الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: في الجمع
، وفيه ثلاثة فروع
الفرع الأول: في جمع المسافر
4031 -
(خ م د س) أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمسُ أخَّر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحلَ صلى الظهر، ثم ركب» .
وفي رواية «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يجمعَ بين الصلاتين في السفر أخَّر الظُّهر، حتى يدخل أوَّل وقت العصر» . وفي أخرى: «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا عَجِل عليه السَّيْرُ (1) يؤخِّر الظهر إلى أوَّل وقت العصر، فيجمعُ بينهما، ويؤخِّر المغربَ حتى يجْمَع بينهما وبين العشاء» . أخرجه البخاري، ومسلم وأبو داود، وزاد أبو داود في رواية أخرى بعد قوله:«العشاء» : «حين يغيبُ الشَّفَقُ» .
⦗ص: 710⦘
وفي رواية النسائي مثل الرواية الثانية وزيادة أبي داود، وفي أخرى للبخاري «أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يجمَعُ بين هاتين الصلاتين في السفر، يعني: المغربَ والعِشاءَ» (2) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(تَزِيغ) : زاغت الشمس تزيغ: إذا مالت عن وسط السماء إلى الغرب.
(1) في نسخ مسلم المطبوعة: كان إذا عجل عليه السفر، وهو بمعنى: عجل به.
(2)
رواه البخاري 2 / 479 في تقصير الصلاة، باب إذا ارتحل بعد ما زاغت الشمس صلى الظهر ثم ركب، وباب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، ومسلم رقم (704) في صلاة المسافرين، باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر، وأبو داود رقم (1218) و (1219) في الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين، والنسائي 1 / 284 و 285 في مواقيت الصلاة، باب الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين الظهر والعصر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه أحمد (3/247) قال: حدثنا قتيبة وفي (3/265) وعبد بن حميد (1165) قالا: حدثنا يحيى بن غيلان. والبخاري (2/58) قال: حدثنا حسان الواسطي وفي (2/58) ومسلم (2/150) قالا البخاري، ومسلم حدثنا قتيبة. وأبو داود (1218) قال: حدثنا قتيبة وابن موهب يزيد والنسائي (1/284) وفي الكبرى (1479) قال: أخبرنا قتيبة.
أربعتهم - قتيبة، وابن غيلان، وحسان، وابن موهب - عن المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب فذكره.
أخرجه مسلم (2/151) قال: وحدثني عمرو الناقد قال: حدثنا شبابة بن سوار قال: حدثنا ليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن الزهري، عن أنس.
4032 -
(خ م) ابن عباس رضي الله عنهما: قال: «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يجمَعُ بين صلاتي الظُّهرِ والعصر إذا كان على ظهرِ سَيْر، ويجمَعُ بين المغربِ والعِشاءِ» أخرجه البخاري (1) .
وفي رواية مسلم: «أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بين الصلاة في سَفْرة سافرها في غزوة تبوكَ، فجمع بين الظهرِ والعصرِ، والمغربِ والعشاءِ» (2) .
(1) تعليقاً 2 / 478 في تقصير الصلاة، باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء، قال الحافظ في " الفتح ": وصله البيهقي من طريق محمد بن عبدوس عن أحمد بن حفص النيسابوري عن أبيه عن إبراهيم المذكور بسنده المذكور إلى ابن عباس بلفظه.
(2)
رواه مسلم رقم (705) في صلاة المسافرين، باب جواز الجمع بين الصلاتين في الحضر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح: أخرجه مسلم (2/151) قال: حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي قال: حدثنا خالد يعني ابن الحارث وابن خزيمة (967) قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا عبد الرحمن.
كلاهما - خالد، وعبد الرحمن - قالا: حدثنا قرة قال: حدثنا أبو الزبير قال: حدثنا سعيد بن جبير فذكره.
4033 -
(ط) علي بن حسين كان يقول: «إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يسير يوْمَهُ: جمع بين الظهرِ والعصرِ، وإذا أراد أن يسير ليْلَه: جمع بين المغرب والعشاءِ» أخرجه الموطأ (1) .
