الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة [5]: إذا شرع في الصلاة، وهو مسافر، ثم أقام، وكذا العكس
؟
قال الإمام أبو محمد بن حزم رحمه الله في «المحلى» (516): ومن ابتدأ صلاة وهو مقيم، ثم نوى فيها السفر، أو ابتدأها وهو مسافر ثم نوى فيها أن يقيم أتم في كلا الحالين. برهان ذلك ما ذكرناه من أن الإقامة غير السفر، وأنه لا يخرج عن حكم الإقامة مما هو إقامة؛ إلا ما أخرجه نَصٌّ، فهو إذا نوى في الصلاة سفرًا فلم يسافر بعد، بل هو مقيم، فله حكم الإقامة، وإذا افتتحها وهو مسافر؛ فنوى فيها الإقامة؛ فهو مقيم بعدُ، لا مسافر؛ فله أيضًا حكم الإقامة؛ إذ إنما كان له حكم السفر بالنص المخرج لتلك الحال عن حكم الإقامة، فإذا بطلت تلك الحال ببطلان نيته صار في حال الإقامة، وبالله تعالى التوفيق. اهـ
وهذا الذي قرره ابن حزم هو مذهب الحنابلة كما في «المغني» (3/ 142)، والشافعية كما في «شرح المهذب» (4/ 352)، بل قال النووي: بل نقل الشيخ أبو حامد وغيره إجماع المسلمين على هذا. اهـ
422 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
وَفِي رِوَايَةٍ الْحَاكِمِ فِي الأَرْبَعِينَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: صَلَّى الظُّهْرَ، وَالعَصْرَ ثُمَّ رَكِبَ.
(2)
وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِ مُسْلِمٍ: كَانَ إذَا كَانَ فِي سَفَرٍ، فَزَالَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ ارْتَحَلَ.
(3)
(1)
أخرجه البخاري (1112)، ومسلم (704).
(2)
زيادة (والعصر) غير محفوظة. أخرجه الحاكم كما في «الفتح» (1112) من طريق حسان بن عبدالله الواسطي عن المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك به.
قال الحافظ في «الفتح» (1112): لكن في ثبوتها نظر يعني زيادة (والعصر) لأن البيهقي أخرج هذا الحديث عن الحاكم بهذا الإسناد مقرونًا برواية أبي داود عن قتيبة وقال: إن لفظهما سواء إلا أن في رواية قتيبة (كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-) وفي رواية حسان (أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-). اهـ
قلتُ: وكذلك فإن البخاري أخرج الحديث برقم (1111) عن حسان الواسطي بإسناده بدون زيادة (والعصر). قال الحافظ في «الفتح» : كذا فيه (الظهر) فقط، وهو المحفوظ عن عقيل في الكتب المشهورة. اهـ
(3)
معل. أخرجه أبونعيم (2/ 294) من طريق جعفر الفريابي عن إسحاق بن راهويه عن شبابة بن سوار ثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس فذكره.
قال الحافظ في «التلخيص» : في ذهني أن أبا داود أنكره على إسحاق بن راهويه. وقال في «الفتح» : أُعِلَّ بتفرد إسحاق بذلك عن شبابة، ثم تفرد جعفر الفريابي به عن إسحاق وليس ذلك بقادح فإنهما إمامان حافظان. اهـ
قلتُ: والذين خالفوا إسحاق هم: عمرو بن محمد الناقد، وعيسى بن أحمد البلخي، وسعيد بن بحر القراطيسي، والحسن بن محمد الصباح. هؤلاء الأربعة رووه عن شبابة بإسناده بلفظ:(كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخّر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما). ويظهر أن هذه الرواية هي المحفوظة، والله أعلم.