الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبهذا الاعتبار يمكن أن يقالَ في إرشاده تعالى إلى هذه الخصال التي هي في مرتبة التحسين والتزيين للهيئة الظاهرة، وبروزها فيما تَقبله النفوس، وتُقبل عليه القلوب، مثلُ هذا.
الثانية والعشرون:
في هذا الحديث من أنواع البديع نوعُ المُطابقة وهو اشتمال الكلام على الضِّدين على الاصطلاح المشهور، وذلك [في] (1) قوله صلى الله عليه وسلم:"قصُّ الشارب وإعفاءُ اللحية"، فإن الإعفاءَ ضدُّ القص.
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما في هذا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أحفُوا الشواربَ، وأعفُوا اللِّحى"(2)؛ وسيأتي ذكره عند الكلام على التعارض بين القص والإعفاء، وكذلك روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمرَ بإحفاءِ الشواربِ، وإعفاءِ اللحى (3)؛ وكذلك الرواية الأخرى في حديثه:"خالفُوا المشركينَ؛ أحفُوا الشواربَ، وأوفُوا اللِّحى"(4)؛ فإن في ذلك كلِّه مع المطابقة نوعاً من أنواع المُجانسة، فإنها بالنسبة إلى اتفاق الوزن والتركيب واختلافهما أربعةُ أنواع:
اتفاق الوزن واتفاق التركيب؛ كالإنسان يراد به إنسان العين، والإنسان يراد به الآدمي.
واتفاق الوزن واختلاف التركيب بحرف واحد، وهو ما نحن فيه من:"أحفوا" و "أعفوا"، وكذلك الخيل والخير في لفظ النبي صلى الله عليه وسلم:
(1) سقط من "ت".
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
رواه مسلم (259/ 53)، كتاب: الطهارة، باب: خصال الفطرة.
(4)
تقدم تخريجه.
"الخيلُ معقودٌ في نواصِيها الخيرُ"(1).
واختلاف الوزن واتفاق التركيب؛ كالخَلْق والخُلُق.
واختلاف الوزن واختلاف التركيب بحرف واحد؛ كيَحسبون ويُحسنون.
وإنما قلنا: بالنسبة إلى اتفاق الوزن والتركيب؛ لأن لهم نوعين في التجنيس وسمّى بعضهم (2) أحدَهما (3): العكسَ؛ إما في الكلمات؛ كعادات السادات، وسادات العادات، أو في حروف الكلمة؛ كالبدر والبرد (4)، و "اللهمَّ استرْ عَوراتِنا، وآمنْ رَوعَاتِنا"(5).
وسمى بعضهم الآخرَ (6): المجتث (7)؛ كالأحجار وجار.
(1) رواه البخاري (2695)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، ومسلم (1873)، كتاب: الإمارة، باب: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، من حديث عروة البارقي رضي الله عنه.
(2)
"ت": "وبعضهم سمى".
(3)
في الأصل: "أحدهم"، والمثبت من "ت".
(4)
"ت": "كالبرد والبرد".
(5)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 3)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 136): رواه أحمد والبزار، وإسناد البزار متصل، ورجاله ثقات، وكذلك رجال أحمد، إلا أن في نسختي من "المسند" عن ربيح بن أبي سعيد، عن أبيه، وهو في البزار عن أبيه، عن جده.
(6)
"ت": "للآخر".
(7)
في الأصل: "الخس"، والمثبت من "ت".