(1) 1 / 145 في قصر الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر بلاغاً، قال الزرقاني في " شرح الموطأ ": قال ابن عبد البر: هذا حديث يتصل من رواية مالك من حديث معاذ بن جبل وابن عمر، معناه، وهو عند جماعة من أصحابه مسنداً.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ مع شرح الزرقاني (1/419) أنه بلغه عن علي بن حسين.
قال الزرقاني «قال ابن عبد البر هذا حديث يتصل من رواية مالك من حديث معاذ بن جبل وابن عمر معناه وهو عند جماعة من أصحابه مسند» .
4034 -
(م ط د س ت) معاذ بن جبل رضي الله عنه: «أنه خرج مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوكَ، فكان يصلِّي الظهرَ والعصر جميعاً، والمغربَ والعشاءَ جميعاً» . وفي رواية قال: فقلت: ما حمله على ذلك؟ فقال: «أراد أن لا يُحرج أُمَّتَهُ» . أخرجه مسلم.
وفي رواية الموطأ وأبي داود والنسائي «أنهم خرجوا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يجمَعُ بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاءِ، فأخرَ الصلاةَ يوماً، ثم خرج فصلَّى الظهرَ والعصرَ جميعاً، ودخل، ثم خرج فصلَّى المغرب والعشاءَ جميعاً» .
وفي رواية الترمذي ولأبي داود قال: «كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوكَ إذا زاغت الشمس قبل أن يرْتَحِلَ جمع بين الظهرِ والعصرِ، فإن رحل قبل أن تزيغ الشمسُ أخَّر الظهرَ حتى ينزل للعصر، وفي المغرب مثل ذلك، إن غابت الشمس قبل أن يرتحلَ: جمَعَ بين المغرب والعشاء، فإن ارتحل قبل أن تغيب الشمسُ:
⦗ص: 712⦘
أخر المغربَ حتى ينزلَ للعشاء، ثم يجمعُ بينهما» قال أبو داود: روَى هذا الحديث هشام بن عروة عن حسين بن عبد الله، عن كريب، عن ابن عباس عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه (1) .
(1) رواه مسلم رقم (706) في صلاة المسافرين، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، والموطأ 1 / 143 و 144 في قصر الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر، وأبو داود رقم (1206) و (1208) و (1220) في الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين، والترمذي رقم (553) و (554) في الصلاة، باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين، والنسائي 1 / 285 في مواقيت الصلاة، باب الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين الظهر والعصر.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ صفحة (108) وأحمد (5/228) قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا قرة بن خالد. وفي (5/230) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا سفيان (ح) وأبو أحمد، قال: حدثنا سفيان. وفي (5/233) قال: حدثنا حماد بن خالد، قال: حدثنا هشام بن سعد. وفي (5/236) قال: حدثنا وكيع، عن سفيان. وفي (5/237) قال: قرأت على عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا مالك، وفي (5/238) قال: حدثنا روح، قال: حدثنا مالك بن أنس. والدارمي (1523) قال: أخبرنا أبو علي الحنفي، قال: حدثنا مالك بن أنس. ومسلم (2/151) قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا زهير. وفي (2/152) قال: حدثنا يحيى بن حبيب، قال: حدثنا خالد، يعني ابن الحارث، قال: حدثنا قرة بن خالد. وفي (7/60) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، قال: حدثنا أبو علي الحنفي، قال: حدثنا مالك-وهو ابن أنس. وأبو داود (1206) قال حدثنا القعنبي، عن مالك..وفي (1208) قال: حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي الهمداني، قال: حدثنا المفضل بن فضالة، والليث بن سعد، عن هشام بن سعد. وابن ماجة (1070) قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان.
والنسائي (1/285) وفي الكبرى (1480) قال: أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، قال: حدثني مالك. وابن خزيمة (966) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا قرة. وفي (968)، (1704) قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا حدثه.
خسمتهم - مالك بن أنس، وقرة بن خالد، وسفيان، وهشام بن سعد، وزهير - عن أبي الزبير المكي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، فذكره.
