الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيجب أن يكون حال اضطراره، وأكله الذي يأكل فيه غير باغٍ، ولا عادٍ؛ فإنه قال:{فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ، ومعلوم أنَّ الإثم إنما ينفى عن الأكل الذي هو الفعل، لا عن نفس الحاجة إليه، فمعنى الآية:(فمن اضطر، فأكل غير باغٍ، ولا عادٍ)، وهذا يبين أنَّ المقصود أنه لا يبغي في أكله، ولا يتعدى.
وهذا القول هو الصواب، وهو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فائدة: ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لا تقصر الصلاة إلا في حج، أو جهاد. أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 466)، وعبد الرزاق (2/ 522)، وابن المنذر (4/ 345) بإسناد صحيح. وخالفه غيره من الصحابة منهم ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهما، كما في المصادر المتقدمة بإسناد صحيح، وعزا ابن المنذر إلى عامة أهل العلم مشروعية ذلك، وهو الصحيح، والله أعلم.
(1)
مسألة [4]: هل تُشترط النية في القصر
؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، كما في «مجموع الفتاوى» (24/ 20 - 21): وَالْعُلَمَاءُ مُتَنَازِعُونَ فِي المُسَافِرِ: هَلْ فَرْضُهُ الرَّكْعَتَانِ؟ وَلَا يَحْتَاجُ قَصْرُهُ إلَى نِيَّةٍ؟ أَمْ لَا يَقْصُرُ إلَّا بِنِيَّةٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الأوَّلُ: قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ اخْتَارَهُ
(1)
وانظر: «المغني» (3/ 115)، «المجموع» (4/ 346)، «مجموع الفتاوى» (24/ 110 - 113).
الْخِرَقِيِّ وَغَيْرُهُ.
وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ بِأَصْحَابِهِ، وَلَا يُعْلِمُهُمْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَقْصُرُ، وَلَا يَأْمُرُهُمْ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ، وَلِهَذَا لَمَّا سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ نَاسِيًا، قَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ، أَمْ نَسِيت؟ فَقَالَ:«لَمْ أَنْسَ، وَلَمْ تُقْصَرْ» ، قَالَ: بَلَى، قَدْ نَسِيت. وَفِي رِوَايَةٍ:«لَوْ كَانَ شَيْءٌ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِهِ» ، وَلَمْ يَقُلْ: لَوْ قَصُرَتْ لَأَمَرْتُكُمْ أَنْ تَنْوُوا الْقَصْرَ. وَكَذَلِكَ لَمَّا جَمَعَ بِهِمْ لَمْ يُعْلِمْهُمْ أَنَّهُ جَمَعَ قَبْلَ الدُّخُولِ، بَلْ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَجْمَعُ حَتَّى يَقْضِيَ الصَّلَاةَ الْأُولَى، فَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ الْجمْعَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى أَنْ يَنْوِيَ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْأُولَى، كَقَوْلِ الْجمْهُورِ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ يُوَافِقُ ذَلِكَ. انتهى.
قال أبو عبد الله غفر الله له: ما صَوَّبَهُ شيخ الإسلام في هذه المسألة هو الصحيح، وبحثُه مفيد، ليس عليه مزيد.
(1)
(1)
وانظر: «المغني» (3/ 119 - )، «الشرح الممتع» (4/ 525).