الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تبعًا، وترجيحَ قراءة النصب في (كله) على الرفع، وأن يكون المذكور في الحديث على الوجه الجائز؛ كما في الآيات العزيزة التي تلاها ممَّا يقتضي عدمَ التبعية في (كل).
الثالثة:
تعرَّض بعض الأدباء لاشتقاق لفظة (كل)[فقال: ويجوز أن يكون اشتقاق (كل)](1) من: كللَ الشيء: إذا صار له إكليل، ويحتمل أن يكون من قولهم:[ألقَى عليَّ كَلَّهُ؛ أي: ثقله، ويكون قولهم:](2) أخذ كله؛ أي: أخذ ما يكِلُّ [به](3) الحاملُ إذا حمله.
الرابعة:
العمل يطلق على عمل الجوارح وعلي عمل القلوب، وقد دخل الصوم تحت اسم العمل باستثنائه منه في (4) الحديث، ويمكن أن يجعل من أعمال القلوب؛ لأنَّه (5) يتمُّ بنيةٍ وكفٍّ، وكلاهما عملٌ قلبي.
الخامسة:
اشتُهر أن الصوم في اللغة: الإمساك، يقال: خيل صيام وصائمة، وصام (6) الفرس على آرِيِّه، إذا لم يَعتلِفْ (7).
(1) سقط من "ت".
(2)
سقط من "ت".
(3)
زيادة من "ت".
(4)
في الأصل: "وفي"، والمثبت من "ت".
(5)
في الأصل: "إلَّا أنه"، والمثبت من "ت".
(6)
في الأصل: "صيام"، والمثبت من "ت".
(7)
انظر: "المحكم" لابن سيده (8/ 390)، و"أساس البلاغة" للزمخشري (ص: 365)، و"لسان العرب" لابن منظور (12/ 350)، (مادة: صوم).
وصام؛ بمعنى: صمت؛ لأنَّه إمساك عن الكلام، وقوله تعالى:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] يحتمل أن يراد به الصمتُ عن الكلام، وعبَّر عنه بالصوم (1)، ويحتمل أن يكون [الصوم](2) أطلق على العرف الشرعي في الشرع السابق على ما قيل، ويكون الصمت لازماً (3)، فإذا عُلم أنه صائم، عُلم أنه صامت.
وعن أبي عبيدة: يقال لكلِّ مُمسكٍ عن الطعام، والشراب، والكلامِ، أو عن أعراضِ النَّاس وغيبتهم: صائم، وأنشد للنابغة [من البسيط]:
خَيْلٌ صِيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ
…
تحتَ العَجاجِ وأُخرى (4) تَعْلُكُ اللُّجُما (5)
قال: قياماً من غير اعتلاف، ممسكةً عن الجري، وعن تعليك اللحم، وعن الصَّهيل.
قال أبو عبيد: وقد جاء في التفسير ما يصدِّق هذا المذهب، وروى بإسناد له عن ابن عباس:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] قال:
(1) انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (12/ 182)، (مادة: صوم)، و"مفردات القرآن" للراغب (ص: 500).
(2)
سقط من "ت".
(3)
في الأصل: "ملازماً"، والمثبت من "ت".
(4)
"ت": "وخيل".
(5)
انظر: "ديوانه"(ص: 112)، (ق 13/ 25).
صمتاً (1)؛ حكاه السجستاني (2) في (3)"الزينة" عن أبي عبيد (4).
ويقال للقائم أيضاً: صائم، وأنشد الأعشى [من المتقارب]:
وهنَّ صِيامٌ يَلُكْنَ اللُّجُم (5)
وفسر صيام بـ: قيام، وكلُّ صائمٍ قائمٌ، وهو الرافع لرأسه لا يرعى ولا يعتلف، والمَصام: المقام.
قلت: جعلُ الصوم حقيقةً لغويةً في الإمساك جارٍ على القانون الذي قرَّره المتأخرون من النظَّار، وهو جعلُ المعنى العامِّ في موارد الاستعمال حقيقةً للَّفظ (6) (7)؛ لأنه يقال: صام عن الطعام، وعن الشراب، والأعراضِ، والجريِ، والصهيلِ (8)، والمشيِ، والاعتلافِ، وغيرِ ذلك، والمعنى العام للموارد: الإمساك.
(1) ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(70/ 91).
(2)
هو الإمام أبو حاتم السجستاني النحوي، المتوفى سنة (250 هـ).
(3)
في الأصل: "عن"، والمثبت من "ت".
(4)
وانظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (1/ 326 - 327).
(5)
وانظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (15/ 286 - 287)، و"لسان العرب" لابن منظور (12/ 530)، (مادة: ل أم). وصدر البيت:
وقوفاً بما كان من لَأْمَةٍ
(6)
"ت": "اللفظ".
(7)
انظر: "البحر المحيط" للزركشي (3/ 14).
(8)
"ت": "والصهيل والجري".