4035 -
(ط) أبو هريرة: رضي الله عنه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم: «كان يجْمَعُ بين الظهرِ والعصرِ في سفره [إلى] تبوكَ» أخرجه الموطأ (1) .
(1) 1 / 143 في قصر الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر، وإسناده صحيح، قال الزرقاني في " شرح الموطأ ": قال ابن عبد البر في " التقصي ": هكذا روي عن يحيى مسنداً، وروي عنه مرسلاً كجمهور رواة الموطأ، وقال ابن عبد البر في " التمهيد ": رواه أصحاب مالك مرسلاً، إلا أبا مصعب في غير " الموطأ "، ومحمد بن المبارك الصوري، ومحمد بن خالد، وإسماعيل ابن داود، فقالوا: عن أبي هريرة، وذكره أحمد بن خالد عن يحيى مسنداً، وإنما وجدنا عند شيوخنا مرسلاً في نسخة يحيى وروايته، ويمكن أن ابن وضاح طرح أبا هريرة من روايته عن يحيى لأنه رأى ابن القاسم وغيره ممن انتهت إليه روايته للموطأ قد أرسل الحديث فظن أن رواية يحيى غلط لم يتابع عليه، فرمى أبا هريرة وأرسل الحديث إن صح قول ابن خالد، وإلا فهو وهم منه، أقول: ويشهد له حديث معاذ الذي قبله.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه مالك في الموطأ مع شرح الزرقاني (1/413) عن داود بن الحصين عن الأعرج عن أبي هريرة فذكره.
قال الزرقاني «هكذا روى عن يحيى مسندا وروي عنه مرسلا» كجمهور رواة الموطأ قاله ابن عبد البر في التقصي» .
4036 -
(د س) جابر رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خرجَ من مكَةَ قبل غروب الشمس، فجمعَ بين العشاءيْن بسَرِفَ، وبينهما عشرة
⦗ص: 713⦘
أميال، وفي رواية أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم غابت له الشمسُ بمكة، فجمع بينهما بِسَرِفَ، قال هشام بن سعد: بينهما عشرة أميال. أخرج الثانية أبو داود والنسائي (1) ، والأولى ذكرها رزين.
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(سَرِف) بكسر الراء: موضع بينه وبين مكة مما يلي طريق المدينة عشرة أميال، وكثير يقولونه بفتح الراء، وهو خطأ.
(1) رواه أبو داود رقم (1215) في الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين، والنسائي 1 / 287 في مواقيت الصلاة، باب الجمع بين المغرب والعشاء، وهو حديث حسن.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أحمد (3/305) قال: حدثنا محمد بن فضيل، قال: حدثنا الأجلح. وفي (3/380) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: سمعت الحجاج بن أرطاة. وأبو داود (1215) قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا يحيى بن محمد بالجاري، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن مالك. والنسائي (1/287) قال: أخبرنا المؤمل بن إهاب، قال: حدثني يحيى بن محمد الجاري، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن مالك بن أنس.
ثلاثتهم - الأجلح، وحجاج، ومالك - عن أبي الزبير، فذكره.
4037 -
(خ م ط ت س) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا أعْجَلهُ السَّيْر في السفر يؤخِّر المغرب حتى يجمعَ بينها وبين العشاء، قال سالم:«وكان عبد الله يفعله إذا أعجله السَّيْرُ» قال البخاري: وزاد الليث: حدَّثني يونس عن ابن شهاب قال سالم: «كان ابن عمر يجْمَعُ بين المغربِ والعشاءِ بالمزدلفة» قال سالم: «وأخَّرَ ابنُ عُمَرَ المغربَ - وكان استُصْرخ على امرأته صفية بنت أبي عُبيد - فقلت له: الصلاةَ؟ فقال: سِر، فقلت: الصلاة؟ فقال: سِر، حتى سار مِيلين أو ثلاثة، ثم نزل فصلَّى، ثم قال: هكذا رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يصلي إذا أعجله السَّيْرُ، وقال عبد الله: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السَّيْرُ، يُقيمُ المغربَ فيُصَلِّيها ثلاثاً، ثم يسلِّم، ثم قلَّما يَلْبَثُ حتى يُقيمَ العِشاء، فيُصَلِّيها ركعتين، ثم يُسلِّم، ولا يُسبِّح بعدَ العِشاءِ حتى يقوم من جوف الليل» هكذا في زيادة الليث، وفي رواية
⦗ص: 714⦘
شعيب (1) عن الزهري: أن ذلك عن فعل ابن عمر من قول الراوي: «ثم قلَّما يلبَثُ» ، لم يسنده، وفي أخرى للبخاري عن أسلَم مولى عمر قال:«كنتُ مَعَ عبد الله بنِ عمر بطريق مكةَ، فبلغه عن صفية بنت أبي عُبيد شدَّةُ وجع، فأسرع السَّيْر، حتى كان بعد غروب الشفق، ثم نزل فصلى المغرب والعَتَمَةَ، وجمع بينهما، وقال: أني رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم[إذا] جدَّ به السَّيْرُ أخَّرَ المغرب وجمع بينهما» .
