الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو عبد الله غفر الله له: حديث طارق بن شهاب نَصٌّ في محل النزاع؛ فالصواب قول الجمهور، ولولا حديث طارق؛ لَرَجَّحْنَا القول الثالث، والله أعلم.
(1)
مسألة [4]: هل تجب الجمعة على المسافر
؟
• ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ المسافر لا تجب عليه الجمعة، وصحَّ عن ابن عمر رضي الله عنهما، بإسناد صحيح أنه قال: ليس على المسافر جمعة. وصح عن عبد الرحمن ابن سمرة أنه أقام بكابل شتوة، أو شتوتين يصلي ركعتين، ولا يجمع. وصح عن أنس أنه أقام بنيسابور سنة، أو سنتين يصلي ركعتين، ولا يجمع. أخرجهما ابن أبي شيبة (2/ 104).
• وحُكِيَ عن الزهري، والنخعي، وعطاء أنها تجب عليه الجمعة كالجماعة، وهو قول الأوزاعي، وبعض الظاهرية.
والصواب هو قول الجمهور؛ لحديث جابر بن عبد الله في «صحيح مسلم»
(2)
، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوم عرفة صلَّى الظهر، وجمعها مع العصر، وقد كان يوم عرفة يوم الجمعة، ولم يُصَلِّها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- جمعةً.
واستدل لهذا القول بحديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي في الباب، وهو حديثٌ ضعيفٌ، والراجح وقفه على ابن عمر، ولا يُعلم لابن عمر مخالفٌ من الصحابة، والله أعلم.
(1)
انظر: «الأوسط» (4/ 17 - 18)، «المجموع» (4/ 485)، «المغني» (3/ 217).
(2)
أخرجه مسلم برقم (1218).
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (24/ 178): وَالصَّوَابُ بِلَا رَيْبٍ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ: أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ لِلْمُسَافِرِ؛ فَإِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسَافِرُ أَسْفَارًا كَثِيرَةً، قَدْ اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ سِوَى عُمْرَةِ حَجَّتِهِ، وَحَجَّ حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَمَعَهُ أُلُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ، وَغَزَا أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ غَزَاةٍ، وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ صَلَّى فِي السَّفَرِ لَا جُمُعَةً وَلَا عِيدًا، بَلْ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الْأَيَّامِ، وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ مُسَافِرٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى قَدَمَيْهِ وَلَا عَلَى رَاحِلَتِهِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ، وَلَا عَلَى مِنْبَرٍ كَمَا كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ كَانَ أَحْيَانًا يَخْطُبُ بِهِمْ فِي السَّفَرِ خُطَبًا عَارِضَةً فَيَنْقُلُونَهَا كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِالله بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ قَطُّ أَحَدٌ أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي السَّفَرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ بَلْ وَلَا نَقَلَ عَنْهُ أَحَدٌ أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ الْعَادَةَ فَجَهَرَ وَخَطَبَ؛ لَنَقَلُوا ذَلِكَ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ خَطَبَ بِهِمْ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ جَهَرَ، وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْخُطْبَةُ لِلْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلْجُمُعَةِ؛ لَخَطَبَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ أَيَّامِ الْجُمَعِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ لِأَجْلِ
النُّسُكِ. اهـ
تنبيه: المسافر إذا كان نازلًا، وسمع نداء الجمعة، ولا مشقة عليه بالحضور، الظاهر أنه يلزمه حضورها، ويشمله عموم قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9].
(1)
(1)
وانظر: «المغني» (3/ 216)، «الأوسط» (4/ 18 - )، و «ابن أبي شيبة» (2/ 104)، و «عبد الرزاق» (3/ 172)، «فتح الباري» لابن رجب (5/ 436).