الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو عبد الله غفر الله له: مذهب مالك ومن معه هو الصواب؛ لعموم الآية المتقدمة، وعموم حديث الباب، والله أعلم.
مسألة [4]: من كان يسكن خارج القرية، أو المصر، هل يلزمه حضور الجمعة، أم لا
؟
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في «الفتح» (5/ 404): هذا مما اختلف فيه العلماء، فقالت طائفةٌ: لا تلزم من كان خارج المصر، أو القرية الجمعة مع أهله بحالٍ، إذا كان بينهم وبين المصر فرجة، ولو كانوا من ربض المصر. وهذا قول الثوري، وأبي حنيفة وأصحابه، إلحاقًا لهم بأهل القرى؛ فإنَّ الجمعة لا تُقام عندهم في القرى. وقال أكثر أهل العلم: تلزمهم الجمعة مع أهل المصر، أو القرية، مع القرب دون البعد. ثم اختلفوا في حد ذلك:
• فقالت طائفةٌ: المعتبر إمكان سماع النداء، فمن كان موضع الجمعة بحيث يمكنه سماع النداء لزمه، وإلا فلا. هذا قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، واستدلوا بظاهر قول الله تعالى:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9]، وخَّرج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«الجمعة على من سمع النداء» ، وروي موقوفًا، وهو أشبه. اهـ
قال أبو عبد الله: الحديث المذكور أخرجه أبو داود برقم (1056).
ثم قال: روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصورًا على عبد الله بن عمرو، ولم يرفعوه، وإنما أسنده قبيصة. اهـ
قلتُ: والموقوف لا يثبت؛ فإنه من طريق أبي سلمة بن نبيه، عن عبد الله بن هارون، عن عبد الله بن عمرو به. وأبو سلمة، وشيخه مجهولان. ولكن هذا القول هو الصواب؛ للآية المذكورة، وما سواه من الأقوال ليس عليها دليل.
قال ابن رجب رحمه الله: وقالت طائفة: تجب الجمعة على من بينه وبين الجمعة فرسخ، وهو ثلاثة أميال، وهو قول ابن المسيب، والليث، ومالك، ومحمد بن الحسن، وهو رواية عن أحمد.
قال: ومن أصحابنا من قال: لا فرق بين هذا القول، والذي قبله؛ لأنَّ الفرسخ هو منتهى ما يسمع فيه النداء غالبًا.
قال: وقالت طائفة: تجب الجمعة على من بينه وبينها أربعة أميال، ورُوي عن ابن المنكدر، والزهري، وعكرمة، وربيعة.
وعن ربيعة أيضًا: تجب على من إذا نودي لصلاة الجمعة، وخرج من بيته ماشيًا، أدرك الجمعة.
قال: وقالت طائفة: تجب على من أَوَاه الليل إلى منزله، قال ابن المنذر: رُوي ذلك عن ابن عمر، وأبي هريرة، وأنس، والحسن، ونافع، وكذلك قال عكرمة، والحكم، وعطاء، والأوزاعي، وأبو ثور، وهو قول أبي خيثمة زهير بن حرب، وسليمان بن داود الهاشمي، وفيه حديث مرفوعٌ عن أبي هريرة، ذكره الترمذي، وبيَّنَ ضعفَ إسناده، وأنَّ أحمد أنكره أشد الإنكار. اهـ