الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشوكاني رحمه الله في «النيل» (1/ 645 - 646): وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ تَشَبُّهِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجمْهُورُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي «الْأُمِّ»: إنَّهُ لَا يَحْرُمُ زِيُّ النِّسَاءِ عَلَى الرَّجُلِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ، فَكَذَا عَكْسُهُ انْتَهَى. وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي «الرَّوْضَةِ»: وَالصَّوَابُ أَنَّ تَشَبُّهَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَعَكْسُهُ حَرَامٌ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. اهـ
مسألة [3]: حكم إسبال الثياب إلى تحت الكعبين
.
أخرج الشيخان
(1)
عن ابن عمر رضي الله عنهما، مرفوعًا:«لا ينظر الله إلى من جرَّ ثوبه خُيلاء» ، وأخرجا عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه.
(2)
وأخرج مسلم (106) عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، مرفوعًا:«ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنَّان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» .
وأخرج البخاري (5787)، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، قال:«ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار» .
• ذهب جمهور العلماء إلى تحريم إسبال الثياب إذا كان خيلاء، بل عَدُّوهُ من الكبائر؛ للأحاديث المذكورة، وغيرها مما هو في معناها، وقالوا: إذا أسبله لغير الخيلاء؛ فهو مكروه، واستدلوا على ذلك بأنَّ أبا بكر قال للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: إنَّ إزاري
(1)
أخرجه البخاري برقم (5783)، ومسلم برقم (2085).
(2)
أخرجه البخاري برقم (5788)، ومسلم برقم (2087).
يسترخي؛ إلا أن أتعاهده. فقال له: «إنك لست ممن يفعله خيلاء» أخرجه البخاري (5784)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
• وذهب أحمد في رواية، واختارها بعض الحنابلة إلى تحريم جرِّ الثوب، وإنْ لم يكن خيلاء، وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله كما في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص 130) وإليه مال الحافظ ابن حجر، واستدلوا على ذلك بحديث جابر بن سليم في «سنن أبي داود» (4084)، وأحمد (5/ 63، 64): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال له: «إياك وإسبال الإزار؛ فإنَّ إسبال الإزار من المخيلة» ، وصححه شيخنا الوادعي رحمه الله في «الصحيح المسند» (196).
قال الشوكاني رحمه الله في «نيل الأوطار» (1/ 640): وَقَدْ عَرَفْت مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ: «إنَّك لَسْت مِمَّنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ» ، وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مَنَاطَ التَّحْرِيمِ الْخُيَلَاءُ، وَأَنَّ الْإِسْبَالَ قَدْ يَكُونُ لِلْخُيَلَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ، فَلَابُدَّ مِنْ حَمْلِ قَوْلِهِ «فَإِنَّهَا مِنَ المَخِيلَةُ» فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سُلَيم عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ فَيَكُونُ الْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مُتَوَجِّهًا إلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اخْتِيَالًا، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ كُلَّ إسْبَالٍ مِنْ الْمَخِيلَةِ أَخْذًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ ابنِ سُلَيم تَرُدُّهُ الضَّرُورَةُ؛ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُسْبِلُ إزَارَهُ مَعَ عَدَمِ خُطُورِ الْخُيَلَاءِ بِبَالِهِ، وَيَرُدُّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ مَا عَرَفْت. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: هذا كلامٌ نفيسٌ من الإمام الشوكاني رحمه الله، ولكنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- اعتبر هذا الغالب، وهذه المظنة أعني أنَّ إسبال الثوب مظنة الخيلاء