الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْل فِي ذِكْرِ بَعْض المَسَائِل المُلْحَقَة
مسألة [1]: من مات في أرض المعركة بسبب دابة، أو سقوط، أو عاد عليه سلاحه
؟
• قال النووي رحمه الله في «شرح المهذب» (5/ 267): مذهبنا أنه لا يغسل، ولا يصلى عليه، وكذا لو وُجِدَ ميتًا، ولا أثر عليه.
• وقال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد: يغسل، ويصلى عليه.
قلتُ: وقد قال بقول الشافعية بعض الحنابلة، وهو رواية عن أحمد، وقال به ابن حزم في «المحلى» (562)، وهو أقرب إلى الصواب؛ لأنه قُتل، أو مات في معترك المشركين بسبب قتالهم، وقد قُتل والد حذيفة رضي الله عنهما يوم أحد خطأً من المسلمين، ولم يستثنه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من شهداء أُحُد بغسله، والصلاة عليه، والله أعلم.
(1)
مسألة [2]: من جُرِح في أرض المعركة، ثم حمل ومات بعد ذلك
؟
قال ابن قدامة رحمه الله في «المغني» (3/ 472): وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ مَتَى طَالَتْ حَيَاتُهُ بَعْدَ حَمْلِهِ؛ غُسِّلَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ فِي المُعْتَرَكِ، أَوْ عَقِبَ حَمْلِهِ، لَمْ يُغَسَّلْ، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ: إنْ أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ، أَوْ بَقِيَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً غُسِّلَ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مَوْضِعٍ: إنْ تَكَلَّمَ، أَوْ أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ؛
(1)
وانظر: «المغني» (3/ 473 - 474)، «الإنصاف» (2/ 476).
صُلِّيَ عَلَيْهِ. وَقَوْلُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ المجْرُوحِ إذَا بَقِيَ فِي المُعْتَرَكِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ ثُمَّ مَاتَ؟ فَرَأَى أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إنْ مَاتَ حَالَ الْحَرْبِ لَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا. وَالصَّحِيحُ: التَّحْدِيدُ بِطُولِ الْفَصْلِ، أَوْ الْأَكْلِ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ ذِي حَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ، وَطُولُ الْفَصْلِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ المَوَاضِع، وَأَمَّا الْكَلَامُ وَالشُّرْبُ، وَحَالَةُ الْحَرْبِ، فَلَا يَصِحُّ التَّحْدِيدُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: الذي صححه ابن قدامة رحمه الله اختاره المجد ابن تيمية، وصححه ابن تميم، وقال صاحب «الإنصاف»: وهو عين الصواب، وقد رجَّح هذا الإمام ابن عثيمين رحمه الله، وهو الصحيح إن شاء الله، والله أعلم.
ويدل على الصلاة عليه، وتغسيله إذا طال الفصل ما هو مشهور في السيرة أن سعد بن معاذ تأخر موته بعد أن رُمِيَ في غزوة الخندق أيامًا، فغسَّله النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وصلَّى عليه.
ويدل على عدم اعتبار الكلام أنَّ عمرو بن أقيش استشهد بأحُد، وحُمِلَ إلى أخته جريحًا، فأتاه سعد بن معاذ، فقال: أقاتلت غضبًا لله ولرسوله، أم لقومك؟ فقال: بل لله ولرسوله. فمات؛ فدخل الجنة،
(1)
ولم يُنقل أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- استثناه من شهداء أحد بالغسل، والصلاة، والله أعلم.
(2)
(1)
أخرجه أبو داود (2537) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بإسناد حسن، وهو في «الصحيح المسند» (1393).
(2)
انظر: «المغني» (3/ 472)، «الإنصاف» (2/ 476 - 477)، «المجموع» (5/ 261)، «الشرح الممتع» (5/ 370).