الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1076 -
قال أبو داود: ثنا شجاع بن مَخْلد ثنا هُشيم أنا يونس بن عُبيد عن الحسن أنَّ عمر بن الخطَّاب جمع النَّاس على أُبيِّ بن كعب، فكان يصلِّي لهم عشرين ليلة "، ولا يقنت بهم إلا في النِّصف الباقي، فإذا كانت العشر الأواخر تخلَّف فصلَّى في بيته، فكانوا يقولون: أَبَقَ أُبيٌّ.
قال أبو داود: وهذان الحديثان يدلان على ضعف حديث أُبيٍّ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر (1).
1077 -
وقال ابن عَدِيٍّ: ثنا الحسين بن عبد الله القطَّان ثنا أيُّوب الوزَّان ثنا غسَّان بن عبيد ثنا أبو عاتكة عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في النِّصف من رمضان إلى آخره (2).
أبو عاتكة: طريف بن سلمان، وهو ضعيفٌ؛ وقال البيهقيُّ: هذا حديثٌ ضعيفٌ، لا يصحُّ إسناده (3) O.
* * * * *
مسألة (207): لا يسنُّ القنوت في الفجر
.
وقال مالكٌ والشَّافعيُّ: يسنُّ.
لنا تسعة أحاديث:
1078 -
الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: ثنا يزيد بن هارون أنا أبو مالك قال: قلت لأبي: يا أبت، إنَّك قد صلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي
(1)"سنن أبي داود": (2/ 256 - رقمي: 1423 - 1424).
(2)
"الكامل"(4/ 118 - رقم: 963).
(3)
"سنن البيهقي": (2/ 499).
بكر وعمر وعثمان وعليٍّ ههنا بالكوفة قريباً من خمس سنين، أكانوا يقنتون؟
فقال: أي بني محدثٌ (1).
1079 -
وقال النَّسائيُّ: أنا قتيبة عن خلف عن أبي مالك الأشجعيِّ عن أبيه قال: صلَّيت خلف النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فلم يقنت، وصلَّيت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصلَّيت خلف عمر فلم يقنت، وصلَّيت خلف عثمان فلم يقنت، وصلَّيت خلف عليٍّ فلم يقنت. ثُمَّ قال: يا بنيَّ، إنُّها بدعةٌ (2).
اسم أبي مالك: سعد بن طارق بن الأشيم، قال البخاريُّ: طارق بن الأشيم، له صحبة (3).
وهذا الإسناد صحيحٌ، وقد تعصَّب أبو بكر الخطيب فقال: في صحبة طارق نظرٌ. قال: وإن صحَّ الحديث حملناه على دعاءٍ أحدثه أهل ذلك العصر.
وهذا منه تعصُّبٌ باردٌ، إذ لا وجه للنَّظر بعد ثبوت صحبته عند البخاريِّ ومحمد بن سعدٍ (4) وغيرهما ممَّن ذكر الصَّحابة؛ وأمَّا حمله فحمل من لا يفهم، لأنَّ الإنكار كان للدُّعاء في ذلك الوقت، لا لنفس الدُّعاء.
ز: روى هذا الحديث أيضًا: ابن ماجه (5) والتِّرمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (6).
(1)"المسند": (3/ 472).
(2)
"سنن النسائي": (2/ 204 - رقم: 1080).
(3)
"التاريخ الكبير": (4/ 352 - رقم: 3113).
(4)
"الطبقات الكبرى": (6/ 5، 37).
(5)
"سنن ابن ماجه": (1/ 393 - رقم: 1241).
(6)
"الجامع": (1/ 428 - رقم: 402).
وقد وثَّق أبا مالك: الإمام أحمد بن حنبل (1) ويحيى بن معين (2) وأحمد ابن عبد الله العجليُّ (3)، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، يكتب حديثه (4).
وقال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ (5). وقال العقيليُّ: لا يتابع على حديثه عن أبيه في القنوت (6). وذكره أبو حاتم بن حِبَّان في كتاب "الثِّقات"(7).
وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج الأشبيليُّ النَّباتيُّ (8): يقال: أمسك يحيى القطَّان عن الرِّواية عنه (9).
وقد روى مسلم في "صحيحه" حديثين من رواية يزيد بن هارون عن أبي مالك عن أبيه سوى هذا (10).
وقال البيهقيُّ: طارق بن أشيم الأشجعيُّ لم يحفظه عن من صلَّى خلفه، فرآه محدثاً، وقد حفظه غيره، فالحكم له دونه (11).
(1)"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (4/ 87 - رقم: 378) من رواية الأثرم.
(2)
" من كلام ابن معين في الرجال " برواية ابن طهمان: (ص: 87 - رقم: 276).
(3)
"الثقات": (ترتيبه - 1/ 391 - رقم: 565).
(4)
"الجرح والتعديل" لابنه: (4/ 87 - رقم: 378).
(5)
"تهذيب الكمال" للمزي: (10/ 270 - رقم: 2211).
(6)
"الضعفاء الكبير": (2/ 119 - رقم: 597).
(7)
"الثقات": (4/ 294).
(8)
هو صاحب كتاب " الحافل " الذي ذيَّل به على كتاب "الكامل" لابن عدي، وكانت وفاته سنة (637).
انظر: " سير أعلام النبلاء ": (23/ 58 - رقم: 40) و" تذكرة الحفاظ ": (4/ 1425 - رقم: 1138).
(9)
" ميزان الاعتدال " للذهبي: (2/ 122 - رقم: 3116).
وانظر: "الضعفاء الكبير" للعقيلي: (2/ 119 - رقم: 597).
(10)
انظر: "تحفة الأشراف": (4/ 205 - 206 - رقمي: 4977 - 4978).