وفي رواية لمسلم عن نافع: أنَّ ابنَ عمر كان إذا جدَّ به السيرُ جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق، ويقول:«إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جدَّ به السَّيْرُ جمع بين المغرب والعشاء» وفي أخرى: «كان إذا عَجِلَ به السْيرُ جمع بين المغرب والعشاء» . وأخرج الموطأ هذه الرواية الآخرة، وأخرج أبو داود عن نافع وعبد بن واقد «أن مؤذِّن ابنِ عمرَ قال: الصلاةَ قال: سِر، [سِرْ] حتى إذا كان قبلَ غروبِ الشَّفق، نزل فصلَّى المغرب، ثم انتظر حتى غاب الشفق، فصلى العشاءَ، ثم قال: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عَجِلَ به أمر صنع مثل الذي صنعتُ، فسار في ذلك اليومَ والليلةَ مسيرة ثلاث» .
وفي رواية قال: «حتى إذا كان عند ذهاب الشفق نزل فجمع بينهما» وفي أخرى «أنَّ ابنَ عُمَرَ اسْتُصْرِخَ على صفيةَ وهو بمكةَ فسار حتى إذا غربت الشمس (2) وبدت النجوم قال: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان
⦗ص: 715⦘
إذا عَجِلَ به أمر في سفرِ جمع بين هاتين الصلاتين، فسار حتى غاب الشَّفقُ، فنزل فجمع بينهما» وفي أخرى (3) قال [عبد الله] بن دينار:«غابت الشمس وأنا عند ابن عمر، فسِرنا، فلما رأيناه قد أمسى قلنا له: الصلاةَ فسار حتى غابَ الشفقُ، وتصوَّبتِ النجوم، ثم إنه نزل فصلَّى الصلاتين جميعاً، ثم قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا جدَّ به السَّيْرُ صلَّى صلاتي هذه، يقول: يجمع بينهما بعد ليل» قال أبو داود: رواه إسماعيل بن ذُؤيب «أن الجمع بينهما كان من ابن عمرَ بعد غُيوب الشفق» .
وله في أخرى أن ابنَ عمر قال: «ما جمعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قطُّ بين المغرب والعشاء في سفر إلا مرة» قال أبو داود: وهذا يُروى عن أيوبَ عن نافع موقوفاً على ابن عمر «أنه لم يرَ ابن عمر جمع بينهما قطُّ إلا تلك الليلةَ - يعني: ليلةَ استُصرِخَ على صفيةَ» وفي أخرى: «أنه رأى ابن عمر فعل ذلك مرة أو مرتين» .
