الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثاني: استعارة الحلول للتعليق (1) النسبي بين الرضا وبين السواك.
التاسعة:
قال الراغب: الرَّبُّ في الأصل: التربية، وهو (2) إنشاء الشيء حالًا فحالًا إلى حدِّ التمام، يقال: ربَّه، وربَّاه، وربَّبَه (3)، وقيل: لأن يَرُبَّنِي (4) رجل من قريش، أحبُّ إلي من أن يربَّني رجلٌ من هوازن (5).
فالرب مصدر مستعارٌ للفاعل، ولا يقال:(الربُّ) مطلقًا إلا لله (6) تعالى المتكفل بمصلحة الموجودات؛ نحو قوله: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: 15]، وعلى هذا قال:{وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا} [آل عمران: 80]؛ أي: آلهة.
وبالإضافة يقال له ولغيره؛ نحو: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]{رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [الصافات: 126]، ويقال: ربُّ الدار، ورب الفرس، لصاحبها (7)، وعلى ذلك: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ
(1)"ت": "للتعلق".
(2)
"ت": "وهي".
(3)
"ت": "وريته".
(4)
أي: يملكني.
(5)
هذا قول صفوان بن أمية لأبي سفيان يوم حنين، كما رواه أبو يعلى في "مسنده"(1863)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 370)، وغيرهما.
(6)
في الأصل: "الله"، والمثبت من "ت".
(7)
في المطبوع من "مفردات القرآن": "لصاحبهما".
فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} [يوسف: 42]، وقوله تعالى:{ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50]، وقوله تعالى:{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23]، فقيل: عنى به الله تعالى، وقيل: عنى به الملك الذي ربَّاه، [و](1) الأولُ أليقُ بقوله.
ثم قال: والرُّبُوبيةُ مصدرٌ، يقال في الله تعالى، والرِّبَابَةُ تُقال في غيره.
وجمع الرُّبُّ: أَرباب، قال الله:{أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39]، ولم يكن من حقِّ (الربِّ) أن يُجمعَ إذا (2) كان إطلاقه (3) لا يتناول إلا الله تعالى، لكنْ أتى بلفظ الجمع فيه على حسب اعتقاداتهم، لا على ما عليه الشيءُ (4) في نفسه.
و (الربُّ) لا يقال في التعارف إلا في الله تعالى، وجمعه: أرِبَّة ورُبُوبٌ، قال الشاعر [من البسيط]:
كانتْ أرِبَّتَهُم بَهْزٌ وغَرَّهُمُ
…
عَقْدُ الجِوارِ وكانوا مَعْشَرًا غُدُرا (5)
وقال [من الطويل]:
(1) زيادة من "ت".
(2)
"ت": "إذ"، وكذا في المطبوع من "المفردات".
(3)
في الأصل: "إطلاق"، والمثبت من "ت".
(4)
في المطبوع من "المفردات": "ذات الشيء".
(5)
البيت لأبي ذؤيب الهذلي، كما في "ديوان الهذليين"(1/ 44).
وكنتَ امرأً أفضتْ إليكَ رِبابَتي
…
وقبلَكَ رَبَّتني، فضِعْتُ، رُبوبُ (1)
ويقال للعقد في موالاة الغير: الرِّبَابَة، ولِمَا [يُجمع] فيه من القدح: رِبابه.
واختصَّ الرَّابُّ والرَّابةُ بأحد الزوجين إذا تولى تربية الولد من زوج كان قبله، والرَّبيبُ والرَّبيبةُ بذلك الولد (2)، قال تعالى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} [النساء: 23].
وربَّبْتُ الأديمَ بالسَّمْن، والدواء بالعسل، وسِقاءٌ مَرْبوب، قال الشاعر [من] الطويل":
وكُونِي لهمْ كالسَّمنِ رُبَّتْ له (3) الأَدَمْ (4)
والرَّباب: السَّحاب، وسُمِّي بذلك؛ لأنه يَرُبُّ النبات، وبهذا النظر سُمِّي المطرُ دَرًّا (5).
(1) البيت لعلقمة بن عبدة، كما في "ديوانه بشرح الشنتمري" (ص: 43) وعنده:
وأنت امرؤٌ أفَضَتْ إليكَ أمانتي
…
وقَبلَك ربَّتنى فضِعْتُ ربوبُ
(2)
في الأصل: "الواحد"، والمثبت من "ت".
(3)
في الأصل: "وكوني له بالشمس ربت به".
(4)
عجز بيت لعمرو بن شأس، كما نسبه ابن سلام في "طبقات فحول الشعراء"(1/ 200)، وابن دريد في "جمهرة اللغة"(1/ 28)، وابن منظور في "لسان العرب"(1/ 403)، وصدره:
فإن كنتِ مني، أو تريدين صحبتي
(5)
انظر: "مفردات القرآن" للراغب (ص: 336 - 338).