الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا صحيح؛ لأن المعدة إذا خلت ارتفعت منها أبخرة تعلقُ (1) باللسان والأسنان، فتغير رائحة الفم.
فإن أردت بقولك: إن السواك لا يزيله: أنَّ السواك لا يقطع مادته من المعدة، فهذا صحيح، لكنه لا يلزم منه أن لا يُزال ما عَلِقَ باللسان والأسنان، فإن تجدَّد (2) من تلك المادة شيء آخر، كان حكمُه حكمُ الأول في الإزالة.
وإن أردت: أنَّ السواك لا يزيل ما يَعْلَق باللسان والأسنان، ووجد فيهما، فهذا ليس بصحيح (3).
وأما دعوى: أن السواك يزيده إذا كان من المعدة، فيحتاج مُدعيه إلى إثباته.
الثالثة والعشرون:
قد ذكرنا: أن قولَه تعالى: "يدع شهوتَهُ وطعامَهُ من أجلي" يقتضي: أن ما ليس كذلك فليس بصوم، وكذلك أيضًا يقتضي (4): أن ما هو كذلك فهو صوم.
فلو [قال](5) قائل: أجدُ من الحديث أن علةَ الربا في المطعومات الطعمُ؛ كما يقول الشافعي، وقرر ذلك بأن قال: إن كان الحكم
(1)"ت": "تتعلق".
(2)
في الأصل: "تجددت"، والمثبت من "ت".
(3)
"ت": "فذلك غير صحيح".
(4)
"ت": "يقتضي أيضًا".
(5)
زيادة من "ت".
المعلق بالطعام يتعلق بالمشتق (1) منه - وهو الطعم - لزم ما ذكرناه، لكنه كذلك، فيلزم ما ذكرناه.
وإنما قلنا: إنه كذلك؛ لأنه إذا ثبت أن وجودَ المذكور يقتضي صحةَ الصوم لم يَجُزْ أن لا يكونَ الحكم المعلق بالطعام يقتضي تعليقه بالمشتق منه، وهو الطعم؛ لأنه لو لم يتعلقْ بالطعم لزم أن يحصل الصومُ عند تركِ الشهوة والطعام، واستعمالِ المشروب؛ كالماء مثلًا، وذلك باطل بالإجماع، ولا كذلك إذا علق بالطعم، فإنه يقتضي حصول الصوم عند ترك الشهوة والطعام والشراب جميعًا، وإذا كان التعليق بالطعام يقتضي التعليق بالطعمية، وأن ذلك موجود في مسألة الربا، فتكون العلة هي الطعم.
فيقال له: هذا مبنيٌّ على اعتبار لفظ هذه الرواية، وقد ثبت في رواية أخرى، فيجبُ أن يضمَّ ذلك إلى ما في هذه الرواية؛ لوجوب العمل بالروايتين معًا، فيبطل الاستدلال؛ لأنه مبني على ما اقتضت (2) هذه الرواية من الاقتصار على ذكر الشهوة والطعام.
واعلم أنَّا في هذا الوجه، وفي كثير من الوجوه التي نذكرها، فنقول: إنه [قد](3) تَدلُّ على كذا، أو قد يُستدلُّ بها على كذا، إنما نريد بذلك النظرَ إليها من حيث هي هي، وهذا لا يناقضه، إلا أنها
(1)"ت": "بالشهوة".
(2)
"ت": "اقتضته".
(3)
سقط من "ت".
لا تدلُّ من ذلك (1) الوجه، وأما أنه يكون هاهنا مانعٌ من خارج من العمل (2) بذلك الدليل، فلا يعارض دلالة ذلك من حيث هو هو، ولا نَدَّعي أيضًا انتفاءَ المعارض الراجحِ، والمانعِ من العمل بذلك.
والواجبُ على المجتهد الطالب لتحقيق الحق، وإثبات الحكم، النظرُ التام فيما يكون مانعًا ومعارضًا راجحًا، ولا يمتنع أيضًا على المُباحث إيرادُ تلك الموانع والمعارضات الراجحة، ويقطع (3) النظر فيها، والله أعلم.
* * *
(1)"من ذلك" مكررة في "ت".
(2)
"ت": "ذلك العمل".
(3)
"ت": "يقع".