الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الصَّلاةِ
بَابُ صَلاةِ الجَمَاعَةِ وَالإِمَامَةِ
383 -
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الفَذِّ
(1)
بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(2)
384 -
وَلَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا.
(3)
385 -
وَكَذَا لِلْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَقَالَ: دَرَجَةً.
(4)
الجمع بين هذه الأحاديث:
ذكر أهل العلم أقوالًا في الجمع بين قوله: «سَبْعٍ وَعِشْرِينَ» ، و «خَمْسٍ وَعِشْرِينَ» ، أقواها ثلاثة أقوال:
الأول: ذكر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في كل وقت ما أعلمه الله، وأوحاه إليه من الفضل، فبلغه كما أُوحِيَ إليه، وكان قد أُوحِي إليه أنَّ صلاة الجماعة تَفْضُلُ على صلاة الفَذِّ بخمس وعشرين، والعدد لا مفهوم له عند كثير من العلماء، ثم أُوحِي إليه زيادة على ذلك.
(1)
في «النهاية» : الفذُّ: الواحد.
(2)
أخرجه البخاري (645)، ومسلم (650).
(3)
أخرجه البخاري (648)، ومسلم (649).
(4)
أخرجه البخاري برقم (646).
الثاني: صلاة الجماعة يتفاوت ثوابها في نفسها، وذلك بإقامة حقوقها، وخشوعها.
الثالث: صلاة الجماعة يتفاوت ثوابها بما تقترن به من الخشوع، والمشي إلى المسجد، وكثرة الجماعة فيه، وكون المشي على طهارة، والتبكير إلى المسجد، والمسابقة إلى الصف الأول
…
.
وهذا القول استظهره الحافظ ابن رجب رحمه الله، وهو يشمل القول الذي قبله وزيادة.
ثم وقفت على قول رابع في الجمع بينهما:
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (23/ 222): وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا: بِأَنَّ حَدِيثَ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ ذُكِرَ فِيهِ الْفَضْلُ الَّذِي بَيْنَ صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ وَالصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَالْفَضْلُ: خَمْسُ وَعِشْرُونَ، وَحَدِيثُ السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ ذُكِرَ فِيهِ صَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا وَصَلَاتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَالْفَضْلُ بَيْنَهُمَا؛ فَصَارَ الْمَجْمُوعُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ. اهـ.
(1)
فائدة: قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في «الفتح» (4/ 30): والمراد بهذه الأجزاء، والأضعاف، والدرج معنى واحد والله أعلم وهو أنَّ صلاة الفذ لها ثواب مقدَّر معلوم عند الله، تزيد صلاة الجماعة على ثواب صلاة الفذ خمسة، وعشرين، أو سبعة وعشرين. اهـ.
(1)
وانظر: «الفتح» لابن رجب (645،647)، ولابن حجر (645، 647) ..
386 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلَى رِجَالٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ
(1)
حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ العِشَاءَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
(2)
387 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى المُنَافِقِينَ: صَلَاةُ العِشَاءِ وَصَلَاةُ الفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» .مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(3)
فائدة: قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح هذا الحديث: وإنما ثَقُلَتْ هاتان الصلاتان فِي المساجد عَلَى المنافقين أكثر من غيرهما من الصلوات؛ لأن المنافقين كما وصفهم الله فِي القرآن: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النِّسَاء: 142]، والمرائي إنما ينشط للعمل إذا رآه النَّاس، فإذا لَمْ يشاهدوه ثَقُلَ عَلِيهِ العمل، وقد كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي هاتين الصلاتين فِي الظلام؛ فإنه كَانَ يغلس بالفجر غالبًا، ويؤخر العشاء الآخرة، ولم يكن فِي مسجده حينئذ مصباح
…
، وأيضًا؛ فالمشي إلى المساجد فِي هذين الوقتين أشق؛ لما فِيهِ من المشي فِي الظُّلَمِ. اهـ
(1)
العَرْق: هو العظم إذا كان عليه لحم. والمرماتين: تثنية مِرماة، قيل: ما بين ظلفي الشاة من اللحم، وقيل: سهم يتعلم به الرماية، وقيل غير ذلك. انظر:«الفتح» .
(2)
أخرجه البخاري (644)، ومسلم (651).
(3)
أخرجه البخاري (657)، ومسلم (651)(252).
388 -
وَعَنْهُ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلَى المَسْجِدِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ، فَقَالَ:«هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَأَجِبْ» . رَوَاهُ مُسْلِم.
(1)
389 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ وَقْفَهُ.
(2)
390 -
وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ رضي الله عنه أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا، فَدَعَا بِهِمَا، فَجِيءَ بِهِمَا تَرْعُدُ فَرَائِصُهُمَا
(3)
، فَقَالَ لَهُمَا:«مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟» قَالَا: قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا،
(1)
أخرجه مسلم برقم (653).
(2)
الراجح وقفه. أخرجه ابن ماجه (793)، والدارقطني (1/ 420)، والحاكم (1/ 245)، وابن حبان (2064)، من طريق هشيم عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به. وإسناده ظاهره الصحة، ولكن أكثر أصحاب شعبة يروونه موقوفًا على ابن عباس، ورجح الموقوف جماعة من الحفاظ، منهم: أحمد وغيره.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: وخرجه أبو داود مرفوعًا أيضًا من رِوَايَة أَبِي جناب الكلبي عَن مغراء، عَن عدي بْن ثابت، بِهِ. وأبو جناب، ليس بالقوي، وقد اختلف عَلِيهِ أيضًا فِي رفعه ووقفه.
وروي أبو بَكْر بْن عياش، عَن أَبِي حصين، عَن أَبِي بردة، عَن أَبِي موسى، عَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«من سَمِعَ النداء فارغاً صحيحاً فَلَمْ يجب فلا صلاة لَهُ» . خرجه الحَاكِم، وصححه.
وقد اختلف عَلَى أبي بَكْر بْن عياش فِي رفعه ووقفه. ورواه قيس بْن الربيع، عَن أَبِي حصين مرفوعًا.
ورواه مِسْعَر وغيره عَن أَبِي حصين موقوفًا. والموقوف أصح، قَالَه البيهقي وغيره. انظر:«الفتح» لابن رجب [باب (29) من كتاب الأذان].
(3)
الفرائص: جمع فريصة، وهو اللحم الذي بين الكتف والصدر. «لسان العرب» .