الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اصطلاح، ولا مشاحَّة (1)، غير أنه قد يُوهِمُ الامتناعُ من إطلاق السنة عليها عدمَ تأكدها، مع كونه ثابتاً في نفس الأمر، ومثاله:"ركعتَا الفجرِ خيرٌ من الدُّنيا وما فيها"(2)، فقد حصل فيهما التأكد فعلاً وقولاً؛ أما فعلاً ففي المواظبة (3)، وأما قولاً فـ "ركعتا الفجرِ خيرٌ من الدنيا وما فيها"، فهذان دليلان على التأكد، فمن امتنعَ من إطلاقِ لفظ السنة عليهما، وجعلهما من المستحبَّات؛ لأنه اشترط في السنة أن يُواظبَ عليها مُظهراً لها، فاعتباره لقيد الإظهار في التسمية بالسنة مع حصول التأكد مُجرَّدُ اصطلاح، وفي إطلاقِ لفظ المستحب عليهما، والامتناعِ من لفظ السنة، ما يوهم قصورَهما عن درجة التأكد، والله أعلم.
الخامسة:
لما دلَّ على الطلب عند الوضوء، فعند حصول مُسمَّاه يحصل الاستحبابُ، سواء كان المتوضئُ مُريداً للصلاة في الحال، أو لم يكن.
السادسة:
اختلف أصحاب الشافعي - رحمهم الله تعالى - في أن السواك هل يعدُّ من سنن الوضوء؟
(1)"ت": "مشاححة".
(2)
رواه مسلم (725)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب ركعتي سنة الفجر، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(3)
روى البخاري (1116)، كتاب: التطوع، باب: تعاهد ركعتي الفجر، ومسلم (724)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب ركعتي سنة الفجر، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد منه تعاهداً على ركعتي الفجر.
فلم يعدَّها كثيرون من سننه، وإن كانت مندوبةً (1) في ابتدائه، وعدَّها آخرون من سننه، قال بعضُهم: وهو الوجهُ، ولهذا تقع معتدًّا بها مثاباً عليها إذا نوى مطلق الوضوء، ولو لم تكن معدودة لما اعتدَّ بها بنيَّة الوضوء (2).
وفائدة هذا الخلاف: أن النية إذا اقترنت بأول سنن الوضوء، وعَزَبَت (3) قبل غسل الوجه، ففي صحة الوضوء وجهان (4)، فتوقَّفَ وجودُ الخلاف على معرفة ما هو من سنن الوضوء لتنبني عليه الصحةُ على وجه، فإذا قلنا: إن السواك من سننه، فنُوِيَ عنده، ثم عزبت النية، جاء الوجه القائل بالصحة، وإذا قلنا: ليس من سننه، لم يجئ ذلك (5) الوجه.
ولقائل أن يقول: إما أن يكون لابتداء الوضوء خصوصية في استحباب السواك، أو لا.
فإن لم يكن، فكيف يُعَدُّ من مندوباته؛ أعني: بخصوصه، وحالتُه وحالةُ غيره سواء حينئذ، فلا اختصاص؟
وإن كان له خصوصية بالنسبة إليه، فالامتناع من تسميته سنةً مع
(1) في الأصل: "كان مندوبًا"، والمثبت من "ت".
(2)
انظر: "المجموع في شرح المهذب" للنووي (1/ 338).
(3)
أي: غابت.
(4)
انظر: "الوسيط" للغزالي (1/ 248).
(5)
"ت": "هذا".