الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابعة:
استُدلَّ به في أصول الفقه على أن الأمر للوجوب، ووجه الدليل منه: أن كلمة (لولا) كما ذكرنا تدل على انتفاء الشيء لوجود غيره، فدلَّ (1) على انتفاء الأمر لوجود المشقة، ولو كان الأمر للندب لم ينتفِ لأجل المشقة؛ لأنَّ الاستحباب ثابت، فالأمر الدال عليه ثابت على ذلك التقدير، لكنه منتفٍ لمقتضى لفظة (لولا)، والمنتفي هو الوجوب، فالأمر الدال على الوجوب منتفٍ، فالأمر للوجوب، واعتُرِضَ عليه من وجهين:
أحدهما: تقريرُه: أنَّ ذلك إنما يصح على تقدير أن يكون استحباب السواك عند كل صلاة ثابتاً عند تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، ولا نسلمه؛ لجواز أن يكون الندبُ ثابتاً بعد ذلك، فلا يلزم ما ذكرتموه من انتفاء اللازم الذي ادَّعيتموه، وهو أنه لو كان الأمرُ للندب لما انتفى عند وجود المشقة؛ لثبوت الاستحباب، ولكنه منتف بصيغة (لولا)، فنقول: لا نسلِّم أن الاستحبابَ ثابت حينئذٍ.
والوجه الثاني: أن فيه [ما يدل](2) على أنه أراد بالأمر الوجوبَ،
= قلت: جاء الحديث عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً، كما رواه أبو نعيم في "السواك" بإسناد رجاله موثقون، وروى أيضًاَ بإسناد صحيح عن الزهري مرسلاً، نحو حديث علي رضي الله عنه. وانظر:"الإمام" للمؤلف (1/ 371 - 372).
(1)
"ت": "فتدل".
(2)
سقط من "ت".
بدليل أنه قرر (1) به المشقة، والمشقة لا تكون إلا في فعل الواجب؛ لكونه متحتِّماً، بخلاف المندوب؛ لكونه في محل الخِيَرة بين الفعل والترك، ولا يمتنع صرف الأمر للوجوب لقرينة، ودخول حرف (لولا) على مطلق الأمر لا يمنع من هذا التأويل (2).
والجواب عن السؤال الأول يظهر مما قدمناه من أن اللفظ بنفسه يدل على وجود المقتضي للأمر لولا المشقة حينئذ، ووجود المقتضي للأمر كاف في الاستحباب، فيكون الاستحباب ثابتاً حينئذ، فإنه لو صُرِّح وقيل: لولا وجود المشقة لوجب السواك عند كل صلاة، [لكان ذلك دالاً على طلب السواك عند كل صلاة](3)؛ لِما ذكرناه من دلالته على وجود المقتضي، وانتفاء الوجوب بحصول المشقة لا ينافي هذه الدلالة على وجود المقتضي لولا المشقة، فإن المشقة إنما تعارض الوجوب والتحتم.
وعن الثاني: أنَّ المسمى مطلقُ الأمر، أو الأمر المطلق، وكون المشقة دالة على الوجوب لا يمنع من كون المطلق للوجوب، والتقييدُ خلافُ الأصل.
(1)"ت": "قرن".
(2)
انظر: "المستصفى" للغزالي (ص: 210)، و"المحصول" للرازي (2/ 108 - 109)، و"الإحكام" للآمدي (2/ 166)، و"شرح مختصر ابن الحاجب للأصفهاني"(2/ 19)، و"البحر المحيط" للزركشي (1/ 380).
(3)
سقط من "ت".