الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عشر شهرًا، فلم يُصَلِّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإسناده ظاهره الحسن، فيه: محمد بن إسحاق، وقد صرَّح بالتحديث، ولكن قال الحافظ ابن القيم في «زاد المعاد»: نقل حنبل عن أحمد أنه قال: حديثٌ منكرٌ جدًّا، وَوَهَّى ابن إسحاق.
قال أبو عبد الله غفر الله له: فالأقرب هو ضعف الحديث، ونكارته، وعلى هذا فالصواب هو قول الجمهور، والله أعلم.
وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه صلى على صبي من صبيان الأنصار. أخرجه مسلم (2662) عن عائشة رضي الله عنها.
(1)
مسألة [6]: الصلاة على السَّقْط
.
• له ثلاث حالات:
الأولى: أن يخرج بحياة مستقرة، فيستهل، أو يتحرك؛ فهذا يُصَلَّى عليه بغير خلاف، نقل ذلك ابن المنذر، وغيره من أهل العلم. وأخرج ابن أبي شيبة (3/ 318) بإسنادٍ حسنٍ عن ابن عمر أنه سئل عن الصلاة على الأطفال قال:«لأن أصلي على من لا ذنب له أحب إلي» .
الثانية: أن يخرج قبل بلوغه أربعة أشهر؛ فلا يُصَلَّى عليه، قال العبدري: بلا خلاف. قال النووي: يعني بالإجماع.
الثالثة: إذا بلغ أربعة أشهر فما فوق، ولم يستهل، فذهب سعيد، وابن سيرين،
(1)
انظر: «أحكام الجنائز» (ص 79 - 80)، «المجموع» (5/ 257)«المحلَّى» (598)«زاد المعاد» (1/ 143).
وأحمد، وإسحاق، وداود إلى أنه يغسل، ويصلى عليه؛ لأنه قد نُفِخت فيه الروح، كما في حديث ابن مسعود في «الصحيحين»
(1)
، وهو يعتبر ميتًا؛ لأنَّ روحه قد فارقت الجسد، وهو قول الشافعي في القديم، وجماعة من أصحابه. وهذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم، فقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه صلى على مولود لم يستهل. أخرجه ابن المنذر (5/ 404) بإسناد صحيح.
وثبت عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أنه قال: السقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالعافية والرحمة. أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 317)، وعبد الرزاق (3/ 531) بإسناد صحيح، وقد روي مرفوعًا.
وقد ذكر الدارقطني رحمه الله الخلاف فيه كما في «العلل» (1258). وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه كان يقوم على المنفوس من ولده الذي لم يعلم خطيئة؛ فيقول: اللهم أجره من عذاب القبر. أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 317)، وعبد الرزاق (3/ 533).
• وذهب الحسن، وإبراهيم، وعطاء، والزهري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي في الجديد، وأصحاب الرأي، إلى أنه لا يغسل ولا يصلى عليه.
والصواب هو القول الأول، وهو ترجيح الإمام الألباني، والإمام الوادعي رحمة الله عليهما.
(2)
(1)
أخرجه البخاري برقم (3208)، ومسلم برقم (2643).
(2)
انظر: «المجموع» (5/ 258)، «المغني» (3/ 458)، «المحلَّى» (598)، «ابن أبي شيبة» (3/ 317)، «عبد الرزاق» (3/ 531).
543 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1)
الحكم المستفاد من الحديث
فيه استحباب تكثير المصلين على الجنازة، وفي «صحيح مسلم» أيضًا برقم (947) عن عائشة، وأنس رضي الله عنهما، مرفوعًا:«ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه» .
قال النووي رحمه الله: وَفِي حَدِيث آخَر: «ثَلَاثَة صُفُوف» ، رَوَاهُ أَصْحَاب السُّنَن. قَالَ الْقَاضِي: قِيلَ: هَذِهِ الْأَحَادِيث خَرَجَتْ أَجْوِبَة لِسَائِلِينَ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ عَنْ سُؤَاله. هَذَا كَلَام الْقَاضِي، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِقَبُولِ شَفَاعَة مِائَة، فَأَخْبَرَ بِهِ، ثُمَّ بِقَبُولِ شَفَاعَة أَرْبَعِينَ، ثُمَّ ثَلَاثَة صُفُوف، وَإِنْ قَلَّ عَدَدهمْ، فَأَخْبَرَ بِهِ، وَيَحْتَمِل أَيْضًا أَنْ يُقَال: هَذَا مَفْهُوم عَدَد، وَلَا يَحْتَجّ بِهِ جَمَاهِير الْأُصُولِيِّينَ؛ فَلَا يَلْزَم مِنْ الْإِخْبَار عَنْ قَبُول شَفَاعَة مِائَة مَنْع قَبُول مَا دُون ذَلِكَ، وَكَذَا فِي الْأَرْبَعِينَ مَعَ ثَلَاثَة صُفُوف، وَحِينَئِذٍ كُلّ الْأَحَادِيث مَعْمُول بِهَا، وَيَحْصُل الشَّفَاعَة بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثَلَاثَة صُفُوف، وَأَرْبَعِينَ. اهـ
قلتُ: حديث الثلاثة الصفوف أخرجه أحمد (16724)، وأبو داود (3166)،
(1)
أخرجه مسلم برقم (948).
وغيرهما، من حديث مالك بن هبيرة، ولفظه:«ما من مسلم يموت فيصلى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب» وفي إسناده عنعنة ابن إسحاق، وقد تفرد بالحديث؛ فهو حديث ضعيفٌ، فحديث ابن عباس في الباب هو أقل عدد فيه الفضل المذكور، والله أعلم.
فائدة: حديث مالك بن هبيرة المتقدم، استدل به بعض أهل العلم على استحباب جعل الصفوف ثلاثة، وقال بذلك مالك، وأحمد، والشافعية. إلا أن أحمد كره أن يجعل في صف واحدٍ رجلًا.
وقد استدل على ذلك أيضًا بما وراه الطبراني (7785) عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة، ومعه سبعة نفر؛ فجعل ثلاثةً صفًّا، اثنين صفًّا، واثنين صفًّا. وإسناده ضعيف؛ فيه ابن لهيعة، ضعيف، ولا يصلح أن يقوى هذا الحديث بحديث مالك بن هبيرة؛ فإن حديث مالك بن هبيرة رضي الله عنه، فيه ذكر الفضيلة، وهذا الحديث فيه فعله صلى الله عليه وسلم بواقعة من الوقائع، والله أعلم.
قال أبو عبد الله غفر الله له: يظهر لي -والله أعلم- أن المراد من حديث مالك ابن هبيرة لو كان ثبت، هو الحث على تكثير المصلين أن يبلغوا ثلاثة صفوف، وأن الصفوف بنفسها ليس لها الفضيلة المذكورة في الحديث، وعليه فلا يستحب تكلف جعلها ثلاثة صفوف، ولو كان العدد قليلًا؛ لعدم ثبوت دليل على ذلك، والله أعلم.
(1)
(1)
«أسنى المطالب في شرح روض الطالب» (1/ 323)، «المجموع» (5/ 215)، «المغني» (3/ 420)، «التمهيد» (6/ 329)، «الفتح» لابن رجب (5/ 296).