وفي رواية الترمذي «أن ابنَ عُمَرَ استُغِيثَ على أهله، فجدَّ به السَّيْرُ»
…
وذكر الحديث. وفي رواية النسائي «أن صفية بنت عبيد كانت تحتَ ابنِ عُمَرَ، فكتبتْ إليه وهو في زراعة له: إني في آخرِ يوم من الدُّنيا وأوَّل يوم من الآخرة، فركب فأسْرَعَ السَّيرَ، حتى إذا كانتْ صلاةُ الظهر، قال له المؤذِّنُ: الصلاةَ
⦗ص: 716⦘
يا أبا عبد الرحمن، فلم يلتفتْ، حتى إذا كان بين الصلاتين قال: أقم، فإذا سلَّمت فأقمِ، فصلَّى، ثم ركب، حتى إذا غابت الشمس قال له المؤذِّن: الصلاةَ، قال: كفِعلك في صلاة الظهر، والعصر، ثم سار حتى إذا اشتبكت النجوم نزل ثم قال للمؤذِّن: أقم الصلاة، فإذا سلَّمتَ فأقمْ، فصلَّى ثم انصرف، فالتفت إلينا فقال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إذا حضرَ أحدَكم الأمرُ الذي يخافُ فوتَه: فليُصلِّ هذه الصلاةَ» . وفي آخر له نحوه، وفي أوله قال «سألنا سالم بنَ عبد الله عن الصلاة في السفر، فقلنا: أكان عبد الله يجمع بين شيء من الصلوات في السفر؟ فقال: لا، إلا بِجَمع
…
» وذكر الحديث. وقال فيه: «ثم سلَّم واحدة تِلْقاءَ وجهه» وفي أخرى له: قال نافع: «خرجتُ مع ابن عمرَ في سفرِ، يريد أرضاً له، فأتاه آتٍ، فقال: إن صفيَّةَ بنت أبي عبيد لما بها، فانظر أن تدرِكها، فخرج مُسرِعاً، ومعه رجل من قريش يُسَايرُه، وغابت الشْمسُ، فلم يقل: الصلاةَ، وعهدي به وهو يحافظ على الصلاة، فلما أبطأ، قلنا: الصلاةَ يرحمكَ الله، فالتفت إليَّ ومضى، حتى إذا كان آخرُ الشَّفقِ نزلَ فصلَّى المغرب، ثم أقام العشاءَ وقد توارى الشَّفقُ، فصلَّى بنا، ثم أقبل علينا فقال: إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عَجِلَ به السَّيْرُ صنع هكذا» .
وله في أخرى مختصراً قال: «رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا عَجِلَ به السَّيْرُ في السفر يؤخِّرُ صلاةَ المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء» ، وفي أخرى «إذا جدَّ
⦗ص: 717⦘
به أمر - أو جدَّ به السَّيْرُ» .
وفي أخرى له عن إسماعيل بن عبد الرحمن - شيخ من قريش - قال: «صحبتُ ابنَ عمرَ إلى الحِمَى، فلما غربت الشمْسُ، هِبْتُ أن أقولَ له: الصلاةَ، فسار حتى ذهب بياضُ الأُفُق وفَحْمَةُ العشاء، ثم نزل فصلَّى المغرب ثلاثَ ركعات، ثم صلى ركعتين على إثْرِها، ثم قال: كذا رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يفعل» (4) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(اسْتُصْرِخ) : فلان: إذا أتاه الصارخ يُعْلِمُه بأمر حادث يستعين به عليه، أو ينْعِي له ميتاً، واسْتِصرَاخ الحي على الميت: الاستعانة به، ليقوم بشأنه وتجهيزه، وعلى المريض، ليقوم بتمريضه، ويحضر وصيته وموته.
(تَصَوَّبَت النجوم) : انحدرت، والتصويب: ضد التصعيد.
(فَحْمَة العشاء) : شدة سواد الليل وظلمته، قال الأزهري: وإنما
⦗ص: 718⦘
يكون ذلك في أوله حتى إذا سكن نُورُهُ قلَّت ظلمته.
قلت: وما أظن ذلك إلا لأمرين، أحدهما: أن النجوم تظهر جميعها وتُزهر، فينبسط نورها ويكثر، فتقلُّ ظلمة الليل. والآخر: أن العين إذا نظرت إلى الظلمة ابتداءاً لا تكاد ترى شيئاً، لا سيما إذا انتقلت إليها من ضوء، فمتى ألِفَت الظلمة ساعة من زمان قوي نظرها، ورأت الأشياء فيها خيراً مما كانت في الأول، وحينئذ تقل الظلمة في النظر، والله أعلم.
