الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الوجه الثاني: في شيء من مفردات ألفاظه، وفيه مسألتان:
الأولى:
قال الزمخشري: ختَنَ الصبيُ واختتنَ، وصبي مختون ومختتِن، واختتنَ إبراهيمُ عليه السلام بقدوم، وهو خاتن القوم، وحرفته الخِتانة، وكنا في خِتان فلان وفي عذاره، وقد برئ خِتانُهُ، وهو موضع القطع، ومنه:"إذا الْتَقَى الخِتانانِ"(1).
ثم قال: ومن المجاز: عامٌ مختونٌ: للمُجدِبِ؛ كما قيل: عامٌ أغْرَلُ وأقلفُ: للمخصب (2).
الثَّانية:
قال أبو عُبيد البكري: قَدُوم - بفتح أوله على وزن فَعُول -: ثنيَّةٌ بالسَّرَاةِ وهو بلد دوس.
وفي حديث الطُّفيل بن عَمرو الدوسي ذي النور: فلمَّا أوفيت قَدُوم سطعَ من كُداء نور (3)، والمحدثون يقولون: قَدُّوم، بتشديد ثانيه.
وفي الحديث: عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "واخْتَتَنَ إبراهيمُ عليه السلام وهو ابنُ ثمانينَ سنةً بالقَدُومِ" ورواه أبو الزِّناد: "بالقَدُوم" مخففًا (4) وهو قول أكثر اللغويين.
وقال محمَّد بن جعفر اللغوي: قَدُّوم: موضعُ معرفة (5) لا تدخل
(1) تقدم تخريجه.
(2)
انظر: "أساس البلاغة" للزمخشري (ص: 153).
(3)
في الأصل: "بعد"، والمثبت من "ت".
(4)
ذكره البُخَارِيّ في "صحيحه" بعد حديث (3178) المتقدم تخريجه.
(5)
في الأصل: "نعرفه"، والمثبت من "ت".
عليه الألف والسلام، هكذا ذكره بالتشديد.
قال: ومن روى في حديث إبراهيم: "اختَتَنَ بالقَدُوم" مخففًا، فإنما يعني: الذي يُنْجَرُ به.
وروى البُخَارِيّ في كتاب الجهاد، في باب: الكافر يقتل المسلم ثم يسلم، من طريق عمرو بن يحيى قال: أخبرني جدي: أن أَبان بن سعيد أقبلَ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بعد ما افتتحوها، فقال: يَا رسول الله! أسهمْ لي، فقال أبو هريرة: لا تسهمْ له يَا رسول الله، هذا قاتلُ ابنِ قَوْقَل، فقال أبانٌ لأبي هريرة: واعجبًا لوبرٍ تدَلَّى علينا من قَدُوم ضأنٍ ينعى عليَّ قتلَ رجل مسلم أكرمه الله على يديَّ، ولم يُهِنِّي على يديه (1). وخرَّجه البُخَارِي أَيضًا في عُرْوة خيبر (2).
هكذا رواه النَّاس عن البُخَارِيّ: "قدوم ضأنٍ" بالنُّون إلَّا الهمذاني، فإنَّه رواه:"من قدوم ضال" باللام (3)، وهو الصواب إن شاء الله.
والضَّالُ: السدر البري (4).
(1) رواه البُخَارِيّ (2672)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الكافر يقتل المسلم ثم يسلم.
(2)
رواه البُخَارِيّ (3996، 3997)، كتاب: المغازي، باب: عُرْوة خيبر.
(3)
كذا رواه أبو داود (2724)، كتاب: الجهاد، باب: فيمن جاء بعد الغنيمة لا سهم له.
(4)
قلت: جعل الحافظ ابن حجر في "الفتح"(6/ 41) كلام أبي عُبيد البكري الذي نقله المؤلف هنا من قوله "هكذا رواه النَّاس" إلى قوله: "السدر البري"، جعله الحافظ من كلام المؤلف ابن دقيق، وهو سهو، وإنما نقله المؤلف عن أبي عبيد كما ترى، والعصمة من الله وحده.