الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
577 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تَدْفِنُوا مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْلِ إلَّا أَنْ تَضْطَرُّوا» . أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ، لَكِنْ قَالَ: زَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ، حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: حكم الدفن بالليل
.
• ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يدفن بالليل؛ إلا من ضرورة، وهو مذهب الحسن البصري، ورواية عن أحمد ذكرها في «الإنصاف» ، وهو مذهب ابن حزم، واختاره الإمام الألباني، واستدلوا بحديث الباب.
• قال الإمام النووي رحمه الله في «شرح مسلم» : وَقَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف: لَا يُكْرَه، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ أَبَا بَكْر الصِّدِّيق رضي الله عنه، وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف دُفِنُوا لَيْلًا مِنْ غَيْر إِنْكَار
(2)
، وَبِحَدِيثِ الْمَرْأَة السَّوْدَاء، وَالرَّجُل الَّذِي كَانَ يَقُمّ الْمَسْجِد، فَتُوُفِّيَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، وَسَأَلَهُمْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ؟ فَقَالُوا: تُوُفِّيَ لَيْلًا، فَدَفَنَّاهُ فِي اللَّيْل، فَقَالَ:«أَلَا آذَنْتُمُونِي؟»
(3)
قَالُوا: كَانَتْ ظُلْمَة. وَلَمْ يُنْكِر عَلَيْهِمْ.
(1)
أخرجه ابن ماجه (1521) وإسناده شديد الضعف؛ لأن فيه إبراهيم بن يزيد الخوزي وهو متروك. وأصل الحديث في «مسلم» (943) بلفظ (أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خطب يومًا فذكر رجلًا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليلًا فزجر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه»).
(2)
دَفْنُ أَبي بكر رضي الله عنه ليلًا ثابتٌ في «صحيح البخاري» برقم (1387)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(3)
تقدم في الكتاب برقم (540).
وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيث: أَنَّ النَّهْي كَانَ لِتَرْكِ الصَّلَاة، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُجَرَّد الدَّفْن بِاللَّيْلِ، وَإِنَّمَا نَهَى لِتَرْكِ الصَّلَاة، أَوْ لِقِلَّةِ الْمُصَلِّينَ، أَوْ عَنْ إِسَاءَة الْكَفَن، أَوْ عَنْ المَجْمُوع كَمَا سَبَقَ. اهـ
قلتُ: ويدل على جواز الدفن في الليل حديث جابر رضي الله عنه عند أبي داود (1364)، قال: رأى ناسٌ نارًا في المقبرة، فجاءوا، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم في القبر، وهو يقول:«ناولوني صاحبكم» ، وإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر.
وقد حسَّنه شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله في «الجامع الصحيح» (2/ 263)، وبَوَّبَ عليه:[باب جواز الدفن ليلًا]. وبَوَّبَ عليه كذلك أبو داود في «سننه» بذلك.
وقد دفن النبي صلى الله عليه وسلم ليلًا في ليلة الأربعاء: أخرجه ابن المنذر من طريقين يحسن بهما.
وممن دفن ليلًا: فاطمة رضي الله عنها، كما في البخاري (4240)، ومسلم (1759). وعند ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن الزبير رضي الله عنهما، أنه دفن عائشة رضي الله عنها ليلًا.
قلتُ: فالصواب هو قول الجمهور، والله أعلم.
(1)
(1)
انظر: «شرح مسلم» (943)، «أحكام الجنائز» (ص 176 - )، «الإنصاف» (2/ 522)، «المغني» (3/ 503).