الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس
في قبض الشيكات السياحية
عرفنا في البحث السابق حكم قبض الشيك، فهل ما توصلنا إليه من نتائج ينطبق على الشيك السياحي، أو أن الشيك السياحي يختلف في حكمه عن الشيك المعتاد، ويتبين لنا ذلك من خلال تعريف الشيك السياحي.
الشيك السياحي: عبارة عن كتاب اعتماد، وهذا النوع من الشيكات تبيعه معظم المصارف للأشخاص الذين لا يرغبون حمل نقود، أو أوراق مالية قابلة للتداول أثناء سفرهم من مكان إلى آخر، وهذا الشيك يوقعه صاحبه مرة عندما يشتريه من المصرف، ومرة أخرى عندما يريد أن يدفع به أو يسدد به مبلغًا من المال، وذلك بحضور الشخص الذي يدفع إليه، وبهذه الطريقة لا يمكن أن يستفيد أحد من الشيك إلا صاحبه
(1)
.
«يختلف الشيك السياحي عن الشيك العادي في أنه شيك مسحوب على بنك معين، من قبل بنك، أو شركة، وبمبلغ معين.
وحامل الشيك: هو شخص يرغب في السفر والتنقل بين بلدان متعددة، ولا يريد أن يحمل نقودًا معه، كما لا يريد أن يزور المصارف ليضيع وقته في انتظار حوالات، أو قبض شيكات.
فالشيك السياحي يتم شراؤه من البنك، أو أحيانًا من الصراف، ويدفع قيمته مع عمولة إضافية قد تصل إلى واحد بالمائة من القيمة، وعليه أن يوقع الشيك في زاوية محددة عند الشراء أمام الموظف المسئول، وعندما يريد استعمال الشيك
(1)
معجم المصطلاحات الاقتصادية والإسلامية - علي جمعة (ص: 345).
يكتب اسم المستفيد، ثم يوقع مرة ثانية في زاوية ثانية، أو يكتفي بالتوقيع، ويترك مكان اسم المستفيد على بياض (عند القبض من البنك يتم التوقيع أمام الموظف المسؤول) وعلى المستفيد أن يتوثق من مطابقة التوقيعين، وأخذ اسم الدافع، وعنوانه، ورقم جواز سفره، وعندما يكون لديه أي شك يمكنه أن يرفض الشيك السياحي»
(1)
.
«ويذكر الأستاذ علي جمال الدين عوض أن أول نشأته كانت عام 1891 م بسبب رحلة قام بها رئيس شركة أمريكان إكسبرس للسياحة إلى أوروبا، فصادفته فيها متاعب راجعة إلى كيفية حصوله على مال يقوم بشئون حياته في هذه الرحلة، فابتكر نظام الشيكات السياحية حتى ذاع استعمالها، فأصبحت البنوك تصدر شيكات سياحية قابلة للصرف لدى جميع البنوك الأخرى، ويذكر الأستاذ على جمال الدين عوض أن الصورة الغالبة للشيك: هو أن يصدر الشيك بفئات نقدية معينة، وعلى الصك مكان يوقع فيه العميل عند استلام الشيك، ومكان آخر يوقع فيه عند قبض قيمته أمام البنك الذي يدفع هذه القيمة، ليتحقق من تطابق التوقيعين، ومن أن الذي يستوفي القيمة هو ذات المستفيد الذي تسلم الشيك ممن أصدره، وتنفيذه بطريق المقاصة. ويذكر الأستاذ علي عوض: أن كثيرًا من الشراح يستبعد الشيك السياحي من تعريف الشيك إذا تخلف بيان من البيانات اللازمة للشيك. وهو أمر غالب، حيث لا يتضمن تاريخ السحب، ومكان الإِصدار، واسم المسحوب عليه، كما ينكر عليه وصف السند الإِذني، أو السند لحامله كما يعرفه القانون التجاري، إذ هو لا يتضمن تعهد البنك بالدفع حتى ولو تضمن أمرًا للمسحوب عليه؛ لأن تعهد الساحب ضمنًا بالوفاء عند
(1)
العمليات البنكية -جعفر الجزار (ص: 55 - 56).
تخلف المسحوب عليه لا يكفي لاعتبار الورقة سندًا تجاريًا صرفيًّا، كما أن وظيفة الشيك السياحي تختلف عن وظيفة السند الإِذني، أو السند للحامل؛ لأن الشيك السياحي يستهدف مجرد نقل النقود، ولا يستخدم أداة للأثمان، وهي الوظيفة الأساسية للسندات التجارية، ومن هنا ندرك أن الشيك السياحي ورقة ابتكرها العرف، وأقر حكمها بعيدًا عن الأحكام التي وضعها التشريع للأوراق التي قد تشتبه بها. اهـ
(1)
.
[ن- 9] إذا عرفنا حقيقة الشيك السياحي، فهل قبضه يعتبر قبضًا لمحتواه، لم أجد من بحث هذا الموضوع بحثًا شافيًا، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى حداثة تاريخ الشيك السياحي مقارنة بالشيك العادي، وقد أ شار إليه بعض الباحثين أنقل كلامه بحروفه، يقول وفقه الله:
«قبض الشيكات السياحية:
إذا اعتبرنا قبض الشيك قبضًا لمحتواه فما حكم قبض الشيك السياحي، هل هو مثل قبض الشيك، أو أنه يغايره؟
نقل النقود من مكان إلى آخر قد يعرضها خطر السرقة، والغصب، أو الضياع، وهذه المشكلات حلت بعد استحداث (الشيك السياحي) وظهرت له مميزات يستحيل تحقيقها عن طريق استخدام طرق الوفاء القديمة.
ولكن عند الكلام على قبضها، وهل هو قبض لمحتواها أو لا؟
لابد من بيان الوصف الفقهي لها.
وإجابة عليه لا بد من معرفة أن نظام الشيك السياحي حديث نسبيًا، ولذلك
(1)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي (6/ 1/ص 678).
اختلف في تكييفه، هل هو شبيه بالشيك المتعارف عليه؟ أو هو سند لآمر؟ أو هو من الأوراق المالية؟ -أوراق البنكنوت - فمن ألحقها بالشيك عد قبضها تخلية، ومن ألحقها بالأوراق النقدية تم القبض الحقيقي عنده.
وذهب إلى القول بإعطائها أحكام الأوراق النقدية بعض الباحثين المعاصرين»
(1)
.
(1)
القبض تعريفه، أقسامه، صوره، وأحكامها للشيخ سعود الثبيتي (ص: 60) نقلًا من الأوراق التجارية للجعيد (ص: 209 - 210، 318، 225)، وانظر أميرة صدقي الشيكات السياحية (ص: 40، 73، 74، 75)، مجلة مجمع الفقه الإسلامي (6/ 1/ص: 659).