الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسبحة يبتدئ وقتها من ارتفاع الشمس إلى قبيل زوالها عند استقلال الظل بالرمح.
(1)
مسألة [2]: إذا علم الناس أنَّ يومهم عيدٌ أثناء ذلك اليوم
؟
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله (968): وأما إن لم يعلم بالعيد إلا في أثناء النهار؛ فإن علم به قبل زوال الشمس؛ خرجوا من وقتهم، وصلوا صلاة العيد، وإن شهدوا بعد الزوال في أثناء النهار، فقال أكثر العلماء: يخرجون من الغد للصلاة، وهو قول عمر بن عبد العزيز، والثوري، وأبي حنيفة، والأوزاعي، والليث، وإسحاق، وأحمد، وابن المنذر، واستدلوا بما روى أبو عمير بن أنس.
فذكر حديث الباب بلفظ: «فجاء ركبٌ من آخر النهار» ، وهذا اللفظ عند أحمد بإسناد صحيح.
ثم قال: وقالت طائفة: تسقط، ولا تُصَلَّى بعد ذلك، كما لا تُقْضَى الجمعة إذا فاتت، وهو قول مالك، وأبي ثور، والشافعي في قول له، والقول المشهور عنه: أنه إن أمكن جمع الناس في بقية يومهم لصغر البلد؛ خرجوا، وصلوا في بقية اليوم، وإلا أخَّرُوه إلى الغد. انتهى المراد.
قال أبو عبد الله: الصواب قول الجمهور؛ لحديث أبي عمير الذي في الباب، والله أعلم.
(2)
(1)
وانظر: «الفتح» لابن رجب (968).
(2)
وانظر: «الفتح» لابن رجب (968)، «التمهيد» (14/ 360)، «نيل الأوطار» (2/ 612).
471 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.
(1)
وَفِي رِوَايَةٍ مُعَلَّقَةٍ -وَوَصَلَهَا أَحْمَدُ-: وَيَأْكُلُهُنَّ أَفْرَادًا.
(2)
الحكم المستفاد من الحديث
• ذهب عامة أهل العلم إلى استحباب الأكل قبل الخروج يوم الفطر، وهو قول أبي حنيفة، والثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم.
وقال ابن قدامة رحمه الله: لا نعلم فيه خلافًا. اهـ
• لكن قد ذُكِرَ عن ابن مسعود رضي الله عنه
(3)
، والنخعي، التخيير: من شاء أكل، ومن شاء؛ لم يأكل.
والصواب ما ذهب إليه الجمهور؛ لورود الأدلة في ذلك.
قال ابن رجب رحمه الله عقب أثر ابن مسعود: ولعله أراد به بيان أنَّ الأكل قبل الخروج ليس بواجب، وهذا حق، وإن أراد أنه ليس هو الأفضل؛ فالجمهور على خلافه، والسنة تدل عليه. اهـ.
(4)
(1)
أخرجه البخاري برقم (953).
(2)
أخرجها البخاري عقب الحديث السابق معلقة بلفظ «يأكلهن وترًا» ووصلها أحمد (3/ 126) باللفظ الذي ذكره الحافظ وإسنادها حسن.
(3)
أثر ابن مسعود رضي الله عنه أخرجه عبدالرزاق (3/ 307)، وابن المنذر (4/ 254)، وفي إسناده: عبدالكريم بن أبي المخارق، وهو شديد الضعف.
(4)
انظر: «المغني» (3/ 258 - 259)، «الفتح» لابن رجب (8/ 444)(953).
472 -
وَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(1)
الحكم المستفاد من الحديث
استحب العلماء للإنسان في يوم النحر أن لا يأكل حتى يرجع من المصلَّى؛ للأحاديث المذكورة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «الفتح» (954) -بعد أن ذكر الأحاديث المتقدمة-: وقد أخذ أكثر الفقهاء بما دلَّت عليه. اهـ
وقد بوَّبَ البخاري رحمه الله في «صحيحه» : [باب الأكل يوم النحر]، واستدل
(1)
حسن. رواه أحمد (5/ 352)، والترمذي (542)، وابن حبان (2812)، وفي إسناده ثواب بن عتبة وهو ضعيف، ولكنه قد توبع عند أحمد (5/ 353)، والدارمي (1600) وغيرهما، تابعه عقبة بن عبدالله الأصم الرفاعي، وهو ضعيف، و لكنه يصلح في المتابعات؛ وعليه فالحديث حسن.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطبراني في «الأوسط» (454) قال: (من السنة ألا تخرج يوم الفطر حتى تطعم ولا يوم النحر حتى ترجع). ورجاله ثقات إلا إسحاق بن عبدالله التميمي الأذني، فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات، فهو مجهول الحال.
وله شاهد من مراسيل سعيد بن المسيب. أخرجه مالك (1/ 179) عن الزهري عن سعيد قال: إن الناس كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو.
وأخرجه الشافعي في «الأم» (1/ 232) عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل الصلاة ولا يفعلون ذلك يوم النحر. وإسناده صحيح إلى سعيد بن المسيب.
فالحديث بهذه الطرق يرتقي إلى الحسن، وله طرق أخرى لم أذكرها لشدة ضعفها.
بحديث البراء بن عازب، أنَّ خاله ذبح قبل الصلاة، وقال: يا رسول الله، إني عرفت اليوم يوم أكلٍ، وشربٍ، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يُذبح في بيتي
…
، الحديث.
قال الحافظ: وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ: «إنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» ، وَلَمْ يُقَيَّدْ ذَلِكَ بِوَقْتٍ.
قال: وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ الْإِشَارَةَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ مُغَايَرَةِ يَوْمِ الْفِطْرِ لِيَوْمِ النَّحْرِ مِنْ اِسْتِحْبَابِ الْبُدَاءَةِ بِالصَّلَاةِ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الْأَكْلِ. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: حديث بريدة الذي في الباب يرتقي بشواهده إلى الحسن؛ فيعمل به، ويستحب أن لا يأكل يوم الفطر حتى يرجع، ويأكل من أضحيته.