الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس
يشترط في الرضا سلامته من الغبن الفاحش
الفرع الأول
في تعريف الغبن وبيان حكمه
ذكرنا من شروط العاقد أن يكون مختارًا (أي راضيًا) وذكرنا فيما سبق العيوب التي تنافي الاختيار، أو تقدح فيه: من إكراه، أو غلط، أو تدليس، وفي هذا المبحث نبين عيبًا آخر يقدح في اختيار العاقد، وهو أن يتعرض للغبن؛ لأن العاقد لو علم أنه مغبون لما أقدم على العقد، وفي هذا دليل على أن الغبن عيب يشوب الرضا، الذي هو شرط في صحة العقد.
تعريف الغبن في الاصطلاح:
(1)
.
عرفها الحطاب بقوله: «عبارة عن بيع السلعة بأكثر مما جرت العادة أن الناس لا يتغابنون بمثله، أو اشتراها كذلك»
(2)
.
[م - 106] وأما عن حكم الغبن، فإن كان الغبن يسيرًا، فإن ذلك لا يؤثر في صحة المعاملة؛ لأن معاملات المسلمين لا تخلو منه في الغالب؛ ولأن اليسير يتسامح فيه عادة.
(1)
جاء في المصباح المنير: «غَبَنَهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ غَبْنًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، مِثْلُ غَلَبَهُ فَانْغَبَنَ، وَغَبَنَهُ أَيْ: نَقَصَهُ، وَغُبِنَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَهُوَ مَغْبُونٌ: أَيْ مَنْقُوصٌ فِي الثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْغَبِينَةُ اسْمٌ مِنْهُ، وَغَبِنَ رَأْيَهُ غَبَنًا مِنْ بَابِ تَعِبَ قَلَّتْ فِطْنَتُهُ وَذَكَاؤُهُ» . انظر المصباح المنير (ص: 442).
(2)
مواهب الجليل (4/ 468 - 469).
وإن كان فاحشًا فإن الغبن محرم؛ لأن فيه ظلمًا.
(1)
.
قال ابن هبيرة: «واتفقوا على أن الغبن في البيع بما لا يفحش لا يؤثر في صحته»
(2)
.
ومفهومه: أنه إن كان فاحشًا فإنه يؤثر في صحته.
وأما المعيار في تقدير الغبن الفاحش من الغبن اليسير، ففيه أقوال، والصحيح منها: أن مرجع ذلك إلى عرف التجار، فما عد من الغبن الفاحش، فهو كثير، وما لا فلا، وانظر الأقوال في المسألة مع أدلتها في مبحث خيار الغبن، فقد وضحته هناك، والحمد لله.
(1)
أحكام القرآن لابن العربي (4/ 224).
(2)
الإفصاح (ص: 324).