الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْل فِي ذِكْرِ بَعْضِ المَسَائِلِ المُتَعَلِّقَةِ بِالدَّفْن
مسألة [1]: حكم دفن الميت
.
قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (5/ 282): دفن الميت فرض كفاية بالإجماع.
قلتُ: ويدل عليه حديث أبي سعيد الخدري في «صحيح مسلم» (2236) في قصة الذي قتل الحية، وقتلته، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«اذهبوا فادفنوا صاحبكم» ، وقوله في شهداء أحد:«زملوهم بدمائهم» .
وفي «البخاري» : «وأمر بدفنهم بدمائهم»
(1)
، وأمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بسحب جثث المشركين يوم بدر إلى بئر من آبارها، وأمر عليًّا أن يواري أباه
(2)
، فإذا كان هذا في حق الكافر؛ فالمؤمن من باب أولى، والله أعلم.
مسألة [2]: حكم الدفن في المقبرة
.
قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (5/ 282 - 283): يجوز الدفن في البيت، وفي المقبرة، والمقبرة أفضل بالاتفاق. اهـ
(1)
تقدم الحديث في الكتاب برقم (534).
(2)
تقدم تخريج الحديثين تحت حديث (537).
واستدلوا على أنَّ المقبرة أفضل أنَّ ذلك هو صنيع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فقد كان يدفن أصحابه بالبقيع، واستدلوا على الجواز في البيت بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وصاحبيه دُفِنا في حجرة عائشة، وقد عزا ابن رجب القول بجواز الدفن في البيوت إلى جمهور العلماء كما في «فتح الباري» (432).
قلتُ: ومع القول بالجواز في غير المقبرة؛ فلا يخلو من كراهة؛ لأنها قد تتعرض للامتهان، ولما فيه من عَزْلِه عن المقبرة التي هي محل زيارة المسلمين، ودعائهم للموتى فيها، والله أعلم.
ثم إنَّ القول بالجواز -فيما يظهر لي - إنما هو فيما إذا كان في غير البيت، وأما في البيت فلا يجوز؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نهى أنَّ تتخذ البيوت مقابر.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله كما في «السير» (8/ 29 - 30): وقد نهى عليه السلام أن يبنى على القبور، ولو اندفن الناس في بيوتهم؛ لصارت المقبرة والبيوت شيئًا واحدًا، والصلاة في المقبرة منهي عنها نهي كراهية، أو نهي تحريم، وقد قال عليه السلام:«أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة» ، فناسب ذلك ألا تتخذ المساكن قبورًا، وأما دفنه في بيت عائشة صلوات الله عليه وسلامه فمختص به، كما خص ببسط قطيفة تحته في لحده، وكما خص بأن صلوا عليه فرادى بلا إمام، فكان هو إمامهم حيًّا وميتًا، في الدنيا والآخرة، وكما خص بتأخير دفنه يومين، ويكره تأخير أمته؛ لأنه هو أُمِنَ عليه التغير بخلافنا، ثم إنهم أخروه حتى صلوا كلهم عليه داخل بيته، فطال لذلك الأمر؛ ولأنهم ترددوا شطر اليوم الأول في موته حتى قدم أبو بكر