(11)
"سنن البيهقي": (2/ 213).
كذا قال.
وقال غيره: ليس في هذا الحديث دليلٌ على أنَّهم ما قنتوا قطُّ، بل [](1) اتَّفق أن طارقًا صلَّى خلف كلٍّ منهم، وأخير بما رأى، ومن المعلوم أنَّهم كانوا يقنتون في النَّوازل، وهذا الحديث يدلُّ على أنَّهم ما كانوا يحافظون على قنوتٍ راتبٍ O.
1080 -
الحديث الثَّاني (2): قال الخطيب في كتاب "القنوت" له: أخبرني عُبيد الله بن أبي الفتح ثنا المعافى بن زكريا (3) ثنا محمد بن مرزوق ثنا محمد ابن عبد الله الأنصاريُّ ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقومٍ أو دعا على قومٍ (4).
ز: هذا إسنادٌ صحيحٌ، والحديث نصٌّ في أنَّ القنوت مختصٌّ بالنَّازلة.
1081 -
وروى أبو حاتم بن حِبَّان من حديث إبراهيم بن سعد عن الزُّهريِّ عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحدٍ أو يدعو على أحدٍ (5).
(1) أقحمت في الأصل: (إن)، والتصويب من (ب)، وهذ الكلام للذهبي في "تنقيحه"، وفيه كالذي بـ (ب).
(2)
وقع في النسخة (ب) بدل (الحديث الثاني): (مسألة) وكذا في الأحاديث التالية إلى الحديث التاسع، ويبدو والله أعلم أن أعداد الأحاديث كانت مكتوبة في الأصل الذي اعتمده الناسخ بالحمرة كعناوين المسائل، ويبدو أيضًا أنها تأثرت بمرور الزمن فلم تصبح واضحة، فظن الناسخ أن أعداد الأحاديث عناوين لمسائل! وهذا مما يؤكد أنه لم يكن من أهل العلم.
(3)
في هامش الأصل: (حـ: سقط رجل، فيحتمل أن يكون ابن جرير) ا. هـ وهذا يحتاج إلى مزيد تحرير، والمعافى بن زكريا لم يسمع من ابن جرير، والله أعلم.
(4)
وهو عند ابن خزيمة في "صحيحه": (1/ 314 - رقم: 620) من طريق ابن مرزوق.
وانظر: "إتحاف المهرة" لابن حجر: (2/ 208 - رقم: 1565).
(5)
لم نقف عليه في "الإحسان" لابن بلبان، ولا ذكره الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة": =
رواته ثقات O.
1082 -
الحديث الثَّالث: قال الخطيب: وأخبرني الحسين بن أبي الحسن ثنا عمر بن أحمد الواعظ ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا الحسن بن عليٍّ ابن عفَّان ثنا عبد الحميد الحمَّانيُّ عن سفيان عن عاصم عن أنس بن مالك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يقنت إلا شهرًا واحدًا حتى مات.
فإن قالوا: عبد الحميد قد ضعَّفه أحمد (1).
قلنا: قد وثَّقه يحيى بن معين (2).
ز: عبد الحميد بن عبد الرَّحمن أبو يحيى الحمَّانيُّ: روى له البخاريُّ في "صحيحه"(3).
وابن سعيد هو: ابن عقدة الحافظ، وهو صاحب مناكير O.
1083 -
الحديث الرَّابع: قال أبو بكر أحمد بن عليٍّ: وأنا أحمد بن أبي
= (14/ 728 - رقم: 18597).
وهو عند ابن خزيمة في "صحيحه": (2/ 153 - رقم: 1097) ولكنه قدم المتن على الإسناد.
(تنبيه) قال السيوطي في " تدريب الراوي ": (1/ 557 - النوع: 26): (فائدة: قال شيخ الإسلام - أي: ابن حجر -: تقديم الحديث على السند يقع لابن خزيمة إذا كان في السند من فيه مقال فيبتدئ به، ثم بعد الفراغ يذكر السند.
قال: وقد صرح ابن خزيمة بأن من رواه على غير ذلك الوجه لا يكون في حل منه، فحينئذ ينبغي أن يمنع هذا ولو جوزنا الرواية بالمعنى) ا. هـ
وانظر: "فتح الباري" لابن حجر: (8/ 559 - كتاب التفسير - الباب رقم: 41).
(1)
"المعرفة" للفسوي: (3/ 82)؛ "الكامل" لابن عدي: (5/ 321 - رقم: 1470).
(2)
"التاريخ" برواية الدوري: (3/ 270، 516 - رقمي: 1273، 2522)، وبرواية الدارمي:(ص: 186 - رقم: 674).
(3)
"التعديل والتجريح" للباجي: (2/ 909 - رقم: 977).
جعفر أنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب ثنا إسحاق بن بيان أنا أبو همَّام ثنا عمر بن عبد الواحد عن ابن ثوبان عن الحسن بن الحرِّ عن إبراهيم عن الأسود عن عمر ابن الخطَّاب أنَّه لم يكن يقنت إلا أن يستنصر، قال: ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر.
فإن قالوا: ابن ثوبان ضعيفٌ.
قلنا: قد قال يحيى: ليس به بأس (1).
ز: ابن ثوبان هو: عبد الرَّحمن بن ثابت بن ثوبان، قال الإمام أحمد: أحاديثه مناكير (2). ووثَّقه أبو حاتم (3) وغيره، وقال أبو زرعة: لا بأس به (4).
وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ (5) O.
