الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأولى، وبعدَ غلبة الظنِّ بها يضعف التشغيبُ أكثر في أن المراد ب (أتمهن) فعلهن.
وهذا (1) الإلزام الذي ذكرناه في حقِّ من يسلمُ أنَّ الكلماتِ الخصال، ويستدل في مسألة الختان بذلك الدليل أقوى منه في حق من لا يقول بذلك (2).
السادسة عشرة:
قد ذكرنا في معنى الإعفاء التكثير، وهو التوفير لتكثُرَ، وهو معنى (3) "أوفوا" في الرواية الأخرى؛ أي: اجعلوها وافية، فالأمر بالإعفاء من باب إقامة المسبب في الأمر مقامَ السبب؛ لأن ترك قصها سببٌ لكثرتها، فوُضِعَ إعفاؤها وهو المسببُ موضعَ تركِ قصها، وهو السبب.
وإن صحَّ أن يكون إعفاؤها من باب: أعفيت فلانًا من كذا؛ أي: تركته من طلبه منه، أو ما يقرب منه، فيكون الإعفاءُ بمعنى: ترك قصها، فلا (4) يكون من باب إقامة المسبب [مقامَ السبب](5).
السابعة عشرة:
لم نعلمْ أنَّ أحدًا ذهب إلى أن "أعفوا اللحى" إذا كان بمعنى كثِّروها وأوفوها؛ أنه يدخل تحته معالجتُها بما يُنبت الشعرَ أو يطوِّلُه؛ كما يفعله بعضُ من ينتمي إلى التصوف من المتأخرة، وإن
(1) في الأصل: "وعلى هذا"، والمثبت من "ت".
(2)
"ت": "ذلك".
(3)
في الأصل: (بمعنى)، والمثبت من "ت".
(4)
"ت": "ولا".
(5)
زيادة من "ت".
كان اللفظ يحتمله على هذا التقدير وكان الصارف عنها أحد وجوه:
منها: قرينةُ السياق في قوله عليه السلام: "قص الشارب [وإعفاء اللحية"، فإنه يُفهَمُ منه مقابلة القص من الشارب] (1) بالإعفاء (2) في اللحية، ولا مدخلَ للعلاج في هذا، والسياق يُرشد إلى إيضاح المبهمات، وتعيين المحتملات.
وثانيها: ما ثبت في "الصحيح" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "جزُّوا الشواربَ، وأرخُوا اللِّحى، خالفُوا المجوسَ"(3)، والمنقولُ عن المجوس قصُّ اللّحى.
[و](4) ذكر الروياني: أنه كان من زيِّ كسرى قص اللحى وتوفير الشوارب، فندب صلى الله عليه وسلم أمتَهُ إلى مخالفتهم في الزي والهيئة؛ أو كما قال (5).
والمخالفة (6) في القصِّ بترك ذلك، وليس ذلك بسبيل من المعالجة.
وثالثها: العملُ المستمر من السلف الصالح والناس، ولم يُنقل أن أحدًا من الناس المتقدمين المُقتدَى بهم كان يعالج هذا الأمر.
(1) سقط من "ت".
(2)
"ت": "والإعفاء".
(3)
رواه مسلم (260)، كتاب: الطهارة، باب: خصال الفطرة.
(4)
سقط من "ت".
(5)
انظر: "بحر المذهب" للروياني (1/ 82).
(6)
"ت": "فالمخالفة".