الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة (94): تعجيل العصر أفضل
.
وقال أبو حنيفة: تأخيرها أفضل ما لم تصفر الشَّمس.
لنا ثلاثة أحاديث:
أحدها: حديث أبي برزة، وقد تقدم (1).
والثَّاني: حديث أنس:
511 -
قال أحمد: ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمر عن الزُّهريِّ قال: أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّي العصر، فيذهب أحدنا إلى العوالي والشَّمس مرتفعة.
قال الزُّهريُّ: والعوالي على ميلين من المدينة وثلاثة. وأحسبه قال: وأربعة (2).
أخرجاه في "الصَّحيحين"(3).
512 -
طريق آخرٌ: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا القاضيان: أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل وأبو عمر محمد بن يوسف قالا: ثنا عبد الله بن شبيب ثنا أيُّوب بن سليمان ثنا أبو بكر بن أبي أويس حدَّثني سليمان بن بلال ثنا صالح بن كيسان عن حفص بن عبيد الله عن أنس بن مالك قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، فلما انصرف، قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله، إن عندي
(1) برقم: (509).
(2)
"المسند": (3/ 161).
(3)
"صحيح البخاري": (1/ 145)؛ (فتح - 2/ 28 - رقم: 551).
"صحيح مسلم": (2/ 109)؛ (فؤاد - 1/ 433 - رقم: 621).
جزوراً أريد أن أنحرها، فأحب أن تحضر. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرفنا، فنحرت الجزور، وصنع لنا منها، فطعمنا منها قبل أن تغيب الشَّمس؛ وكنا نصلِّي العصر مع رسول الله، فيسير الراكب ستة أميال قبل أن تغيب الشَّمس (1).
ز: عبد الله بن شبيب: ضعفه غير واحد، لكن قد روى الحديث مسلم بمعناه في الصَّلاة عن عمرو بن سواد ومحمد بن سلمة وأحمد بن عيسى، ثلاثتهم عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن موسى ابن سعد عن حفص بن عبيد الله (2) O.
513 -
الحديث الثَّالث: قال أحمد: ثنا أبو المغيرة عن الأوزاعي حدَّثني أبو النجاشي ثنا رافع بن خديج قال: كنا نصلِّي مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم صلاة العصر، ثم ننحر الجزور، فتقسم عشر قسم، ثم تطبخ، فنأكل لحماً نضيجاً، قبل أن تغيب الشَّمس (3).
أخرجاه في "الصَّحيحين"(4).
واسم أبي النجاشي: عطاء بن صهيب، وهو ثقة.
514 -
وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثني أبي ثنا محمد بن أبي بكر ثنا عبد السلام بن عبد الحميد ثنا موسى بن أعين عن الأوزاعي عن أبي النجاشي قال: سمعت رافع بن خديج يقول: قال رسول الله: " ألا أخبركم بصلاة
(1)"سنن الدارقطني": (1/ 255).
(2)
"صحيح مسلم": (2/ 110)؛ (فؤاد - 1/ 435 - رقم: 624).
(3)
"المسند": (4/ 141 - 142).
(4)
"صحيح البخاري": (3/ 624)؛ (فتح - 5/ 128 - رقم: 2485).
"صحيح مسلم": (2/ 110 - 111)؛ (فؤاد - 1/ 435 - رقم 625).
المنافق؟ أن يؤخر العصر حتى إذا كانت كثرب البقرة (1) صلاها " (2).
احتج الخصم بحديث وأثر:
515 -
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الحسين بن إسماعيل وأحمد بن علي بن العلاء قالا: ثنا أحمد بن المقدام ثنا أبو عاصم ثنا عبد الواحد بن نافع قال: دخلت مسجد المدينة، فأذن مؤذن بالعصر، وشيخ جالس، فلامه، وقال: إن أبي أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتأخير هذه الصَّلاة. فسألت عنه، فقالوا: هذا عبد الله بن رافع بن خديج (3).
ز: قال البيهقي - بعد ذكره حديث أبي النجاشي عن رافع بن خديج -: وهذه الرواية الصحيحة عن رافع بن خديج تدل على خطأ ما رواه عبد الواحد - أو: عبد الحميد - بن (4) نافع - أو: نفيع - الكلابي عن ابن رافع بن خديج عن أبيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم بتأخير العصر، وهو مختلفٌ في اسمه واسم أبيه، واختلف عليه في اسم ابن رافع: فقيل فيه: عبد الله؛ وقيل: عبد الرَّحمن.
قال البخاريُّ (5): لا يتابع عليه. واحتج على خطئه بحديث أبي النجاشي عن رافع.
(1) في " النهاية ": (1/ 209 - ثرب): (وفيه: " نهى عن الصَّلاة إذا صارت الشَّمس كالأثارب ": أي إذا تفرقت، وخصت موضعها دون موضع، عند المغيب، شبهها بالثروب، وهي: الشحم الرقيق الذي يغشى الكرش والأمعاء، الواحد: ثرب، وجمعها في القلة: أثرب، والأثارب: جمع الجمع) ا. هـ
(2)
"سنن الدارقطني": (1/ 252 - 253).
(3)
"سنن الدارقطني": (1/ 251).
(4)
في (ب): (عن) خطأ.
(5)
هو في "التاريخ الكبير": (5/ 89 - 90 - رقم: 243).
وقال أبو الحسن الدَّارَقُطْنِيُّ (1) - فيما أخبرنا أبو بكر [بن](2) الحارث عنه -: هذا حديثٌ ضعيف الإسناد، والصَّحيح عن رافع وغيره ضدُّ هذا (3) O.
516 -
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وأنا أبو بكر الشَّافعيُّ ثنا محمد بن شاذان ثنا معلَّى بن منصور ثنا عبد الرَّحيم بن سليمان ثنا الشيبانيُّ عن العباس بن ذَرِيح عن زياد بن عبد الله النَّخَعِيِّ قال: كنَّا جلوسًا مع عليٍّ عليه السلام (4) في المسجد الأعظم، فجاءه المؤذِّن، فقال: الصَّلاة يا أمير المؤمنين. فقال: اجلس.
فجلس، ثمَّ عاد فقال ذلك له، فقال عليٌّ: هذا الكلب يعلّمنا السُّنَّة! فقام عليٌّ فصلَّى بنا العصر، ثمَّ انصرفنا فرجعنا إلى المكان الذي كنَّا فيه جلوسًا، فجثونا للرُّكب، لنزول الشَّمس للمغيب نترآها (5).
والجواب:
أمَّا الحديث: فقال الدَّارَقُطْنِيُّ: ابن رافع ليس بالقويِّ، ولم يروه عنه غير عبد الواحد، ولا يصحُّ هذا الحديث عن رافع ولا عن غيره من الصَّحابة (6).
قلت: وقد قال أبو حاتم بن حِبَّان: عبد الواحد يروي عن أهل الحجاز المقلوبات، وعن أهل الشَّام الموضوعات، لا يحلُّ ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه (7).
(1) هو في "سنن الدارقطني": (1/ 251 - 252) بأطول مما هنا.
(2)
زيادة من (ب) و"سنن البيهقي".
(3)
"سنن البيهقي": (1/ 442 - 443).
(4)
كذا بالأصل و (ب)، ولا يشرع تخصيص أحد من الصحابة رضي الله عنهم بالتسليم، بل في ذلك مشابهة لأهل البدع، والله أعلم.
(5)
"سنن الدارقطني": (1/ 251).
(6)
"سنن الدارقطني": (1/ 251).
(7)
"المجروحون": (2/ 154).