1084 -
الحديث الخامس: قال أحمد بن عليِّ بن ثابت: وأنا الحسين ابن عمر بن برهان ثنا إسماعيل بن محمد الصَّفَّار أنا عبد الرَّحمن بن مرزوق ثنا شبابة ثنا قيس بن الرَّبيع عن عاصم بن سليمان قال: قلنا لأنس: إنَّ قومًا يزعمون أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت بالفجر. فقال: كذبوا، إنَّما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا واحدًا، يدعو على حيٍّ من أحياء المشركين.
فإن قالوا: انفرد به قيس بن الرَّبيع، وقد ضعَّفه يحيى (6).
قلنا: قد كان شعبة يثني عليه (7).
(1)"التاريخ" برواية الدوري: (4/ 463 - رقم: 5307).
(2)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (5/ 219 - رقم: 1031) من رواية الأثرم.
(3)
"الجرح والتعديل" لابنه: (5/ 219 - رقم: 1031).
(4)
المرجع السابق.
(5)
"الكامل" لابن عدي: (4/ 281 - رقم: 1109).
(6)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 98 - رقم: 553) من رواية ابن أبي خيثمة.
(7)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 98 - رقم: 553).
1085 -
الحديث السَّادس: قال الإمام أحمد: ثنا يحيى عن هشام ثنا قتادة عن أنس قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا بعد الرُّكوع، يدعو على حيٍّ من أحياء العرب، ثُمَّ تركه (1).
أخرجاه في "الصَّحيحين"(2).
1086 -
الحديث السَّابع: قال الحافظ أبو بكر الخطيب: ثنا الحسن بن الحسن بن المنذر ثنا عثمان بن أحمد ثنا إبراهيم بن الهيثم ثنا أبو غسَّان ثنا شريك عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه لم يكن يقنت في شيءٍ من الصَّلوات إلا الوتر، وكان إذا حارب قنت في الصَّلوات كلِّها، يدعو على المشركين.
وفي لفظٍ يرويه أبو حمزة أيضًا عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة إلا ثلاثن ليلة، كان يدعو على فخذٍ من بني سليم، ثُمَّ تركه بعد.
أبو حمزة: اسمه ميمون، قال أحمد بن حنبل: هو متروك الحديث (3).
وقال يحيى بن معين: لا يكتب حديثه، ليس بشيءٍ (4). وقال النَّسائيُّ: ليس بثقةٍ (5).
1087 -
الحديث الثَّامن: قال أبو بكر بن ثابت: وثنا عليُّ بن أبي
(1)"المسند": (3/ 115).
(2)
"صحيح البخاري": (5/ 390)؛ (فتح - 7/ 385 - رقم: 4089).
"صحيح مسلم": (2/ 137)؛ (فؤاد - 1/ 469 - رقم: 677).
(3)
"العلل" برواية عبد الله: (2/ 488 - رقم: 3214).
(4)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (8/ 236 - رقم: 1061) من رواية ابن أبي خيثمة.
(5)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 222 - رقم: 581).
عليٍّ المعدِّل أنا أبو زرعة أحمد بن الحسين الرَّازيُّ ثنا عبد الرَّحمن بن محمد الحنظليُّ ثنا أبي ثنا هشام بن عبيد الله ثنا ابن جابر عن حمَّاد عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: قال عبد الله: ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيءٍ من الصَّلوات إلا في الوتر، وأنَّه كان إذا حارب يقنت في الصَّلاة كلِّها يدعو على المشركين، وما قنت أبو بكر ولا عمر ولا عثمان حتى ماتوا، ولا قنت عليٌّ حتى حارب أهلَ الشَّام.
ابن جابر: اسمه محمد، وقد ضعَّفه يحيى (1) والنَّسائيُّ (2)، وقال أحمد بن حنبل: لا يحدِّث عنه إلا من هو شرٌّ منه (3). وقال الفلَاّس: متروك الحديث (4).
1088 -
الحديث التَّاسع: قال الخطيب: وأنا محمد بن عبد الملك ثنا عليُّ بن عمر ثنا أحمد بن إسحاق بن البهلول قال: حدَّثني أبي ثنا محمد بن يعلى السُّلميُّ عن عنبسة بن عبد الرَّحمن عن ابن نافع عن أبيه عن أمِّ سلمة قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القنوت في الفجر.
محمد بن يعلى: ليس بشيءٍ، قال أبو حاتم الرَّازيُّ: هو متروكٌ (5).
وقال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به فيما خالف الثِّقات (6).
وقد روى هذا الحديث هيَّاج بن بسطام عن عنبسة عن ابن نافع عن أبيه عن صفيَّة بنت أبي عبيد عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(1)"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 219 - رقم: 1215) من رواية الدوري، ولم نر التصريح بالتضعيف في النسخة المطبوعة من "التاريخ".
(2)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 207 - رقم: 533)، وفيه:(اليماني) وصوابه: (اليمامي).
(3)
"الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي: (3/ 46 - رقم: 2910).
(4)
"الكامل" لابن عدي: (6/ 148 - رقم: 1646).
(5)
"الجرح والتعديل" لابنه: (8/ 131 - رقم: 587) وفيه: (متروك الحديث).
(6)
"المجروحون": (2/ 267 - 268).
قال أحمد: هيَّاج متروك الحديث (1). وقال يحيى: ليس بشيءٍ (2).
وقال ابن حِبَّان: يروي المعضلات عن الثِّقات (3).
وقال يحيى: وعنبسة ليس بشيءٍ (4). وقال النَّسائيُّ: متروكٌ (5).
وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: كان يضع الحديث (6). وقال ابن حِبَّان: هو صاحب أشياء موضوعة، لا يحلُّ الاحتجاج به (7).
