الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
569 -
وَعَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الحُصَيْبِ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «[كُنْتُ]
(1)
نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ:«فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ» .
(2)
570 -
زَادَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «وَتُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا» .
(3)
571 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ زَائِرَاتِ القُبُورِ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(4)
المسائل والأحكام المستفادة من الأحاديث
مسألة [1]: حكم زيارة القبور
.
أما بالنسبة للرجال؛ فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (1283): قَالَ
(1)
زيادة من المطبوع وهي كذلك في «مسلم» .
(2)
أخرجه مسلم برقم (977)، والترمذي (1054) وزيادة الترمذي صحيحة على شرط مسلم.
(3)
زيادة ضعيفة. أخرجه ابن ماجه (1571) وفي إسناده أيوب بن هانئ وهو ضعيف، وفيه أيضًا عنعنة ابن جريج، والحديث صحيح لغيره لشاهده الذي قبله دون الزيادة المذكورة.
(4)
حسن بشواهده. أخرجه الترمذي (1056)، وابن حبان (3178) واللفظ لابن حبان، ولفظ الترمذي «زوارات» ، وفي إسناده عمر بن أبي سلمة بن عبدالرحمن وهو ضعيف.
وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند أبي داود (3236) والترمذي (320) وغيرهما وفيه زيادة «والمتخذين عليها المساجد والسرج» وفي إسناده أبوصالح مولى أم هانئ وهوضعيف، وقال ابن حبان: لم يسمع من ابن عباس.
وله شاهد من حديث حسان بن ثابت رضي الله عنه بلفظ «زوارات القبور» عند ابن ماجه (1574) وفي إسناده عبدالرحمن بن بهمان مجهول وعبدالرحمن بن حسان بن ثابت مجهول الحال. فالحديث بمجموع هذه الطرق يرتقي إلى الحسن إن شاء الله تعالى دون قوله: «والمتخذين عليها المساجد والسرج» . وقد حسنه الإمام الألباني رحمه الله في «أحكام الجنائز» .
النَّوَوِيّ تَبَعًا لِلْعَبْدَرِيِّ، وَالْحَازِمِيّ وَغَيْرهمَا: اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ زِيَارَة الْقُبُور لِلرِّجَالِ جَائِزَة. كَذَا أَطْلَقُوا، وَفِيهِ نَظَر؛ لِأَنَّ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَغَيْره رَوَى عَنْ اِبْن سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ، وَالشَّعْبِيّ الْكَرَاهَة مُطْلَقًا حَتَّى قَالَ الشَّعْبِيّ: لَوْلَا نَهْي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ لَزُرْت قَبْر اِبْنَتِي
(1)
. فَلَعَلَّ مَنْ أَطْلَقَ أَرَادَ بِالِاتِّفَاقِ مَا اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْر بَعْد هَؤُلَاءِ، وَكَأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَبْلُغهُمْ النَّاسِخ، وَاَللهُ أَعْلَم. وَمُقَابِل هَذَا قَوْل اِبْن حَزْم: إِنَّ زِيَارَة الْقُبُور وَاجِبَة، وَلَوْ مَرَّة وَاحِدَة فِي الْعُمْر؛ لِوُرُودِ الْأَمْر بِهِ. اهـ
قلتُ: والصارف للأمر من الوجوب إلى الاستحباب أنَّ الأمر وقع بعد الحظر، ووقوع الأمر بعد الحظر من الصوارف للأمر عن ظاهره، والله أعلم.
• وأما بالنسبة لزيارة النساء؛ فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فذهب أكثر أهل العلم إلى أنهن يدخلن في الإذن المذكور في حديث بريدة:«فزوروها» ، ومحله إذا أُمِنَت الفتنة، واستدلوا على الجواز أيضًا بحديث أنس رضي الله عنه في «الصحيحين»
(2)
أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مرَّ على امرأة تبكي عند قبر، فقال:«اتق الله، واصبري» ، وموضع الدلالة منه: أنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر، وتقريره حُجَّة.
واستدلوا أيضًا بحديث عائشة رضي الله عنها عند الحاكم بإسناد صحيح (1/ 376)، أنها أقبلت ذات يوم من المقابر، فقال لها ابن أبي مليكة: يا أم المؤمنين، من أين
(1)
انظر الآثار المذكورة في «مصنف ابن أبي شيبة» (3/ 345)، وأثر الشعبي في إسناده مجالد الهمداني، وهو ضعيف، والآثار المذكورة محمولة على الزيارة البدعية، أو الشركية.
(2)
أخرجه البخاري برقم (1252)، ومسلم برقم (926).
أقبلت؟ قالت: من قبر عبدالرحمن بن أبي بكر. فقلت لها: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، ثم أمر بزيارتها.
وأخرجه ابن ماجه (1570) مختصرًا بلفظ: رخَّص رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور. واستدلوا على الجواز بحديث عائشة رضي الله عنها في «صحيح مسلم» (974): كيف أقول؟ تعني في المقبرة، قال:«قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ الله الْمسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ الله بِكُمْ لَلَاحِقُونَ» .
• وذهب أكثر الحنابلة، وجماعة من الشافعية إلى الكراهة، واختلفوا: هل الكراهة للتحريم، أم للتنزيه، فذهب بعض الحنابلة إلى التحريم، وهو رواية عن أحمد، وهو وجهٌ للشافعية، ورجَّح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدلوا بحديث:«لعن اللهُ زواراتِ القبور» ، وبحديث أم عطية رضي الله عنها:«نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يُعزَم علينا» ، وبحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال لفاطمة رضي الله عنها:«لو كنت بلغت معهم الكُدَى؛ ما دخلت الجنة» ، وهو ضعيفٌ، منكرٌ كما تقدم.
• وذهب جماعة من الشافعية، والحنابلة إلى الكراهة فقط.
وأقرب الأقوال هو القول الأول، وأما حديث:«لعن اللهُ زواراتِ القبور» ؛ فهو منسوخ، وهو الذي فهمته عائشة رضي الله عنها، وحمله بعضهم على المكثِرات من الزيارة؛ لقوله:«زَوَّارَات» ؛ لما قد يؤدي من التبرج، والمخالفات الشرعية، والمحمل الأول أقرب؛ لأنَّ الحديث جاء باللفظين:«زائرات» ، «وزوارات» ، وهذا يدل على