الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلك العقد أن لا ينفك الكفن عن الميت، وقد ذهبت هذه العِلَّة.
قلتُ: وإن تركت ولم تحل؛ فلا أعلم في ذلك بأسًا، والله أعلم.
(1)
مسألة [7]: وضع الميت في القبر مستقبلا القبلة
.
أخرج أبو داود (2875)، والنسائي (7/ 89)، من حديث عمير والد عبيد حديثًا فيه ذكر الكبائر، وفي الحديث قال:«واستحلال البيت الحرام، قبلتكم أحياءً، وأمواتًا» ، وهو من طريق: يحيى بن أبي كثير عن عبد الحميد بن سنان، عن عبيد بن عمير، عن أبيه، فذكره، وإسناده ضعيفٌ؛ لأنَّ عبد الحميد بن سنان مجهول، تفرد بالرواية عنه يحيى بن أبي كثير، ولم يوثقه معتبر، بل قال البخاري: في حديثه نظر. وذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمته من «الميزان» ، ويحيى بن أبي كثير مدلس، ولم يصرح بالتحديث.
وقد ذكر الإمام الألباني رحمه الله لهذا الحديث شاهدًا عن ابن عمر رضي الله عنهما، كما في «الإرواء» (690)، فحسَّنه به، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أخرجه البيهقي (3/ 409) من طريق: أيوب بن عتبة، عن طيسلة بن علي، عن ابن عمر رضي الله عنهما، فذكره، وفيه ذكر الكبائر، قال:«وإلحاد بالبيت الحرام، قبلتكم أحياءً، وأمواتًا» ، وأيوب بن عتبة ضعيفٌ، وقد خُولِف، فقد خالفه زياد بن مِخراق، وهو ثقة، فروى الحديث عن طيسلة، عن ابن عمر رضي الله عنهما، موقوفًا عليه، وليس فيه ذكر:«قبلتكم أحياءً وأمواتًا» .
وقد رجَّح الموقوف الإمام الألباني رحمه الله في «الصحيحة» (2898)، وعلى هذا؛
(1)
انظر: «المغني» (3/ 434)، «المجموع» (5/ 204)«البيهقي» (3/ 407).
فالحديث ضعيفٌ، لا يثبت، ورواية زياد بن مِخراق عند البخاري في «الأدب المفرد» (8).
وقد استدل جماعة من أهل العلم بالحديث المذكور على توجيه الميت إلى القبلة في القبر، وهو لا يثبت كما تقدم، لكن ذكر ابن حزم رحمه الله في «المحلَّى» أنَّ هذا عمل المسلمين من عهد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى يومنا هذا، وعليه؛ فهذا يُغني عن الحديث المتقدم؛ لضعفه.
قلتُ: ويمكن أن يستدل على توجيه الميت المسلم في القبر إلى القبلة بحديث الصلاة على القبر؛ في الصحيحين وغيرهما، عن عدد من الصحابة؛ فإنه لا يصلى على القبر؛ إلا مع توجيهه إلى القبلة، وهذا واضح بين.
ولكن هل توجيهه إلى القبلة على سبيل الوجوب، أم الاستحباب؟
• ذهب الشافعية، وأكثر الحنابلة إلى الوجوب.
• وذهب بعض الحنابلة، والقاضي أبو الطيب من الشافعية إلى الاستحباب، وهو اختيار ابن حزم رحمه الله.
والقول بالوجوب هو الصواب؛ لأن هذا العمل جرى عليه عمل المسلمين، وصار من شعائر قبور المسلمين، أعني أن تكون موجهة إلى القبلة، والله أعلم، ولقوله عليه الصلاة والسلام:«من رغب عن سنتي؛ فليس مني» متفق عليه عن أنس رضي الله عنه.
(1)
(1)
انظر: «المجموع» (5/ 293)، «الإنصاف» (2/ 521)، «المحلَّى» (616)(615).