الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ظهر بما ذكرنا ما ذكرته في الأصل من أن جماعةً رووه عن مالك كما ذكرنا، وأنَّ روحاً رواه مسنداً، وروحُ بن عبادة من الثقات.
* * *
*
الوجه الثالث: في شيء من مفردات ألفاظه، وفيه مسائل:
الأولى:
كلمة (لولا) مشتركةُ الدلالة بين التحضيض والشرط، فمِمَّا وردت فيه بمعنى التحضيض قول الشاعر [من الطويل]:
تَعُدُّونَ عَقْرَ النِّيبِ (1) أفضلَ مجدِكُمْ
…
بني ضَوْطَرَى لَوْلا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا (2)
وورودها بمعنى الشرط كثير جداً (3).
وفي كلام بعضهم ما يُشعرْ بأنه الأصل، وأن التحضيض خرجت به عن بابها.
فإن أرادَ الكثرة في الشرط فقريب، وإن أرادها مجازاً في التحضيض فبعيد. والأقربُ ما قاله غيرُه من الاشتراك، وإن كان المجاز خيراً من الاشتراك، لكنه إذا ترجَّحَ الدليلُ عليه قُدم على الأصل؛ أعني: ترجيح المجاز على الاشتراك.
(1) في الأصل: "الذيب"، والمثبت من "ت".
(2)
البيت منسوب لجرير، كما في "ديوانه" (ص: 265)، ونُسب إلى الأشهب ابن رميلة. انظر:"خزانة الأدب" للبغدادي (1/ 461)، (4/ 498). ورواية الديوان:"سعيكم" بدل "مجدكم"، و"هلًا" بدل "لولا".
(3)
انظر: "الصحاح" للجوهري (6/ 2554).
والدليلُ على ترجيح الاشتراك هاهنا: أن المجاز لا بدَّ فيه من العلاقة بين الحقيقة والمجاز، والعلاقةُ بين معنى الشرط المذكور، وهو الامتناع للوجود، وبين معنى التحضيض الذي يشعر بطلب، بعيدة تحتاج (1) إلى تكلف بعيد خارج عن نَمَط علاقات الحقيقة والمجاز.
وإذا ثبت ورودها للشرط، فمعنى الشرط فيها امتناع الشيء لوجود غيره؛ أي: امتناع الجواب لوجود الشرط.
قال بعضُهم بعد ذكر معناها: وكذلك يقتضي تركيبها من (لو) و (لا)، وذلك أنه قد تقدم أن (لو) إذا وقع (2) شرطاً لَما انتفى، كان موجباً في المعنى، فكأنَّ (لو) دخلت (3) على (لا زيدٌ حاضر)، فصارت (لو) موجباً في المعنى، لا (4) أن (لو) من (لولا) حرف نفي، بل (5) قد صارت كحرف واحد غير مركب معناه كذا (6).
هذا معنى كلامه، وإذا لم تكن دالة على النفي، لم يصحَّ أنَّ مقتضى (لولا) ما ذكر؛ لامتناع حصول المعنى من غير دلالة الدليل اللفظي عليه.
(1) في الأصل: "يحتاج"، والمثبت من "ت".
(2)
عامل (لو) معاملة المذكر على تقدير معنى الحرف.
(3)
عامل (لو) معاملة المؤنث على تقدير معنى الكلمة.
(4)
"ت": "إلا".
(5)
"ت": "بلى".
(6)
انظر: "الكامل في الأدب" للمبرد (1/ 362).