الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
(خالد بن نضلة: أبو برزة الأسلمي)
كذا سماهُ الهيثم بن عدي، وسماه غيره غير ذلك كما سيأتي في الكنى.
471 -
(خالد بن الوليد: بن المغيرة بن عبد الله بن عُمر
ابن مخزومٍ بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي
القرشي المخزومي: أبو سُليمان ويُقال: أبو الوليد)
(1)
فارسُ الإسلام، ومقدم عساكره، أمهُ لُبابة الصُّغرى بنت الحارث أخت لُبابة الكبرى امرأة العباس أمُّ أولادهِ، وميمونة بنت الحارث أم المؤمنين. كان إليه في الجاهلية القبة وأعنه الخيل - قال الزُّبير بن بكار - فالقبة الخيمة الكبيرة التي يجمعون فيها جهاز الجيوش، وأعنهُ الخيل أنَّهُ مقدم الجيوش.
ولما أسلم بعد الحديبية، وقبل حُنين هو وعمرو بن العاص وطلحة بن أبي طلحة استمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أميراً مُقدماً كما كان، وسماهُ سيفاً من سيوف الله، فشهد خيبر وعُمرةُ القضاء كما سيأتي في حديثٍ عنهُ.
وقال الواقدي: إنما أسلم من أول يوم من صفرٍ سنة ثمانٍ، وحضر مؤته وتأمَّر من غير إمرةٍ بعد مقتل زيد وجعفر وابن رواحة، ففتح الله عليه، وخلص بالمؤمنين من أيدي الكافرين، ويومئذٍ سماهُ سيفاً من سيوف الله تعالى (2) ، وشهد الفتح وبعثهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى العُزَّى بنخلة بين مكة
(1) له ترجمة في أسد الغابة: 2/109؛ والإصابة: 1/413؛ والاستيعاب: 1/405؛ والتاريخ الكبير: 3/136؛ والطبقات الكبرى: 4/1، القسم الثاني؛ وثقات ابن حبان: 3/101؛ والمعجم الكبير للطبراني: 4/120؛ وتهذيب التهذيب: 3/124.
(2)
يرجع إلى صحيح البخاري في المناقب وفي المغازي: باب غزوة مؤته من أرض الشام: 7/100، 512.
والمدينة، فهدمها، وقيل وقتل شياطينها امرأةً ناشزةً شعرها، وقطع نخلتها، وكانت طويلة شاهقة، فكانوا يعبدونها (1) .
وبعثهُ إلى بني جذيمة، فلم يُحسنوا يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فحسب أنهم يستهزئون بالإسلام، فقتلهم، فوادهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم / وقال:(اللهم إني أبرأُ إليك مما صنع خالدٌ) ، ومع هذا فلم يعزلهُ، وإن كان قد أخطأ خالدٌ في الاجتهاد (2) .
وقد استمر بهِ الخليفة الصديق أميراً مُقدماً في أهل الردَّة، حتى ردهم عن غيهم آخذاً منهم ما كانوا يمنعونهُ من الزكوات، ثم أرسلهُ إلى مسيلمة، وبني حنيفة، فهزمهم، وردهم عن كفرهم، وقتل الكذاب المتنبئ مُسيلمة - لعنه الله - وأوقع فيمن هُنالك من الأحياء المخالفة للحق بأساً شديداً، وقتلاً ذريعاً، ثم مازال وما انفك وما برح حتى تمهدت جزيرة العرب بعدما كان قد أشرف أكثرهم على العطب، فقوَّم بسنانه وحُسامهِ ما اعوجَّ من أقوالهم وأفعالهم هدى الله على يديه بما تلاه عليهم من الآيات البينات والحجج الوافيات المحمدية النبوية قلوبهم، وستر عيوبهم، ثم بعثهُ الصديق إلى العراق لقتال كسرى وجنوده وجيوشه ومرازبته، ففتح في أقصر مدةٍ إلى الأنبار، وأرغم أُنوف من هُنالك من الكفار، وتبارز هو وهرمز أكبر نواب كسرى، فما كان بأسرع من قتله، وانقض إلى الأرض، ونزل عن فرسه، فجعلهُ تحت يده اليُسرى فأوقعه وهو يختلج، واستدعى بغذائِهِ، فأكل والجيوش واقفة متصافةٌ على حالها الحسن، المجوسُ مائة ألفٍ والمسلمون خمسة آلافٍ، ثم نهض وركب
(1) الطبقات الكبرى لابن سعد: 2/105.
(2)
صحيح البخاري، كتاب المغازي: باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة: 8/56.
فرسهُ، وحمل على الجيوش فكسرهم، وأسرهُمْ حتى دارت الطواحين بدمائهم، ثم جاءهُ كتابُ الصديق يأمرهُ أن يستنيبُ على العراق، وأن يقدم إلى الشام، فيكون الأمير على من بهِ من المسلمين المجهزين لقتال الروم، فاخترق البرية في خمسة أيامٍ، وأصبح في أطراف الشام على الماء، ثم جاء مُسرعاً، فوجدهم مُحاصري بُصْرَى، فما ألبثها حتى فتحها صُلحاً، ثم جاء دمشق، فاقتحمها عنوةً لكنهُم خدعوا أبا عبيدة، فأخذوا لهم منهُ أماناً وهو لا يشعر بما كان من أمرِ خالد، وقد بسطنا الكلام في هذا كلهُ في كتابنا (البداية والنهاية)(1) ثم جاءت أيام [عمر] فعزل خالداً عن الأمرة وولى أبا عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح، وأمرهُ أن لا يقطع في الحرب أمراً إلا بمشورة خالد، رضي الله عنهما.