وأمَّا ابن نافع: فاسمه عبد الله، قال يحيى: ليس بشيءٍ (8). وقال عليٌّ: يروي أحاديث منكرة (9). وقال النَّسائيُّ: متروك الحديث (10).
ونافع لم يصحّ له سماع من أمِّ سلمة (11).
وصفيَّة بنت أبي عبيد لم تدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والاعتماد على الأحاديث الأُول، دون هذه المتأخرة، وإنَّما ذكرناها بعللها لئلا يظنَّ ظانٌّ أنَّا تركنا ما يحتجُّ به.
(1)"الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي: (3/ 178 - رقم: 3617).
(2)
"التاريخ" برواية الدوري: (3/ 278 - رقم: 1329).
(3)
"المجروحون": (3/ 96).
(4)
"التاريخ" برواية الدوري: (4/ 414 - رقم: 5040)، ورواية ابن الجنيد:(ص: 387 - رقم: 471) وفيها: (ضعيف الحديث، ليس بشيء).
(5)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 169 - رقم: 428) وفيه: (متروك الحديث).
(6)
"الجرح والتعديل" لابنه: (6/ 403 - رقم: 2247).
(7)
"المجروحون": (2/ 178).
(8)
"المجروحون" لابن حبان: (2/ 20) من رواية ابن أبي خيثمة.
(9)
"الضعفاء الكبير" للعقيلي: (2/ 311 - رقم: 895) من رواية إسماعيل القاضي.
(10)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 145 - رقم: 344).
(11)
في هامش الأصل: (حـ: روى عبد الله عن نافع قال: سألت أم سلمة) ا. هـ
ز: روى حديث أمِّ سلمة: ابن ماجه عن حاتم بن بكر (1) الضَّبِّيِّ عن محمد بن يعلى زُنْبُور (2) O.
وفد احتجَّ الخصم بأحاديث، وأحاديثهم تنقسم أربعة أقسام:
أحدها: ما هو مطلق، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت؛ وهذا لا تنازع فيه، لأَنَّه قد ثبت أنَّه قنت.
والثَّاني: مقيَّدٌ بأنَّه قنت في صلاة الصُّبح، وهذا لا نزاع فيه، لأنَّه قد فعل ذلك شهرًا.
والثَّالث: لفظ محتمل (كان يقنت في الصُّبح) فنحمله على ما فعله شهر [اً](3) بأدلتنا، ومنه:
1089 -
ما رواه التِّرمذيُّ: ثنا قتيبة ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مُرَّة عن ابن أبي ليلى عن البراء بن عازب أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصُّبح والمغرب (4).
ز: رواه الإمام أحمد (5) ومسلم (6) وأبو داود (7) والنَّسائيُّ (8)، وقال التِّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ.
(1) في مطبوعة "سنن ابن ماجه": (نصر) خطأ.
(2)
"سنن ابن ماجه": (1/ 393 - 394 - رقم: 1242).
(3)
زيادة من (ب) و"التحقيق".
(4)
"الجامع": (1/ 427 - رقم: 401).
(5)
"المسند": (4/ 280، 285).
(6)
"صحيح مسلم": (2/ 137)؛ (فؤاد - 1/ 470 - رقم: 678).
(7)
"سنن أبي داود": (2/ 263 - رقم: 1436).
(8)
"سنن النسائي": (2/ 202 - رقم: 1076).
ولم يذكر بعض الرُّواة (المغرب)، وقال الإمام أحمد بن حنبل: ليس يروى عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قنت في المغرب إلا في هذا الحديث (1) O.
1090 -
أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال: أنبأنا أبو محمد الجوهريُّ أنا عليُّ بن محمد بن لؤلؤ أنا أحمد بن الوليد بن إبراهيم الأزديُّ ثنا عبد الله بن عبد المؤمن ثنا عمر بن حبيب عن هشام عن الحسن عن أنس أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقنت بعد الرُّكوع في صلاة الصُّبح في الرَّكعة الأخيرة.
ز: هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فإنَّ عمر بن حبيب هو: العدويُّ القاضي، وقد كذَّبه يحيى بن معين في رواية (2)، وضعَّفه في أخرى (3)، وقال البخاريُّ: يتكلَّمون فيه (4). وقال النَّسائيّ: ضعيفٌ (5). وقال ابن عَدِيٍّ: هو حسن الحديث، يكتب حديثه مع ضعفه (6). وقال ابن حِبَّان: لا يجوز الاحتجاج به (7).
وعبد الله بن عبد المؤمن الواسطيُّ: محلُّه الصِّدق، وقد روى عنه ابن ماجه، وذكره ابن حِبَّان في "الثِّقات"(8).
وأحمد بن الوليد: ذكره الخطيب في "تاريخه" وقال: كان صدوقًا (9) O.
(1)" المسند": (4/ 280).
(2)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (6/ 105 - رقم: 553) من رواية ابن أبي حاتم قال: قرئ على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين.
(3)
"التاريخ" برواية الأصم عن الدوري: (4/ 134 - رقم: 3558)، وكذا في " تاريخ بغداد " للخطيب:(11/ 199 - رقم: 5903) من رواية الحسن بن أحمد قال: قرئ على العباس بن محمد
…
إلخ.
(4)
"التاريخ الكبير": (6/ 148 - رقم: 1987).
(5)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 182 - رقم: 471).
(6)
"الكامل": (5/ 39 - رقم: 1208).
(7)
"المجروحون": (2/ 89).
(8)
"الثقات": (8/ 366).
(9)
"تاريخ بغداد": (5/ 189 - 190 - رقم: 2645).
واللفظ الرَّابع صريحٌ فيه (1) حجَّتهم:
1091 -
قال الإمام أحمد: ثنا عبد الرَّزَّاق أنا أبو جعفر الرَّازيُّ عن الرَّبيع بن أنس عن أنس بن مالك قال: مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدُّنيا (2).
