الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ (1)
ثم قال: وأما (ثم) فللترتيب في المعنى بانفصال؛ أي: يكون المعطوفُ بها لاحقًا للمعطوف عليه في حكمه، متراخيًا عنه بالزمان؛ كقوله تعالى:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: 121 - 122].
وقد تأتي للترتيب في الذِّكر كقوله تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} [الأنعام: 154].
وقد تقعُ موقعَ (الفاء) كقول الشاعر [من المتقارب]:
كَهَزِّ الرُّدَيْنيِّ تَحْتَ العَجَاجِ
…
جَرَى في الأَنابِيبِ ثمَّ اضْطَرَبْ (2)
وفي التفصيل المذكور؛ كقولك: توضأ فغسل وجهه، ثم يديه، ثم مسح رأسه، ثم رجليه.
وقد تعطف بـ (الفاء) متراخٍ؛ كقوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} [الأعلى: 4 - 5](3).
التاسعة:
في طريق أخرى لتخريج (4) الألفاظ المنافية للتعقيب في
(1) انظر: "ديوان امرئ القيس"، وصدر البيت:
قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ
(2)
البيت لحميد بن ثور الهلالي، كما في "ديوانه" (ص: 43) وعنده: "بين الأكف" بدل "تحت العجاج".
(3)
انظر: "شرح الكافية" لابن مالك (ص: 1206) وما بعدها، وهو الذي قصده المؤلف بكلامه ونقل عنه.
(4)
في الأصل: "لتخرج"، والمثبت من "ت".
(الفاء)، والترتيب والتراخي في (ثم)، وهو حَملُ الترتيبِ على الترتيب في الإخبار، وقد ذكرنا آنفًا عن هذا الذي أدركناه من المتأخرين الترتيبَ في الذكر.
وقال أبو الحسن بن أبي الربيع النحويُّ الأندلسيُّ لما تكلَّمَ على الفاء: اعلم أن (الفاء) تقتضي أن الثاني بعد الأول بغير مُهلة، فإذا قلت: قام زيد فعمرو، فمعناه أن عَمْرًا قام بعد زيد مُتصلًا [به](1)، وقد يكون الترتيبُ للإخبار، تقول: مُطرنا مكانَ كذا فمكانَ كذا، إذا أردتَ أن تستوعبَ جميعَ الأماكن التي أخذها المطرُ، [فأخذتَ جهةً، ثم فَرَوَتْ شيئًا بعد شيء إلى أن تنتهيَ إلى آخرها، وربما أصابها المطرُ](2) كلَّها في وقت واحد، [ولم تدرِ كيفَ نزل المطرُ فيها؟.
وكذلك تقول: شتمني زيد، فعمرو، فخالد، فلا تزال تتخبطُ من واحد] (3) إلى آخرَ حتى تنتهي إلى أقلِّهم منزلةً، وربما الذي شتمك أولاً ذكرتَهُ (4) آخرًا، لكنك قصدتَ أن تخبر بالأمر على هذا التدريج، وعلى حسب مراتبهم، ولو جئت بالواو لم يكنْ فيه إلا الجمع، وأنَّ الفعلَ وقع بالجميع، ولم تقصدْ إلى هذا التدريج، ولم يكنْ ذكرك الأولَ، والثاني بعده، والثالث بعده، بالقصد، وإنما كان باتفاقٍ، إذ لابدَّ من تقديم واحد على آخر، إذا أخبرتَ أنَّ الفعلَ وقع بالجميع.
(1) زيادة من "ت".
(2)
سقط من "ت".
(3)
سقط من "ت".
(4)
"ت": "ذكرك".
[ثم](1) لما تكلَّمَ على ذكر أنَّ (ثم) يكون الترتيبُ فيها على وجهين: ترتيب الإخبار، وترتيب الوجود، قال: ويجوز أن [يكون](2) على هذا (3) قولُهُ سبحانه: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} [الأنعام: 154].
قال: وقد يكون الترتيب بالنظر إلى شخصٍ [دونَ شخص](4)، تقول: ساد زيد عندي، ثم عمرو، ثم خالد؛ أي: علمتُ سيادةَ زيد أولاً، ثم سيادة عمرو، ثم سيادة خالد، وإن كان خالد قد ساد قبلهما، ومثلُ هذا موجودٌ في كلام العرب، إذا اعتبرته وجدته (5).
فهذا مع كلامِ مَنْ قدَّمنا رضًى بكونِ الترتيبِ يكونُ في الذكر، وقد وردَ هذا، وذكرنا تضعيفَهُ عن أبي محمد بن بري فيما سبق.
ووجدتُ عن أبي الحسن بن عُصفور أنه لما تكلَّمَ على قوله: بلغني ما صنعتَ اليومَ، ثم ما صنعتَ أمسِ أعجبُ، وهو (6) أحدُ ما ذُكِرَ في الاستدلال لمن يقول: إن (ثم)[تكونُ](7) بمعنى الواو، وخرَّجه على أن (ثم) لتفاوت ما بين الصُّنعين.
(1) سقط من "ت".
(2)
سقط من "ت".
(3)
"ت": زيادة "في".
(4)
زيادة من "ت".
(5)
انظر: "البسيط في شرح جمل الزجاجي" لابن أبي الربيع (1/ 336 - 338).
(6)
"ت": "وهذا".
(7)
زيادة من "ت".