الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحسنون الصلاة، وإنما هو فعل فعله أبي بن كعب رضي الله عنه، وهو اجتهادٌ منه، ومن فعل كفعله فلا ينكر عليه ولكن يظهر أن تنحيته إلى جانب الصف أولى، والله أعلم.
مسألة [4]: التعاون على تسوية الصفوف
.
قال الإمام عبد الرزاق (2/ 47): عن ابن جريج، قال: أخبرني نافع، مولى ابن عمر قال: كان عمر يبعث رجلا يُقَوِّمُ الصفوفَ، ثم لا يكبر حتى يأتيه، فيخبره أن الصفوف قد اعتدلت.
قلتُ: ورجال إسناده ثقات؛ إلا أن نافعًا لم يدرك عمر رضي الله عنه، والأثر صحيح بالطريق التالية:
قال الإمام عبد الرزاق رحمه الله (2/ 48): وعن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان عمر لا يكبر حتى تعتدل الصفوف، يوكل بذلك رجالا. وإسناده أيضًا صحيح.
وقال الإمام عبد الرزاق (2/ 49): عن هشام، عن مالك بن أبي عامر، عن عثمان بن عفان، أنه كان يقول في خطبته، قل ما يدع أن يخطب به:«إذا قام الإمام فاستمعوا وأنصتوا، فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل الذي يسمع، فإذا أقيمت الصلاة فاعدلوا الصفوف، حاذوا بالمناكب، فإن اعتدال الصف من تمام الصلاة» ، ثم لا يكبر حتى يأتيه رجال قد وكلهم لتسوية الصفوف، يخبرونه أنها قد استوت، فيكبر.
قلتُ: وإسناده أيضًا صحيح، رجاله رجال الشيخين.
401 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1)
الحكم المستفاد من الحديث
فقه الحديث:
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث: أما صفوف الرجال فهي على عمومها، فخيرها أولها أبدًا، وشرها آخرها أبدًا، وأما صفوف النساء فالمراد بالحديث: صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن أولها، وشرها آخرها، والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء: أقلها ثوابًا، وفضلًا، وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه. انتهى المراد.
وقال أيضًا: واعلم أنَّ الصف الأول الممدوح الذي قد وردت الأحاديث بفضله، والحث عليه هو الصف الذي يلي الإمام، سواء جاء صاحبه متقدمًا، أو متأخرًا، وسواء تخلله مقصورة ونحوها أم لا، هذا هو الصحيح الذي يقتضيه ظواهر الأحاديث، وصرح به المحققون.
وقال طائفة من العلماء: الصف الأول هو المتصل من طرف المسجد إلى طرفه لا يتخلله مقصورة ونحوها؛ فإن تخلل الذي يلي الإمام شيء فليس بأول،
(1)
أخرجه مسلم برقم (440).
بل الأول ما لا يتخلله شيء وإن تأخر. وقيل: الصف الأول عبارة عن مجيء الإنسان إلى المسجد أولًا، وإن صلى في صف متأخر. وهذان القولان غلط صريح، وإنما أذكره ومثله لأنبه على بطلانه؛ لئلا يغتر به، والله أعلم. انتهى.
فائدة: يستفاد من حديث الباب أن صفوف النساء إذا كنَّ مع الرجال في مسجد واحد، بدون حاجز من الجدر؛ فتبنى من آخرها؛ فيبدَأْن بالصف المؤخر؛ ثم الذي أمامه، والله الموفق.