الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأصولِ (1) - فظاهرُهُ أنَّهُ لا يدلُّ.
ويمكن أنْ يقالَ: بل يدلُّ، ووجهُ الدليل منه أنْ يقولَ: عدمُ وجوبِ غسل الكفين مع الذراعين مع دلالة الحديث علَى غسلهما ثانيًا عندَ غسل اليدين، يلزمُ منه أمر ممتنع، فيمتنعُ عدمُ الوجوب مع ما ذكرناه.
[وإنما قلنا: إنَّهُ يلزم منه أمرٌ ممتنعٌ علَى هذا التقدير؛ لأنه يلزمُ منه](2) الزيادةُ علَى الثلاثِ (3) في غسلِ الكفين، وهو مكروهٌ؛ أعني: الزيادة علَى الثلاثِ في غسل أعضاء الوضوء؛ كما دلَّ عليه الحديثُ الآتي: "فمَنْ زَادَ علَى هذَا أو نَقَصَ فقدْ أسَاءَ وظَلَمَ"، أو "ظَلَمَ وأَسَاءَ"(4).
الحادية عشرة:
للمالكيةِ طريقٌ في الاستدلالِ بالعددِ علَى التعبُّدِ، حيثُ يكون أصلُ الفعل محصلاً للمقصود علَى تقدير فهمِ المعنَى.
مثالُهُ: أنَّهم لمَّا قالوا: إنَّ غسلَ الإناء من ولوغ الكلب تعبدٌ،
(1) انظر: "المحصول" للرازي (3/ 345)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 247).
(2)
سقط من "ت".
(3)
"ت": "التثليث".
(4)
رواه أبو داود (135)، كتاب: الطهارة، باب: الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، والنسائي (140)، كتاب: الطهارة، باب: الاعتداء في الوضوء، وابن ماجه (422)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. وإسناده صحيح، انظر:"التلخيص الحبير" لابن حجر (1/ 83).
لا للنَّجاسةِ، استدلُّوا عليه بالأمرِ بالغسل سبعًا، وسلكوا هذه المادةَ حيثُ رأوا المعنَى معقولًا كغسل الرجلين، وهو كثيرٌ مباشرتُهما للأوساخ، واقتضَى ذلك أنْ يكونَ المقصودُ النظافة، فلم يستحبُّوا التثليث في غسلها (1)، وإنْ كَان صحيحًا في الحديثِ، فقد استعملوا هذه المادةَ طردًا وعكسًا؛ أي: حيثُ فُهِمَ المعنَى لمْ يروا بالعددِ، وحيث تعيَّنَ العدد لمْ يروا بكونِ المعنَى مفهومًا.
وسلك هذه الطريقةَ في حديث عثمان رضي الله عنه أبو محمد عبد الواحد بن عمر السَّفاقسيُّ فيما وجدناه [عنه](2)، فقال: وقوله في حديث عثمان: غسل يديه ثلاثًا، فيه حجة لابن القاسم، أنها عبادةٌ لتوفيتِهِ العددَ؛ هذا أو معناه.
وهذه الطريقةُ عندنا ضعيفةٌ؛ لأنه لا منافاةَ بين فهمِ أصل المعنَى، وطلبِ التأكيدِ فيه والاستظهار بالزيادةِ في تحصيل المقصود [منه](3).
وأيضًا فلو سلَّمنا أنَّ العددَ دليلُ التعبُّد، لمْ يقدحْ ذلك في فهم أصل المعنَى، فقد يكون الأصلُ معقولًا، والتعبُّد في التفصيلِ، هذا يُفهمُ إذا لمْ يتوجهِ (4) المعنَى في التفصيلِ، فكيف إذا احتمل أنْ يكونَ مؤكدًا للأصل، أو غير ذلك من المعاني؟!
(1) انظر:، "مواهب الجليل" للحطاب (1/ 262).
(2)
سقط من "ت".
(3)
سقط من "ت".
(4)
في الأصل: "إذا لم يتوجه يفهم"، والمثبت من "ت".