، فلمَّا انصرف قال: إنَّ الصَّلاة لا يقطعها شيءٌ، ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ادرؤوا ما استطعتم، فإنَّه شيطانٌ "(7).
وصخر بن عبد الله بن حرملة - الرَّاوي عن عمر بن عبد العزيز -: لم يتكلَّم فيه ابن عَدِيٍّ ولا ابن حِبَّان، بل ذكره ابن حِبَّان في "الثِّقات"(8)،
(1)"المجروحون": (3/ 10).
(2)
"الكامل" لابن عدي: (5/ 380 - رقم: 1544) من رواية أحمد بن أبي يحيى.
(3)
"التاريخ" برواية الدوري: (4/ 423 - رقم: 5088).
(4)
هذه الكلمة ذكرها ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل": (7/ 36 - رقم: 195) من رواية أبي حاتم عن دحيم.
(5، 6) انظر ما سيأتي في كلام المنقح.
(7)
"سنن أبي داود": (1/ 478 - 479 - رقمي: 719 - 720).
(8)
"الثقات": (6/ 473).
وقال النَّسائيُّ: هو صالحٌ (1). وإنَّما ضعَّف ابن عَدِيٍّ: صخر بن عبد الله الكوفيَّ، المعروف بـ (الحاجبيِّ)(2)، وهو متأخر عن ابن حرملة، روى عن مالك والليث وغيرهما.
وعلى تقدير ثبوت قول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: " لا يقطع الصَّلاة شيءٌ " لا يعارض به حديث أبي ذرٍّ وأبي هريرة وابن المغفَّل، لأنها خاصةٌ، فيجب تقديمها على العام O.
* * * * *
(1)" تهذيب الكمال" للمزي: (13/ 123 - رقم: 2857).
(2)
"الكامل": (4/ 92 - رقم: 943).