الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
445 -
وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه، أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ لَهُ: إذَا صَلَّيْت الجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا بِذَلِكَ: أَنْ لَا نوصِلَ صَلَاةً بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: الفصل بين الفريضة والنافلة بكلام، أو تحول
.
قال الإمام النووي رحمه الله في «شرح مسلم» : فِيهِ دَلِيل لِمَا قَالَهُ أَصْحَابنَا، أَنَّ النَّافِلَة الرَّاتِبَة وَغَيْرهَا يُسْتَحَبّ أَنْ يَتَحَوَّل لَهَا عَنْ مَوْضِع الْفَرِيضَة إِلَى مَوْضِع آخَر، وَأَفْضَله التَّحَوُّل إِلَى بَيْته، وَإِلَّا فَمَوْضِع آخَر مِنْ الْمَسْجِد أَوْ غَيْره؛ لِيَكْثُر مَوَاضِع سُجُوده، وَلِتَنْفَصِل صُورَة النَّافِلَة عَنْ صُورَة الْفَرِيضَة.
وَقَوْله: (حَتَّى نَتَكَلَّم) دَلِيل عَلَى أَنَّ الْفَصْل بَيْنهمَا يَحْصُل بِالْكَلَامِ أَيْضًا. انتهى المراد.
قلتُ: وقول النووي: (لِيَكْثُر مَوَاضِع سُجُوده)، هذه عِلَّة ليس عليها دليل، ولكن العلة هي ما ذكره رحمه الله من انفصال النافلة عن الفريضة، ولذلك يحصل ذلك بالكلام، والتحول.
وقال ابن رجب رحمه الله في «الفتح» (5/ 536): وأما مكان الصلاة بعد الجمعة؛ فالأفضل أن يكون في البيت لمن له بيت يرجع إليه؛ فإنْ صلَّى في المسجد، فهل
(1)
أخرجه مسلم برقم (883).
يُكْرَه، أم لا؟ ذهب الأكثرون إلى أنه لا يُكره، ولكن يؤمر بالفصل بينها، وبين صلاة الجمعة، ومذهب مالك أنه يُكره للإمام أن يصلي بعد الجمعة في المسجد، ولا يُكره للمأموم إذا انتقل من موضع مصلَّاه. انتهى بتصرف.
قلتُ: الصواب قول الجمهور، والله أعلم.
446 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اغْتَسَلَ، ثُمَّ أَتَى الجُمُعَةَ، فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ الإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
تقدم كثير من مباحث هذا الحديث.
وقوله: «فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ» ، يدل على استحباب التنفل قبل خروج الإمام يوم الجمعة.
قال النووي رحمه الله: وهو مذهبنا، ومذهب الجمهور.
قلتُ: وأما تحديد النافلة قبلها بأربع، أو إنكار التنفل مطلقًا؛ فليس عليه دليل، والله أعلم.
(2)
(1)
أخرجه مسلم برقم (857).
(2)
وانظر: «نيل الأوطار» (1220)، «شرح مسلم» (857).
447 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقَالَ:«فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللهَ عز وجل شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ» ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ: يُقَلِّلُهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(1)
، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ:«وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ» .
(2)
448 -
وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِمَامُ إلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بُرْدَةَ.
(3)
449 -
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِاللهِ بْنِ سَلَامٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ
…
.
450 -
وَجَابِرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ: أَنَّهَا مَا بَيْنَ صَلَاةِ العَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.
(4)
(1)
أخرجه البخاري (935)، ومسلم (852).
(2)
أخرجه مسلم برقم (852)(15).
(3)
معل، والراجح وقفه على أبي بردة. أخرجه مسلم (853) من طريق مخرمة بن بكير عن أبيه عن أبي بردة عن أبيه به.
وقد انتقد هذا الحديث الإمامُ الدارقطني فقال رحمه الله في «التتبع» : هذا الحديث لم يسنده غير مخرمة بن بكير عن أبيه عن أبي بردة، وقد رواه جماعة عن أبي بردة من قوله، ومنهم من بلغ به أبا موسى ولم يسنده، والصواب من قول أبي بردة منقطع. كذلك روى يحيى بن سعيد القطان عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة، وتابعه واصل الأحدب رواه عن أبي بردة قوله. اهـ
وزاد في «العلل» (7/ 212): وكذلك رواه معاوية بن قرة ومجالد عن أبي بردة قوله. اهـ
وقد ارتضى شيخنا الوادعي رحمه الله إعلال الدارقطني كما في تعليقه على «التتبع» .
(4)
الراجح في الحديثين الوقف على عبدالله بن سلام.
أما حديث عبدالله بن سلام: فأخرجه ابن ماجه (1139) من طريق الضحاك بن عثمان عن سالم أبي النضر عن أبي سلمة عن عبدالله بن سلام قال: قلت ورسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- جالس: إنا لنجد في كتاب الله في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله عز وجل فيها شيئًا إلا قضى له حاجته. قال عبدالله: فأشار إليَّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أو بعض ساعة. فقلت: صدقت أو بعض ساعة. قلت: أي ساعة هي؟ قال: «هي آخر ساعات النهار» . قلت: إنها ليست ساعة صلاة، قال:«بلى إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يحبسه إلا الصلاة فهو في صلاة» .
وظاهر إسناده الصحة، لكن قال ابن رجب رحمه الله: ورواته كلهم ثقات، ولكن له علة مؤثرة، وهي أن الحفاظ المتقنين رووا هذا الحديث عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في ذكر ساعة الإجابة، وعن عبدالله بن سلام في تعيينها بعد العصر، كذلك رواه محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة. خرجه من طريقه مالك في «الموطأ» وأحمد وأبوداود والترمذي وصححه. اهـ «الفتح» (935).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (935): ويحتمل أن يكون القائل: (قلت: أي ساعة
…
) عبدالله بن سلام، فيكون مرفوعًا، ويحتمل أن يكون أبا سلمة فيكون موقوفًا وهو الأرجح لتصريحه في رواية يحيى بن أبي كثير بأن عبدالله بن سلام لم يذكر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. اهـ
وأما حديث جابر رضي الله عنه:
فأخرجه أبوداود (1048)، والنسائي (3/ 99 - 100)، من طريق الجُلاح مولى عبدالعزيز عن أبي سلمة عن جابر مرفوعًا بلفظ: يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، لا يوجد مسلم يسأل الله شيئًا إلا آتاه الله عزوجل، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر.
والجُلاح أبوكثير: حسن الحديث، لكن قد خالفه من هو أثبت منه، فرواه موسى بن عقبة عن أبي سلمة عن عبدالله بن سلام موقوفًا عليه. أخرجه عبدالرزاق (3/ 262).
قال ابن رجب: وعندي أن رواية موسى بن عقبة الموقوفة أصح، ويعضده أن جماعة رووه عن أبي سلمة عن عبدالله بن سلام، ومنهم من قال: عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن عبدالله بن سلام. اهـ
تنبيه: لفظ الحديثين كما تقدم: «آخر ساعات النهار» «آخر ساعة بعد العصر» فاللفظ الذي ذكره الحافظ «ما بين العصر إلى غروب الشمس» لعله ذكره من حفظه فوهم فيه، والله أعلم.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ قَوْلًا أَمْلَيْتهَا فِي «شَرْحِ البُخَارِيِّ» .