(1) هو شعيب بن أبي حمزة الراوي عن الزهري.
(2)
في المطبوع: حتى إذا غاب الشفق.
(3)
في المطبوع: وفي أخرى لهما، وهو خطأ، فإن هذه الروايات لأبي داود.
(4)
رواه البخاري 2 / 478 في تقصير الصلاة، باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء، وباب يصلي المغرب ثلاثاً في السفر، وباب هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء، وفي الحج، باب المسافر إذا جد به السير يعجل إلى أهله، وفي الجهاد، باب السرعة في السير، ومسلم رقم (703) في صلاة المسافرين، باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر، والموطأ 1 / 144 في قصر الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر، وأبو داود رقم (1207) و (1209) و (1212) و (1213) و (1217) في الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين، والترمذي رقم (555) في الصلاة، باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين، والنسائي 1 / 287 و 289 في مواقيت الصلاة، باب الجمع بين المغرب والعشاء، وباب الحال التي يجمع فيها بين الصلاتين.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
صحيح:
1-
أخرجه الحميدي (616) وأحمد (2/8)(4542) والدارمي (1525) قال: حدثنا محمد بن يوسف والبخاري (2/57) قال: حدثنا علي بن عبد الله. ومسلم (2/150) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، وقتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد. والنسائي (2891) قال: أخبرنا محمد بن منصور، وابن خزيمة (964) قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء وفي (965) قال: حدثنا يعقوب الدورقي، وسعيد بن عبد الرحمن، ويحيى بن حكيم.
جميعهم - الحميدي، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن يوسف، وعلي بن عبد الله، ويحيى بن يحيى، وقتيبة، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، ومحمد بن منصور، وعبد الجبار بن العلاء، ويعقوب الدورقي، وسعيد بن عبد الرحمن، ويحيى بن حكيم - عن سفيان بن عيينة.
2-
وأخرجه أحمد (2/148)(6354) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر.
3-
وأخرجه البخاري (2/55، 58) قال: حدثنا أبو اليمان. والنسائي (1/287) قال: أخبرني عمرو بن عثمان، قال: حدثنا بقية (ح) وأنبأنا أحمد بن محمد بن المغيرة، قال: حدثنا عثمان. وفي الكبرى (1484) قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة، قال: حدثنا عثمان.
ثلاثتهم - أبو اليمان، وبقية، وعثمان بن سعيد بن كثير- عن شعيب بن أبي حمزة.
4-
وأخرجه مسلم (2/150) قال: حدثني حرملة بن يحيى، قال: أخبرنا بن وهب، قال: أخبرني يونس.
أربعتهم - سفيان بن عيينة، ومعمر، وشعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد - عن الزهري، قال: أخبرني سالم، فذكره.
4038 -
(د) علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «كان إذا سافر سار بعدما تغرُبُ الشَّمسُ، حتى إذا كاد أن يُظْلِمَ (1) ، ثم ينزلَ فيصلي المغرب، ثم يدعو بعَشائه فيتعشَّى، ثم يصلي العِشاءَ، ثم يرتحلُ، ويقول: هكذا كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصنع» . أخرجه أبو داود (2)، وقال (3) : وروى حفص بنُ عبيد الله «أن أنساً كان يجمع بينهما حين يغيبُ الشَّفَقُ، ويقول: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك» (4) .
(1) في نسخ أبي داود المطبوعة: حتى تكاد أن تظلم.
(2)
رقم (1234) في الصلاة، باب متى يتم المسافر، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " رقم (1143) ، وهو حديث حسن.
(3)
أي أبو داود.
(4)
رواه أبو داود تعليقاً على الحديث رقم (1234) في الصلاة، باب متى يتم المسافر، وهو حديث صحيح، ورواه أيضاً أبو داود مسنداً رقم (1219) ، ومعناه عند البخاري ومسلم.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
أخرجه أبو داود (1234) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وابن المثنى وهذا لفظ ابن المثنى قالا ثنا أبو أسامة قال ابن المثنى: قال: أخبرني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه عن جده أن عليا فذكره.