الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له، فينبغي أن يتأدَّى المقصودُ بأيّهما كان.
وفي كلام بعضهم التخييرُ، فإنه قال: فهو [مخيَّرٌ](1) بين القص بنفسه وبين أن يوليَ ذلك غيرَهُ؛ لحصول المقصود من غير هَتْك مُروءة ولا حُرمة، بخلافِ الإبطِ والعانة (2).
والأقرب عندي: أن لا يكونَ هذا التخيير بمعنى التسوية بين الأمرين، وأن يترجَّحَ (3) قصُّه بنفسه على قصِّه من الأجانب الذين ليس بين الإنسان وبينهم حُرمة تقتضي العادةُ المسامحةَ [بذلك](4) منهم، ولكنه ترجيحٌ غير قوي.
الحادية عشرة:
ها هنا تقييدٌ لما يقتضيه الإطلاقُ من استحباب قصِّ الشارب من غير قيد، وهو ما دلَّ عليه الحديث الصحيح عن أمِّ سلمة رضي الله عنها: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا رأيْتُم هلالَ ذي الحجةِ وأرادَ أحدُكمْ أن يضحِّيَ، فليُمْسِكْ عنْ شعرِ، وأظفاره"(5).
وفي كتاب "العتبية"(6) عن مالك: لا بأسَ بذلك.
(1) زيادة من "ت".
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (3/ 149).
(3)
في الأصل: "ترجح"، والمثبت من "ت".
(4)
سقط من "ت".
(5)
رواه مسلم (1977)، كتاب: الأضاحي، باب: نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا.
(6)
في الأصل: "العتبي"، والمثبت من "ت".
ونقل ابن أبي زيد (1)، عن ابن المسيِّب أنه [قال] (2): لا بأس بالإطلاق في العشر (3).
قال قاضي الجماعة أبو الوليد بن رُشد - بعد ذكر ما ذكره من الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها: وإنما لم يرَ مالكٌ بهذا بأسًا؛ لأنه عارضه عنده (4) حديثُ عائشة رضي الله عنها: أنها قالت رداً لقول ابن عباس رضي الله عنهما: منْ أهدَى هديا حرمَ عليه ما يَحرمُ على الحاجِّ حتى ينحرَ الهدي: ليس كما قال ابنُ عباس، أنا فتلتُ قلائدَ هديِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها بيده (5)، وبعث بها فلم يحرمْ عليه شيء مما أحلَّه الله (6)، حتى ينحر الهدي (7).
فأحرى أن لا يحرمَ على الذي يريد أن يضحي أو عنده ذبح يريد أن يضحي به شيءٌ.
(1) في الأصل: "نقل عن ابن أبي زيد" والمثبت من "ت".
(2)
زيادة من "ت".
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(14784).
(4)
في الأصل: "عند"، والمثبت من "ت".
(5)
في الأصل: "بيدي"، والمثبت من "ت".
(6)
في "ت" زيادة: "لأنه إذا لم يحرم على الذي بعث بالهدي شيء مما أحله الله".
(7)
رواه البخاري (1613)، كتاب: الحج، باب: من قلد القلائد بيده، ومسلم (1321)، كتاب: الحج، باب: استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه.
فإن (1) قال: معنى حديث عائشةَ أنه لم يحرمْ على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ مما أحلَّ الله له من أهله حتى نحر الهدي على ما جاء في بعض الآثار عنها، ويحرمُ عليه ما سوى ذلك من حلق الشعر وقص الأظفار على ما حدَّثتْ (2) أم سَلمةَ.
قلت: ظاهر قول مالك رحمه الله أنه لا يكره ذلك، والتعارض الذي أشار إليه القاضي أبو الوليد مشروطٌ بأن يُحملَ النهيُ في حديث أم سلمة رضي الله عنها على التحريم، مع دلالة حديث عائشة رضي الله عنها على الإباحة.
وأما إذا حُمل حديثُ أمّ سَلمةَ على الكراهة، وحديثُ عائشةَ على الجواز، فلا تعارضَ في ذلك، وفيه جمع بين الحديثين.
هذا على تقدير أن يكون الحديثان يتناولان شيئًا واحداً، وفيه نظر أيضًا؛ لأن حديث أم سلمة رضي الله عنها لم يتناول المباشرة للأهل، وإنما تناول الشعر والظفر، فإذا حُمل حديث عائشة رضي الله عنها على مباشرة الأهل؛ كما جاء في رواية:"لم يحرمْ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم شيء مما أحلَّ اللهُ له من أهلِهِ حتى نحرَ الهديَ" واستدللنا بهذا القيد (3) على مرادها من ذلك [الإطلاق](4) لم يجمعا في
(1) في الأصل: "بأن"، والمثبت من "ت".
(2)
(ت): (في حديث).
(3)
(ت): "التقييد".
(4)
"ت": "ت".