الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثانية:
المَشَقَّةُ: ما يصعب احتماله على النفس، كأنها مشتقة من الشَّق، وهو [الخَرم] الواقع في الشيء، تقول: شقَّه بنصفين، قال الله تعالى:{ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} [عبس: 26]، وقال:{يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا} [ق: 44]، وقد تسمى الأرض ذات الشقوق مَشقة (1)، فلعله لما كان سلوكُ مثلِها صعباً على البدن شُبِّهَ به ما يصعب على النفس احتماله، فسُمي مَشقة، أو لعلهما معاً مأخوذان (2) من أصل واحد، وهو الشق.
الثالثة:
ذكر الراغب: أنَّ الأمةَ: كلُّ جماعة يجمعهم أمرٌ ما؛ إما دين واحد، أو مكان واحد، أو زمان واحد، سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيراً، أو اختيارياً، وجمعها: أُمَم، وقوله عز وجل {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38]؛ أيَ: كل نوع منها على طريقةٍ [قد](3) سخَّرها الله عليها بالطبع، فهي من بين ناسِجةٍ كالعنكبوت، وبانيةٍ كالسوس (4)، ومدّخرة كالنمل، ومعتمدةٍ على قوت وقتها كالعصفور والحمام.
ثم قال: وقوله: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213]؛ أي صنفاً
(1) انظر: "مفردات القرآن" للراغب (ص: 459).
(2)
في الأصل: "واحدة"، والمثبت من "ت".
(3)
سقط من "ت".
(4)
في المطبوع من "مفردات القرآن": "كالسُّرْفة". قلت: وهي دويبة صغيرة تثقب الشجر، تتخذه بيتاً يضرب بها المثل فيقال: أصنع من سُرفة. انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (2/ 361).
واحداً، وعلى طريقة واحدة في الضلال والكفرَ، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [هود: 118]؛ أي: في الإيمان، {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: 104]؛ أي: جماعة يتحرَّون (1) العلمَ والعمل الصالح تكون (2) أسوةً لغيرهم، وقوله:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: 22]؛ أي: على دين مجتمع عليه.
قال الشاعر [من الطويل]:
وهل يأثَمَنْ ذُو أُمَّةٍ وهوَ طَائِعُ (3)
وقوله: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45]؛ أي: حين، وقرئ:(بعد أَمَهٍ)(4)؛ أي: بعد نسيان، وحقيقة ذلك بعد انقضاء أهل عصر، أو أهل دين.
وقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} [النحل: 120]؛أي: قائماً مقام جماعة في عبادة الله، نحو قولهم: فلان في نفسه قبيلة، وروي: أنه: "يُحشرُ زيدُ بنُ عمرِو بن نُفيلٍ أمَّةً وحدَه (5) "(6).
(1) في المطبوع: "يتخيرون".
(2)
في المطبوع: "يكونون".
(3)
عجز بيت للنابغة الذبياني، كما في "ديوانه " (ص: 82)، وصدره:
حلفتُ فلم أترك لنفسكَ ريبةً
(4)
وهي قراءة الحسن، انظر:"الإتحاف" للدمياطي (ص: 332).
(5)
في الأصل: "واحدة"، والمثبت من "ت".
(6)
رواه النسائي في "السنن الكبرى"(8187)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2/ 75)، من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، =