الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند الحنابلة، وقول الظاهرية، وهو وجهٌ شاذٌّ عند الشافعية، واختار هذا القول الإمام السعدي، والإمام ابن عثيمين رحمة الله عليهما؛ لأنه ارتكب ما حُرِّمَ عليه متعمدًا، وذلك يُبطل الصلاة؛ فإنَّ النهي يقتضي الفساد، وَفِعْلُ المحظور عمدًا في الصلاة يُوجب بطلانها، إذا كان المحظور عائدًا إلى ذات الصلاة، أو شرطها، وهذا القول هو الصواب، وهو الصواب أيضًا في الصورتين الَّلتَيْنِ قبلها والله أعلم.
واختلف الحنابلة، والشافعية في هذه الصورة الثالثة: هل يجب عليه أن يعود، فيأتي بالركن بعد الإمام، أم لا؟
• فأكثر الحنابلة، وبعض الشافعية أوجبوا عليه الرجوع، وقالوا: إنْ لم يرجع متعمدًا؛ بَطلت صلاته، وإن كان ساهيًا، أو جاهلًا، لم تبطل.
• وذهب أكثر الشافعية، وبعض الحنابلة إلى أنه لا يلزمه الرجوع.
• وبالغ بعضهم فقالوا: إنْ عاد؛ بطلت صلاته؛ لأنه يزيد ركنًا متعمدًا، وهذا غير صحيح، والله أعلم.
(1)
مسألة [10]: إذا سبق المأموم إمامه ساهيًا
؟
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في «الفتح» (4/ 143): ولو سَبَقَ الإمامَ سهوًا حتى أدركه إمامه، اعتُدَّ لَهُ بذلك عند أصحابنا، وغيرهم، خلافًا لزُفَر. اهـ
قلتُ: والواجب عليه إذا ذكر أن يرجع إلى الركن الذي سبق الإمام منه حتى
(1)
وانظر: «المغني» (2/ 209 - 210)، «الإنصاف» (2/ 229 - )، «المجموع» (4/ 237 - 238)، «الفتح» لابن رجب (4/ 143)، «الشرح الممتع» (4/ 258 - )، «غاية المرام» (6/ 149).
يُتابع إمامَه، والله أعلم.
الحالة الرابعة: الفوات.
وهو أن يفوت المأموم بعض الصلاة، ويسبقه الإمام، والفوات إما أن يكون لعذر، كنعاس، أو زحام، أو غفلة، أو عجلة في الإمام، وإما أن يكون لغير عذر.
فأما إنْ كان لعذرْ، فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يسبقه الإمام بركن واحد.
قال ابن قدامة رحمه الله: يفعل ما سبق به، ويدرك إمامه، ولا شيئ عليه، نصَّ عليه أحمد، وهذا لا أعلم فيه خلافًا. اهـ
الثانية: أن يسبقه الإمام بركعة كاملة، أو أكثر.
قال ابن قدامة رحمه الله: يتبع إمامه، ويقضي ما سبقه الإمام به، وقد نصَّ عليه أحمد رحمه الله.
قلتُ: وهو قول الجمهور، وذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله عن الثوري أنه قال: يُصلي ما سبقه، ثم يتابع. قال: وهذا قول غريب.
الثالثة: أن يسبقه الإمام بركنين، فأكثر دون الركعة كاملة.
• فمذهب الإمام أحمد هو الإلغاء، ولا يعتد بتلك الركعة، ثم يقضي ركعةً بعد الصلاة. وذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه يصلي ما سبقه، ثم يُتابع الإمام، وهو قول أحمد في المزحوم، واختار قول الشافعي جماعةٌ من الحنابلة، منهم: ابن قدامة رحمه الله، واستُدل للشافعي بفعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بأصحابه في صلاة الخوف حين أقامهم خلفه
صفين، فسجد بالصف الأول، والصف الثاني قائم حتى قام النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى الثانية، فسجد الصف الثاني، ثم تبعه، وكان ذلك جائزًا للعذر، فهذا مثله.
• وذهب مالك، والأوزاعي إلى أنه يُصلي ما سبقه إذا علم أنه سيدرك الإمام في السجود، وإنْ علم أنه لن يدركه حتى يقوم، فيلغي الركعة.
قال أبو عبد الله: قول الشافعي هو الصواب؛ لحديث صلاة الخوف.
قال ابن قدامة رحمه الله: والأَوْلَى في هذا -والله أعلم- ما كان على قياس فعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في صلاة الخوف؛ فإنَّ ما لا نصَّ فيه يُرَدُّ إلى أقرب الأشياء به من المنصوص عليه. اهـ
وأما إن كان تخلف المأموم لغير عذر:
فإن كان تخلفه بركنين فأكثر؛ فاتفق الشافعية، والحنابلة على بطلان صلاته، وإن كان تخلفه بركنٍ واحدٍ، ففيه وجهان عند الشافعية، والحنابلة، والأصح عند الحنابلة البطلان، والأصح عند الشافعية عدم البطلان.
قال أبو عبد الله غفر الله له: لا دليل على التفريق بين ركنٍ، أو ركنين، بل إذا تخلَّف متعمدًا في ركن؛ فقد ارتكب ما حُرِّمَ عليه، كما لو تخلف في ركنين؛ لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«إنما جعُل الإمام ليؤتم به؛ فلا تختلفوا علىه» ، فالصواب هو البطلان، وهو ترجيح الإمام ابن عثيمين رحمه الله.
(1)
(1)
وانظر: «المغني» (2/ 211 - 212)، «الإنصاف» (2/ 232 - )، «الفتح» لابن رجب (4/ 144 - 146)، «الشرح الممتع» (4/ 264 - )، «المجموع» (4/ 235 - 236).