1092 -
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: أنا عبد الله بن يحيى السُّكَّريُّ أنا جعفر بن محمد بن أحمد الواسطيُّ ثنا موسى بن إسحاق ثنا يحيى بن بشر ثنا جعفر الأحمر عن عيسى بن ماهان عن الرَّبيع بن أنس قال: كنت عند أنس بن مالك، فجاء رجلٌ فقال: ما تقول في القنوت؟ فبدره رجلٌ فقال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا. فقال أنس: ليس كما تقول، قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبضه الله عز وجل.
1093 -
قال الخطيب: وأنا البرقانيُّ أنا إبراهيم بن محمد المزكيُّ أنا أحمد ابن محمد الأزهر ثنا أبو حمة محمد بن يوسف ثنا عبد الرَّزَّاق أنا سفيان عن أبي جعفر الرَّازيِّ عن الرَّبيع بن أنس عن أنس قال: مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى فارق الدُّنيا.
1094 -
قال الخطيب: وأنا أبو القاسم الأزهريُّ أنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عتبة (3) أنا أبو بكر بن زياد النَّيسابوريُّ ثنا أحمد بن يوسف السُّلميُّ ثنا عبيد الله بن موسى ثنا أبو جعفر الرَّازيُّ عن الرَّبيع بن أنس عن أنس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرًا، يدعو عليهم، ثُمَّ تركه، وأمَّا في الصُّبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدُّنيا.
(1) كذا بالأصل و (ب) و"التحقيق".
(2)
"المسند": (3/ 162).
(3)
في (ب) و"التحقيق": (عقبة).
1095 -
قال الخطيب: وأنا إبراهيم بن عمر البرمكيُّ أنا أبو الفتح محمد بن الحسين الحافظ (1) أنا إبراهيم بن عبد العزيز ثنا أحمد بن حمدون ثنا ابن عمَّار (2) ثنا عمر بن أيُّوب عن قيس بن الرَّبيع عن أبي حصين قال: قلت لأنس ابن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك القنوت؟ قال: والله ما زال يقنت حتى لحق بالله.
1096 -
قال الخطيب: وأنا ابن الفضل أنا أحمد بن عثمان الآدميُّ ثنا [الحسن](3) بن الفضل الزَّعفرانيُّ ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث بن سعيد عن عمرو بن عبيد عن الحسن قال: قيل لأنس بن مالك: إنَّما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا. قال: مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى مات، وأبو بكر حتى مات، وعمر حتى مات.
1097 -
قال الخطيب: وأنا محمد بن أحمد بن رزق (4) أنا أحمد بن كامل القاضي ثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن غالب ثنا دينار بن عبد الله خادم أنس بن مالك عن أنس بن مالك قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصُّبح حتى مات.
1098 -
قال الخطيب: وأنا البرقانيُّ أنا أبو بكر الإسماعيليُّ ثنا موسى ابن عيسى بن محمد بن حكيم ثنا صهيب بن محمد بن عبَّاد ثنا حسين بن حكيم
(1) في هامش الأصل: (حـ: ينظر في إبراهيم ومحمد) ا. هـ ولسنا بمتحققين من موضع هذا الهامش.
(2)
في هامش الأصل: (حـ: هو محمد بن عبد الله بن عمَّار الموصلي الحافظ، شيخ النسائي) ا. هـ
(3)
في الأصل و (ب): (الحسين)، والتصويب من "التحقيق".
وفي هامش الأصل: (حـ: هو البوصرائي، تكلم فيه []) ا. هـ
والكلمة الأخيرة لم نتمكن من قراءتها، وانظر:"تاريخ بغداد": (7/ 401 - رقم: 3943).
(4)
في "التحقيق": (أبزى).
البصريُّ ثنا السَّريُّ بن عبد الرَّحمن عن أيُّوب عن الحسن ومحمد عن أنس قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت حتى مات.
والجواب:
أنَّ جميع هذه الأحاديث الصَّريحة ضعاف:
أمَّا الأربعة الأوائل: فراويها أبو جعفر الرَّازيُّ، واسمه عيسى بن ماهان، قال عليُّ بن المدينيِّ: كان يخلِّط (1). وقال يحيى: كان يخطئ (2).
وقال أحمد بن حنبل: ليس بقويٍّ في الحديث (3). وقال أبو زرعة: كان يهم كثيرًا (4). وقال ابن حِبَّان: كان يتفرَّد بالمناكير عن المشاهير (5).
وأمَّا حديث أبي حصين: فيرويه قيس بن الرَّبيع، قال يحيى: ليس بشيءٍ (6). وقال أحمد: كان كثير الخطأ في الحديث، وروى أحاديث منكرة (7).
ثُمَّ إنَّ الرَّاوي عنه عمر بن أيُّوب، قال ابن حِبَّان: لا يحلُّ الاحتجاج به (8).
وأمَّا حديث عمرو بن عبيد: فقال أيُّوب السَّختيانيُّ (9) ويونس (1):
(1)"تاريخ بغداد" للخطيب: (11/ 146 - رقم: 5843) من رواية ابنه عبد الله.
وانظر ما تقدم: (1/ 175 - تعليق رقم: 2).
(2)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (11/ 146 - 147 - رقم: 5843) من رواية ابن أبي مريم.
(3)
"العلل" برواية عبد الله: (3/ 133 - رقم: 4578).
(4)
" سؤالات البرذعي لأبي زرعة ": (2/ 443) وفيه: (شيخ يهم كثيرًا).
(5)
"المجروحون": (2/ 120).
