الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ما جاء في «صحيح مسلم» (967) عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:«جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء» . فقد قيل: إن شقران مولى رسول صلى الله عليه وسلم وضعها في قبره، وقال: والله لا يلبسها أحد بعدك، فدفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرج ذلك البيهقي (6722) من وجه آخر ضعيف عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
فهذا شيئ فعله شقران للمعنى الذي ذكر، ولم يفعله أحدٌ غيره من الصحابة، بل ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو راوي الحديث المتقدم أنه كره ذلك، أخرجه عنه ابن المنذر (5/ 456) بإسنادٍ صحيح.
• وقد ذهب أحمد في رواية، والبغوي إلى جواز هذا العمل، والأقرب هو المنع منه، والله أعلم.
(1)
مسألة [3]: إذا أعادوا التراب إلى القبر، فهل يجعلوه مُسَنَّمًا، أم مُسطَّحًا
؟
• ذهب أحمد، والثوري، ومالك، وأبو حنيفة إلى ترجيح التسنيم، بمعنى أن يُجْعَلَ التراب مائلًا كالسنام، واستدلوا بقول سفيان التمار كما في «صحيح البخاري» (1390): رأيت قبر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مسنمًا. وهو قول بعض الشافعية. وأخرج ابن أبي شيبة (3/ 334) بإسنادٍ صحيحٍ عن الشعبي، أنه قال: رأيت قبور شهداء أحد جثًا مسنمةً.
• وذهب الشافعي وأصحابه، وقال النووي: وهو مذهب مالك، وداود إلى ترجيح التسطيح؛ لحديث علي رضي الله عنه: بعثني النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن لا أدع قبرًا مشرفًا إلا
(1)
وانظر: «شرح مسلم» (7/ 34)، «الأوسط» (5/ 456).
سويته. وحديث فضالة رضي الله عنه قال: كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يأمر بتسويتها. وكلاهما في «صحيح مسلم» (969)(968).
واستدلوا بما أخرجه أبو داود (3220)، وغيره من طريق: عمرو بن عثمان ابن هانئ، عن القاسم بن محمد، قال: دخلت على عائشة، فقلت: يا أمه، اكشفي لي عن قبر رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وصاحبيه رضي الله عنهما. فكشفت لي عن ثلاثة قبور، لا مشرفة، ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء.
وعمرو بن عثمان مستور الحال.
وقد رجَّح الإمام الشوكاني رحمه الله في «النيل» القول الثاني؛ لحديث علي، وفضالة، وهذا الذي يظهر، والله أعلم.
وأما قول سفيان التمار، فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وقول سفيان التمار لا حجة فيه كما قال البيهقي؛ لاحتمال أنَّ قبره صلى الله عليه وسلم لم يكن في الأول مسنمًا.
ثم ذكر حديث القاسم بن محمد المتقدم.
ثم قال: وهذا كان في خلافة معاوية، فكأنها كانت في الأول مسطحة، ثم لما بُني جدار القبر في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة من قِبَلِ الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعة. اهـ
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ثم الاختلاف في ذلك أيهما أفضل؟ لا في