الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
443 -
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم العِيدَ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الجُمُعَةِ، فَقَالَ:«مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ» . رَوَاهُ الخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: حكم صلاة الجمعة إذا اجتمعت مع العيد في يوم واحد
.
• في المسألة أقوال:
القول الأول: يسقط وجوب الجمعة على أهل القرى دون أهل البلد، والمصر، وهو قول الشافعي وأصحابه، واستدلوا بأثر عثمان في «صحيح البخاري» (5571)، أنه قال: يا أيها الناس، إنَّ هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحبَّ أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي؛ فلينتظر، ومن أحبَّ أن يرجع؛ فقد
(1)
حسن لغيره. أخرجه أحمد (4/ 372)، وأبوداود (1070)، والنسائي (3/ 194)، وابن ماجه (1310)، وابن خزيمة (1464) من طريق إياس بن أبي رملة عن زيد بن أرقم. وإياس مجهول.
وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه أبوداود (1073)، وابن ماجه (1311)، وفي إسناده اختلاف ورجح الدارقطني وأحمد أنه من مراسيل أبي صالح. انظر:«العلل» (1984)، «التلخيص» (3/ 1099). وفي «صحيح البخاري» (5572) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه خطب العيد يوم جمعة ثم قال: يا أيها الناس، إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له.
فالحديث حسن بهذه الطرق، والله أعلم.
تنبيه: ابن خزيمة لم يجزم بصحته، بل قال: إن صح الخبر، فإني لا أعرف إياس بن أبي رملة بعدالة ولا جرح.
أذنت له.
القول الثاني: إذا صَلَّوا العيد لم تجب بعده صلاة حتى يصلي العصر، فيسقط عنه وجوب الجمعة، والظهر، وهذا قول عطاء، وذكر أنَّ ذلك صنيع ابن الزبير، وقال به إبراهيم النخعي، ونقل عن الشعبي، وهو من طريق مجالد عنه، وفيه ضعف، واختاره الشوكاني.
القول الثالث: يسقط وجوب الجمعة عن أهل البلد، ولكن ينبغي للإمام أن يصلي الجمعة، وهذا قول أحمد، وأصحابه، واستدلوا على سقوط وجوب الجمعة بأحاديث الباب، وصحَّ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بإسناد صحيح عند ابن المنذر (4/ 288)، أنه لم يُصلِّ الجمعة عند أن اجتمعت مع العيد، وصحَّ ذلك عن عثمان رضي الله عنه كما تقدم، وعن علي رضي الله عنه كما في «مصنف ابن أبي شيبة» ، وثبت عن ابن الزبير، وابن عباس بإسناد صحيح كما في «المصنف» أيضًا، واستدلوا على أنَّ الإمام ينبغي له أن يصلي الجمعة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، الذي في الباب، ففيه قال: وإنَّا مُجَمِّعون. وهو إن كان مرسلًا؛ فإنه يشهد له حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما في «صحيح مسلم» (878)، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيد، والجمعة بـ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ، قال: وإذا اجتمعا في يوم؛ قرأ بهما أيضًا في الصلاتين.
القول الرابع: لا تسقط الجمعة مطلقًا، وهو قول مالك، وأبي حنيفة.
قال أبو عبد الله: قول أحمد وأصحابه هو الصواب؛ لأدلتهم المذكورة.
وقد اختلف أصحاب أحمد: هل يجب على الإمام إقامة الجمعة، أم لا؟
على قولين، والصواب عدم وجوبها؛ لحديث ابن الزبير وابن عباس ولأثر عمر رضي الله عنهم، والله أعلم.
وأما استدلال الشافعية بأثر عثمان؛ فليس لهم فيه دلالة، بل الظاهر أنَّ عثمان يقول بالرخصة كقول غيره من الصحابة، ورأي أصحاب العوالي أحق بهذه الرخصة من غيرهم للمشقة الحاصلة عليهم؛ فخصَّهم بالذكر، والله أعلم.
(1)
(1)
وانظر: «المجموع» (4/ 492)، «المغني» (3/ 242)، «الأوسط» (4/ 289)، «مجموع الفتاوى» (24/ 289)، و «مصنف عبد الرزاق» (3/ 303)، و «مصنف ابن أبي شيبة» (2/ 186 - ).