وذكرنا والطبري (2) أيضاً أنه لحس سُمًّا وهو بالحيرة، فقال: بسم الله خير الأسماء، بسم الله رب الأرض والسماء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئٌ في الأرض ولا في السماء، وهو السميعُ العليم، ثم انتحى فأطرق ساعةً، وعرق، ثم سُرّى عنهُ، وما ضرَّهُ / فتهول الفُرسُ من ذلك، وصالحوهُ على ما أراد رضي الله عنه (3) .
ولما حضرته الوفاة قال: (لقد شهدت كذا وكذا موقعاً، وما في جسدي موضع إلا وفيه ضربةٌ بسيف، أو طعنةٌ برمحٍ، أو رميةٌ بسهمٍ وهأنا أموتُ كما تموت العير، فلا نامت عيون الجُبناء) ، ثم أوصى بخيله وسلاحهِ في سبيل الله، وقد فعل ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
(1) البداية والنهاية: 7/20.
(2)
في الأصل المخطوط الطبراني، والصواب ما أثبتناه، وقد أورد ابن جرير هذا الخبر مطولاً في تاريخه: 3/363.
(3)
البداية والنهاية: 6/347؛ والطبراني مختصراً: 4/124.
قال: (وأما خالد فإنهم يظلمون خالداً، وقد احتبس أدراعهُ واعتاده في سبيل الله)(1) .
وذكر الطبراني أن قوماً دخلوا عليه وقد احتضر وقالوا: إنهُ في السوق فقال: [نعم] والله نستعين على ذلك (2) .
وكانت وفاته بقرية على ميل من حمص. قال الواقدي: وقد دُثرت تلك القرية، وذلك في سنة إحدى وعشرين، وقال دُحيمُ وغيرهُ: بالمدينة سنة ثنتين وعشرين، والصحيح الأول والمشتمل على قبره مشهورٌ بالقرب من حمص، وقد تأسف عمر عليه كثيراً وقال:(دعهن يبكين أبا سُليمان ما لم يكن نقعٌ أو لقلقة)(3) ،
وقال: رحم الله أبا سليمان لقد عاش فقيراً، ومات شهيداً، وما عند الله خيرٌ له. ولقد كان يُحبُّ أن يُذل الشرك وأهلهُ، وإن كان الشامتُ به متعرضاً لمقت الله، ثم قال: قاتل الله أخا بني تميم ما أشعره حيث قال:
فقل الذي يبقى خلاف الذي مضى
…
تهيا لأخرى مثلها فكأن قد
فما عيش من قد عاش بعدي بنافعي
…
ولا موت من قد مات قبلي بمخلدي
حديثه في أول الشاميين، رضي الله عنه
(1) الخبر أخرجه البخاري ومسلم في الزكاة. صحيح البخاري: 3/331؛ وصحيح مسلم: 3/10.
(2)
المعجم الكبير للطبراني: 4/125.
(3)
قال ابن الأثير: النفع رفع الصوت، وقيل أراد شق الجيوب.
واللقلقة: الجلبة كأنه حكاية الأصوات إذا كثرت. أسد الغابة.
2744 -
قُلتُ: في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: (أخذَ الراية زيدٌ، وأُصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحه فأُصيب، ثم أخذها سيف من سيوف الله، ففتح الله عليه)(1) .
(1) الخبر أخرجه البخاري في المناقب: 7/100؛ وفي المغازي: باب غزوة مؤتة من أرض الشام: 7/512.
وفي المسند عن وحشي بن حربٍ، عن أبي بكرٍ الصديق مرفوعاً:(نِعمَ [عبد الله و] أخو العشيرة خالد بن الوليد، وسيف من سيوف الله [سله الله عز وجل على الكفار والمنافقين] )(1) وسيأتي في مسنده عن أبي عبيدة مثلهُ.
(1) من حديث أبي بكر الصديق في المسند: 1/8، وما بين المعكوفات استكمال منه. وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني بنحوه ورجالهما ثقات. مجمع الزوائد: 9/348.
2745 -
وفي حديث عامر الشعبي، عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعاً:(خالد سيفٌ من سيوف الله صبهُ الله على الكُفَّار)(1) .
رواهُ أبو يعلى عن شُريحٍ، عن محمد بن زكريا، عن إسماعيل، عن قيس. قال: وأُخبرتُ أن رسول الله صلى?الله???عليه?وسلم?قال?? (لا?تؤذوا?خالداً، ?فإنه?سيفٌ?من?سيوف?الله?صبهُ?الله?على?الكُفار) ??رواهُ?أبو?يعلى?عن?شريحٍ (2) ?
وقال علي بن الجعد، عن شريك، عن عاصمٍ، عن أبي وائل. قال: كتب خالد إلى أهل فارس: (بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد بن الوليد إلى رستم ومهران وملأ فارس: سلامٌ على من اتبع الهدى. أَمَّا بعدُ فإنا ندعوكم إلى الإسلام، فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يدٍ وأنتم صاغرون. فإن أبيتم فإن معي قوماٍ يحبون القتل في سبيل الله كما تحبُّ فارسٌ الخز. والسلامُ على من اتبع الهدى)(3) .
(1) قال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير والكبير باختصار والبزار بنحوه ورجال الطبراني ثقات. مجمع الزوائد: 9/349؛ المعجم الكبير للطبراني: 4/121؛ كشف الأستار: 3/266؛ خالد بن الوليد: الطبقات: 4/1.
(2)
قال الهيثمي: رواه أبو يعلى، ولم يسم الصحابي، ورجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد: 9/349.
(3)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: 4/123 وفيه: (كما يحب فارس الخمر) . قال الهيثمي: رواه الطبراني وإسناده حسن أو صحيح. مجمع الزوائد: 5/310.