(6)
"الكامل" لابن عدي: (6/ 39 - رقم: 1586) من رواية أبي يعلى.
(7)
الجملة الأولى: في "الكامل" لابن عدي: (6/ 39 - رقم: 1586) من رواية أبي طالب، والجملة الثانية: في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 97 - 98 - رقم: 553) من رواية حرب الكرماني.
(8)
انظر ما سيأتي في كلام المنقح.
(9)
انظر: " مقدمة صحيح مسلم ": (1/ 18)؛ (فؤاد - 1/ 23).
(10)
" مقدمة صحيح مسلم ": (1/ 17)؛ (فؤاد - 1/ 22). ويونس هو: ابن عبيد.
كان عمرو يكذب في الحديث. وقال ابن المدينيِّ: ليس بشيءٍ (1). وقال النَّسائيُّ: متروكٌ (2).
وأمَّا حديث دينار: فإيراد الخطيب له محتجًا به، مع السكوت عن القدح فيه وقاحةٌ عند علماء النَّقل، وعصبيَّةٌ باردةٌ، وقلَّة دينٍ، لأنَّه يعلم أنَّه باطل، قال أبو حاتم بن حِبَّان: دينار يروي عن أنس أشياء موضوعة، لا يحلُّ ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه (3).
فواعجباً للخطيب! أما سمع في الحديث الصَّحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حدَّث عنِّي حديثًا يرى أنَّه كذبٌ، فهو أحد الكاذبين "، وهل مثله إلا كمثل من أنفق بهرجًا ودلَّسه، فإن أكثر النَّاس لا يعرفون الكذب من الصَّحيح، وإذا أورد الحديث محدثٌ حافظٌ، وقع في النُّفوس أنَّه ما احتجَّ به إلا وهو صحيحٌ، ولكنَّ عصبيَّته معروفةٌ، ومن نظر من علماء النَّقل في: كتابه الذي صنَّفه في القنوت، وكتابه الذي صنَّفه في الجهر، ومسألة الغيم، واحتجاجه بالأحاديث التي يعلم وهاءها = عَلِم فرط عصبيَّته.
1099 -
وقد روى في كتاب "القنوت" من حديث حمَّاد بن زيد عن العوَّام - رجلٌ من بني مازن - أنَّ أبا بكر وعمر قنتا.
أترى هذا يثبت برجلٍ مجهولٍ (4)؟!
(1) انظر: "تاريخ بغداد": (12/ 184 - رقم: 6652) من رواية ابنه عبد الله.
(2)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 174 - رقم: 445) وفيه: (متروك الحديث).
(3)
"المجروحون": (1/ 295).
(4)
في هامش الأصل: (حـ: العوام بن حمزة المازني ليس بمجهول، لكن تكلم فيه أحمد ويحيى ابن معين، وروى عنه القطان، وقال: ما أقربه من مسعود بن علي. ومسعود بن علي لم يكن به بأسٌ) ا. هـ
وروى من طريق جابر الجُعفيِّ عن عمر وعليٍّ، وجابرٌ كذَّاب.
وروى عن عليٍّ من طريق فطر، وهو ضعيفٌ (1).
وعن ابن عباس من طريق عمر بن حبيب، وقال يحيى: كان عمر يكذب (2).
ومن طريق خلاس بن عمرو، وكان لا يعبأون بحديثه (3)(*)، والبهارج لا تخفى على النُّقاد (4).
وأما حديث السَّريِّ (5): ففيه مجاهيل.
ثُمَّ جميع هذه الأحاديث محمولةٌ على أَنَّه لم يترك الدُّعاء عند النَّوازل، والكلام في غير النَّوازل.
ز: أجود هذه الأحاديث حديث أبي جعفر الرَّازيِّ، وله طرقٌ عدَّةٌ في كتاب "القنوت" للحافظ أبي موسى المدينيِّ.
1100 -
قال المحَامليُّ: ثنا أحمد بن منصور وأحمد بن عيسى قالا: ثنا أبو نُعيم ثنا أبو جعفر الرَّازيُّ عن الرَّبيع بن أنس قال: كنت جالسًا عند أنس، فقيل له: إنَّما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا. فقال: ما زال يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدُّنيا.
(1) في هامش الأصل: (حـ: فطر بن خليفة روى له البخاري مقرونًا بغيره، وهو صدوق، وفيه تشيع يسير) ا. هـ
(2)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (6/ 105 - رقم: 553).
وانظر ما تقدم قريبًا (ص: 438).
(3)
في هامش الأصل: (حـ: خلاس بن عمرو الهجري روى له الجماعة - البخاري مقرونًا بغيره -، ووثقه أحمد وابن معين وأبو داود، وتكلم فيه أبو حاتم وغيره) ا. هـ
(4)
انظر مناقشة العلامة الحافظ عبد الرحمن المعلمي لابن الجوزي في كتابه " التنكيل ": (1/ 149 - 154).
(5)
في "التحقيق": (السدي) خطأ.
_________
(*) قال معد الكتاب للشاملة: بحثت لتصحيح العبارة لكن لم أجد في كتب الرجال والتراجم إلا: كان مغيرة لا يعبأ بحديث خلاس بن عمرو
1101 -
وقال الحافظ أبو موسى: أنا الحدَّاد أنا أبو نعيم ثنا فاروق ثنا أبو مسلم ثنا أبو عمر الضَّرير ثنا النُّعمان بن عبد السَّلام عن أبي جعفر الرَّازيِّ عن الرَّبيع عن أنس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت حتى مات.
1102 -
وقال ابن المقرئ: ثنا أبو يعلى ثنا زهير ثنا وكيع ثنا أبو جعفر الرَّازيُّ عن الرَّبيع عن أنس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الفجر (1).
قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ سنده، وثقةٌ رواته، ذاكرت به بعض الحفَّاظ فقال: غير الرَّبيع بن أنس. فما زلت أتأمَّل التَّواريخ وأقاويل الأئمة في الجرح والتعديل فلم أجد أحدًا طعن فيه (2).
(1) لم نقف عليه في الرواية المطبوعة من "مسند أبي يعلى" وهي رواية ابن حمدان، وقد عزاه إلى أبي يعلى الحافظ الضياء في "المختارة":(7/ 129 - رقم: 2127).
(2)
كلام الحاكم نقله عنه البيهقي في "سننه": (2/ 201) و" خلافياته ": (مختصرة - 2/ 138 - المسألة: 86)، إلى قوله:(وثقة رواته). وأما قوله: (ذاكرت به بعض الحفاظ
…
إلخ) فليست من كلام ابن عبد الهادي جزمًا، لأن الحافظ الذهبي نقل هذه العبارة في "تنقيحه":(3/ 221 - رقم: 795) أيضًا.
فيحتمل أن تكون تتمة لكلام الحاكم ولكن لم يذكرها البيهقي، ويحتمل أنها من كلام أبي موسى المديني، والذي نرجح أن أغلب ما يأتي مستفاد من كتابه "القنوت" الذي أشار إليه المنقح في صدر الكلام، والله أعلم.
ونقل هذا الكلام عن الحاكم ابن الملقن في "البدر المنير": (مخطوط - باب صفة الصلاة - الحديث 58) وقال بعد نقله الجملة الأولى عن البيهقي: (زاد غيره عن الحاكم أنه قال: ذاكرت به بعض الحفاظ .... إلخ).
وقد عزى ابن الملقن الحديث إلى الحاكم في كتابه " الأربعين " كما في " خلاصة البدر المنير ": (1/ 127 - رقم: 417) ووهَّم النووي في عزوه إياه لـ "المستدرك".
وأما الحافظ ابن حجر فقال في "التلخيص": (1/ 262): (وعزاه النووي إلى "المستدرك" للحاكم، وليس هو فيه، وإنما أورده وصححه في جزء له مفرد في القنوت) ا. هـ
وهذا الجزء قد ذكره أيضًا الحافظ ابن كثير في " إرشاد الفقيه ": (1/ 139) فقال - بعد أن عزى الحديث والتصحيح لـ "المستدرك" -: (وصنف الحاكم أبو عبد الله مصنفًا في ذلك وفيه غرائب، فمنها:
…
) ونقل عنه بعض النقول، وهذا يشعر بأن الحافظ ابن كثير قد اطلع على هذا المصنف، والله تعالى أعلم.
وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: الرَّبيع بن أنس صدوق، وهو أحبُّ أليَّ في أبي العالية من أبي خلدة (1). وقال العجليُّ: بصريٌّ صدوقٌ (2). وقال النَّسائيُّ: ليس به بأسٌ (3).
وقال الإمام أحمد بن حنبل في أبي جعفر الرَّازيِّ: صالح الحديث. رواه حنبل عنه (4). وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس بالقويِّ في الحديث (5).
وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: كان ثقةً خراسانيًّا، انتقل إلى الرَّيِّ، ومات بها (6). وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم عن يحيى بن معين: يكتب حديثه ولكنَّه يخطئ (7). وقال أبو بكر بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: صالحٌ (8). وقال عباس الدُّوريُّ عن يحيى بن معين: ثقةٌ، وهو يغلط فيما يروي عن مغيرة (9). وقال عبد الله بن عليِّ بن المدينيِّ عن أبيه: هو نحو موسى بن عبيدة، وهو يخلِّط فيما روى عن مغيرة ونحوه (1). وقال محمد بن
(1)"الجرح والتعديل" لابنه: (3/ 454 - رقم: 2054).
(2)
"تهذيب الكمال" للمزي: (9/ 61 - رقم: 1853)، وهو في "الثقات":(ترتيبه - 1/ 350 - رقم: 448) ولكن فيه: (بصري ثقة).
(3)
"تهذيب الكمال" للمزي: (9/ 61 - رقم: 1853).
(4)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (11/ 146 - رقم: 5843).
(5)
"العلل": (3/ 133 - رقم: 4578).
(6)
التوثيق في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (6/ 281 - رقم: 1556)، وتمته في "الكامل" لابن عدي:(5/ 255 - رقم: 1400)، وانظر:"تهذيب الكمال" للمزي: (33/ 194 - رقم: 7284).
(7)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (11/ 146 - 147 - رقم: 5843).
(8)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (6/ 281 - رقم: 1556).
(9)
"التاريخ": (4/ 358 - رقم: 4772).
(10)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (11/ 146 - رقم: 5843).
وانظر: ما تقدم (1/ 157).
عثمان بن أبي شيبة عن عليِّ بن المدينيِّ: كان عندنا ثقةٌ (1). وقال محمد بن عبد الله بن عمَّار الموصليُّ: ثقةٌ (2). وقال عمرو بن عليٍّ: فيه ضعفٌ، وهو من أهل الصِّدق، سيء الحفظ (3). وقال أبو زرعة: شيخٌ يهم كثيرًا (4). وقال أبو حاتم: ثقةٌ، صدوقٌ، صالحُ الحديث (5). وقال زكريا بن يحيى السَّاجيُّ: صدوقٌ، ليس بمتقن (6). وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ (7). وقال ابن خراش: سيء الحفظ، صدوقٌ (8). وقال ابن عَدِيٍّ: له أحاديث صالحة، وقد روى عنه النَّاس، وأحاديثه عامتها مستقيمة، وأرجو أَنَّه لا بأس به (9).
