الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأحمد في المشهور عنه، وإسحاق.
• وكره إمامته أبو مِجْلَز، والشعبي، والحسن، وعطاء، ومالك، وأحمد في رواية.
قلتُ: والراجح جواز إمامة الأعرابي بغيره، ولا دليل على كراهة ذلك؛ إلا أنْ يكون لا يُحسن القراءة، ولا يفقه أحكام الصلاة؛ فلا يؤمهم، والله أعلم.
(1)
مسألة [3]: إمامة الكافر
.
• ذهب عامة أهل العلم إلى أنه لا تصح الصلاة خلفه، سواء أظهر كفره، أو أسره.
• وذهب أبو ثور، والمزني إلى أنه إنْ أسرَّ بكفره، ولم يَعلم المأموم بكفره إلا بعد الصلاة؛ فلا إعادة عليه.
ورجَّح هذا الإمام السعدي، والإمام ابن عثيمين رحمة الله عليهما.
(2)
مسألة [4]: إمامة الفاسق
.
• فيها قولان:
الأول: لا تصح الصلاة خلفه، وهو مذهب أحمد في رواية، وقال بعضهم: إنه المشهور من مذهبه.
الثاني: تصح الصلاة خلفه، وهو مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي، وكثير
(1)
وانظر: «الفتح» لابن رجب (4/ 169 - ).
(2)
انظر: «المغني» (3/ 32 - 33)، «المجموع» (4/ 251)، «الإنصاف» (2/ 250 - 251)، «الشرح الممتع» (4/ 310)، «غاية المرام» (6/ 240).
من المالكية، وأحمد في رواية اختارها جماعة من أصحابه، وعزاه شيخ الإسلام إلى الجمهور.
وهذا القول هو الصواب؛ لأنَّ من صحَّتْ صلاته، صحَّتْ إمامته، إلا ما خصَّه الدليل، ولِأَنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر أبا ذَرٍّ بالصلاة خلف أئمة الجور كما تقدم.
والصحابة رضي الله عنهم كانوا يُصلُّون خلف أمراء بني أمية، وخلف الحجاج، وهم فُسَّاقٌ، وقد صوَّب هذا القول الإمام ابن باز، والإمام العثيمين، والإمام الوادعي رحمة الله عليهم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (23/ 352 - 354): وَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّ الْإِمَامَ مُبْتَدِعٌ يَدْعُو إلَى بِدْعَتِهِ، أَوْ فَاسِقٌ ظَاهِرُ الْفِسْقِ، وَهُوَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ الَّذِي لَا تُمْكِنُ الصَّلَاةُ إلَّا خَلْفَهُ، كَإِمَامِ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْحَجِّ بِعَرَفَةَ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُصَلِّي خَلْفَهُ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَغَيْرِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالُوا فِي الْعَقَائِدِ: إنَّهُ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَ خَلْفَ كُلِّ إمَامٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَةِ إلَّا إمَامٌ وَاحِدٌ؛ فَإِنَّهَا تُصَلَّى خَلْفَهُ الْجَمَاعَاتُ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا.
هَذَا مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ: أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، بَلْ الْجَمَاعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَد، وَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْفَاجِرِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ،
كَمَا ذَكَرَهُ فِي رِسَالَةِ عبدوس، وَابْنِ مَالِكٍ، وَالْعَطَّارِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا وَلَا يُعِيدُهَا؛ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ الْفُجَّارِ وَلَا يُعِيدُونَ، كَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ
(1)
، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، حَتَّى إِنَّهُ صَلَّى بِهِمْ مَرَّةً الصُّبْحَ أَرْبَعًا ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكُمْ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا مَعَك مُنْذُ الْيَوْمَ فِي زِيَادَةٍ.
(2)
وَلِهَذَا رَفَعُوهُ إلَى عُثْمَانَ.
وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ»
(3)
: أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه لَمَّا حُصِرَ صَلَّى بِالنَّاسِ شَخْصٌ فَسَأَلَ سَائِلٌ عُثْمَانَ، فَقَالَ: إنَّك إمَامُ عَامَّةٍ، وَهَذَا الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ إمَامُ فِتْنَةٍ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إنَّ الصَّلَاةَ مِنْ أَحْسَنِ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنُوا فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إسَاءَتَهُمْ.
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ، وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ صَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ، فَإِذَا صَلَّى الْمَأْمُومُ خَلْفَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، لَكِنْ إنَّمَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ بِدْعَةً أَوْ فُجُورًا لَا يُرَتَّبُ إمَامًا لِلْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ حَتَّى يَتُوبَ، فَإِذَا أَمْكَنَ هَجْرُهُ حَتَّى يَتُوبَ كَانَ حَسَنًا، وَإِذَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ إذَا تَرَكَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ وَصَلَّى خَلْفَ غَيْرِهِ أُثِرَ ذَلِكَ حَتَّى يَتُوبَ، أَوْ يُعْزَلَ، أَوْ يَنْتَهِيَ النَّاسُ عَنْ مِثْلِ ذَنْبِهِ، فَمِثْلُ هَذَا إذَا تَرَكَ
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 378) بإسناد صحيح.
(2)
أخرجه عمر بن شبة كما في «الاستيعاب» (4/ 1554) بإسناد منقطع، وأصله في «صحيح مسلم» (1707).
(3)
أخرجه البخاري برقم (695).