الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: «اذهب فتوضأ» ، فذهب فتوضأ، ثم جاء، فقال له رجل: يا رسول الله ما لك أمرته أن يتوضأ، ثم سكت عنه، فقال:«إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره» . وهذا الحديث ضعيف؛ فإنه من طريق أبي جعفر، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة به.
وأبو جعفر المذكور، رجل من أهل المدينة، مجهول، تفرد بالرواية عنه يحيى بن أبي كثير، ولم يوثقه معتمد على توثيقه؛ فهو مجهول العين.
مسألة [5]: حكم السدل
.
جاء في النهي عن السدل أحاديث، وهي: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في «سنن أبي داود» (643)، نهى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يسدل الرجل ثوبه. وفي إسناده: الحسن بن ذكوان، وهو ضعيفٌ، وذُكِر الحديث في ترجمته من «الكامل» لابن عدي، وكأنه قد أُنكر عليه، وله طريق أخرى في «مسند أحمد» (7934)، فيها: عِسْل بن سفيان، وهو ضعيفٌ، وجاء من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، عند البيهقي (2/ 243)، وفي إسناده: بِشر بن رافع، وهو شديد الضعف، وفيه انقطاع؛ لأنَّ أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، كما نصَّ على ذلك الحفاظ.
• وقد اختلف أهل العلم في تفسير السدل على أقوال:
فمنهم من فسَّره بالإسبال المتقدم، ومنهم من فسَّره بوضع الرداء على الرأس، ثم يرميه من جانبيه من وراء ظهره، ومنهم من فسَّره باشتمال الصَّمَّاء الذي سيأتي، وهو أن يلتحف بثوب ويدخل يديه من داخل، ومنهم من قال: هو أن يطرح ثوبًا
على كتفيه، ولا يرد أحد طرفيه على الكتف الأخرى.
وهذا التفسير الأخير هو الأصح عند الحنابلة، وعزاه شيخ الإسلام لعامة العلماء. فقال بعد أن ذكر قول الإمام أحمد في تفسير السدل بأنه: طرح الثوب على الكتف، ولا يرده على الكتف الأخرى. قال: وهذا الذي عليه عامة العلماء. اهـ
قلتُ: والتفسير الأول هو الأصح عند الشافعية. وأنكر شيخ الإسلام رحمه الله تفسير السدل بالإسبال فقال رحمه الله في «الاقتضاء» : وأما ما ذكره أبو الحسن الآمدي وابن عقيل من أن السدل هو إسبال الثوب بحيث ينزل عن قدميه ويجره، فيكون هو إسبال الثوب، وجره المنهي عنه؛ فغلط مخالف لعامة العلماء وإن كان الإسبال والجر منهيا عنه بالاتفاق والأحاديث فيه أكثر، وهو محرم على الصحيح، لكن ليس هو السدل.
• وقد ذهب إلى كراهة السدل: النخعي، ومجاهد، وعطاء، والثوري، والشافعي، والحنابلة، وصحَّ عن علي رضي الله عنه كراهة ذلك
(1)
.
• ورخَّصَ فيه: مكحول، والزهري، والحسن، وابن سيرين، وعطاء، وابن المنذر، وصحَّ عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان يسدل في الصلاة
(2)
.
(1)
أخرجه عبد الرزاق (1/ 364)، وابن أبي شيبة (2/ 259)، وابن المنذر (5/ 58)، والبيهقي في «الكبرى» (2/ 243)، من طرق عن خالد الحذاء، عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب، عن أبيه؛ أن عليًّا رأى قوما يصلون، وقد سدلوا، فقال: كأنهم اليهود خرجوا من فهرهم. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 260) من طريق الثوري، عن عطاء بن السائب، عن محارب، قال: رأيت ابن عمر يسدل في الصلاة. وهذا إسناد صحيح، والثوري روى عن عطاء قبل الاختلاط.
وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما خلاف ذلك، فأخرج ابن أبي شيبة (2/ 259) عن وكيع، قال: حدثنا فضيل بن غزوان، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كره السدل في الصلاة، مخالفة لليهود، وقال: إنهم يسدلون. وهذا إسنادٌ صحيحٌ أيضًا.