وقال محمد بن سعد: كان أصله من مرو، ومن قريةٍ يقال لها:(بُرَز)، وهي التي نزلها الرَّبيع بن أنس، ثُمَّ تحوَّل أبو جعفر بعد ذلك إلى الرَّيِّ فمات بها، فقيل له: الرَّازيُّ، وكان ثقةً، وكان يقدم بغداد فيسمعون منه (10)
وإن صحَّ الحديث فهو محمولٌ على أَنَّه ما زال يطوِّل في صلاة الفجر، فإنَّ القنوت لفظٌ مشتركٌ بين الطَّاعة والقيام والسُّكوت والخشوع وغير ذلك، قال الله تعالى {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} [النحل: 120]، وقال تعالى:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} [الزمر: 9]، وقال تعالى:{وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} الَاية [الأحزاب: 31]، وقال: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي
(1)"سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة": (ص: 122 - رقم: 148).
(2)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (11/ 147 - رقم: 5843).
(3)
المرجع السابق.
(4)
" سؤالات البرذعي لأبي زرعة ": (2/ 443).
(5)
"الجرح والتعديل" لابنه: (6/ 281 - رقم: 1556).
(6)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (11/ 147 - رقم: 5843).
(7)
"الكامل" لابن عدي: (5/ 254 - رقم: 1400).
(8)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (11/ 147 - رقم: 5843).
(9)
"الكامل": (5/ 255 - رقم: 1400).
(10)
"الطبقات الكبرى": (7/ 380).
وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43]، وقال:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وقال {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} [البقرة: 116]، وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" أفضل الصَّلاة طول القنوت ".
1103 -
وقال الحسن بن سفيان في "مسنده": ثنا جعفر بن مهران السَّبَّاك ثنا عبد الوارث بن سعيد ثنا عوف عن الحسن عن أنس قال: صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته، وخلف عمر فلم يزل يقنت في صلاة (1) حتى فارقت.
رواه أبو سعيد النَّقَّاش عن بشر بن أحمد ومنصور بن العباس ومحمد بن أحمد العُمريُّ ومحمد بن أحمد بن القاسم الدِّهِسْتانيُّ قالوا: ثنا الحسن بهذا.
قال الحافظ أبو موسى: وجعفر بن مهران من جملة الثِّقات، فلم يبق في هذا الإسناد إشكالٌ يطعن به عليه.
1104 -
وقال أبو خليفة: ثنا أبو معمر ثنا عبد الوارث عن عمرو عن الحسن عن أنس قال: صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يقنت بعد الرُّكوع حتى فارقته، وصلَّيت مع أبي بكر وعمر فلم يزالا يقنتان بعد الرُّكوع في صلاة الغداة حتى فارقتهما.
وكذا رواه أبو عمر الحوضيُّ عن عبد الوارث فقال: عن عمرو، وهو ابن عبيد رأس الاعتزال.
وهذا هو المحفوظ عن عبد الوارث، وهو علَّةٌ لحديث السَّبَّاك، ولعلَّه عند عبد الوارث عن هذا وعن هذا لكنَّه بعيدٌ، ولو كان عند أبي معمر عن عبد الوارث عن عوف ما تأخَّر البخاريُّ عن إخراجه، والسَّبَّاك ثقةٌ، لكنَّ الثِّقة يغلط.
(1) كذا با لأصل و (ب)، وفي "التنقيح" للذهبي:(3/ 223 - رقم: 795): (صلاة الغداة).
1105 -
وقال سفيان: عن منصور عن إبراهيم عن أبي الشَّعثاء - وهو من أئمة التَّابعين - قال: سألت ابن عمر عن القنوت في الفجر، فقال: ما شعرت أنَّ أحدًا يفعله.
1106 -
وقال مالك عن نافع: كان ابن عمر لا يقنت في الفجر.
1107 -
وقال عبد الله بن أبي نجيح: سألت سالم بن عبد الله: هل كان عمر يقنت في الصُّبح؟ قال: لا، إنَّما هو شيءٌ أحدثه النَّاس.
1108 -
وقال معمر: كان الزُّهريُّ يقول: من أين أخذ النَّاس القنوت - وتعجَّب -؟! إنَّما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيَّامًا ثُمَّ ترك ذلك.
قال أبو محمد بن حزم: صحَّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابه، أنَّهم قنتوا وتركوا، وكلٌّ مباح؛ فأمَّا قول مالك (1) الأشجعيِّ (إنَّه بدعة) فمراده الرَّاتب، وأخبر بما رأى من التَّرك: وجهل الفعل في وقتٍ.
قال: والعجب من المالكيَّة يحتجُّون بابن عمر قولاً وفعلاً ثُمَّ سهل عليهم مخالفته ومخالفة أبيه وابنه!
قال: والقنوت يمكن أن يخفى، لأنَّه سكوتٌ متصلٌ بقيامٍ (2).
وقد قنت نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم مرَّات في أوقاتٍ مختلفةٍ، قنت للقرَّاء، وقنت يدعو بالنَّجاة للمستضعفين بمكَّة، وقنت يوم أحدٍ.
واعلم أنَّ قول المؤلِّف في حديث قيس بن الرَّبيع: (ثُمَّ إنَّ الرَّاوي عنه عمر بن أيُّوب، قال ابن حِبَّان: لا يحلُّ الاحتجاج به) وهمٌ، فإن ابن حِبَّان
(1) كذا بالأصل و (ب)، وفي "المحلى":(والد أبي مالك).
(2)
"المحلى": (3/ 57 - 58 - المسألة: 459) باختصار واختلاف يسير.