الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثالث:
اختار بعض المالكية أنه لا يفسد البيع إلا إذا جهلاه معًا، أو جهله أحدهما، وعلم الآخر بجهله، وأما إذا لم يعلم الآخر بجهله فلا يفسد البيع، ولكن يخير الجاهل بين إمضاء البيع، وبين الرد
(1)
.
القول الرابع:
اختار أكثر الحنفية، والباجي من المالكية جواز بيع الشيء، ولو لم يعلم
(1)
انظر حاشية الدسوقي (3/ 15)، وقال في الشرح الصغير (3/ 30 - 31):«لا بد من كون الثمن والمثمن معلومين للبائع والمشتري، وإلا فسد البيع. وجهل أحدهما كجهلهما، سواء علم العالم بجهل الجاهل أو لا، وقيل: يخير الجاهل منهما إذا لم يعلم العالم بجهله» اهـ وقال الحطاب في مواهب الجليل (4/ 276): «من شرط صحة البيع أن يكون معلوم العوضين، فإن جهل الثمن، أو المثمون، لم يصح البيع وظاهر كلامه أنه متى حصل الجهل بأحد العوضين من المتبايعين أو من أحدهما فسد البيع وصرح بذلك الشارح في الكبير وهو ظاهر التوضيح أيضا وقال ابن رشد في رسم أوصى من سماع يحيى من جامع البيوع وفي رسم الكبش من سماع يحيى من كتاب الصلح: لا يكون البيع فاسدًا إلا إذا جهلا معًا قدر المبيع، أو صفته، أو جهل ذلك أحدهما وعلم الآخر بجهله، وتبايعًا على ذلك، أما إذا علم أحدهما، وجهل الآخر، ولم يعلم بجهله، فليس ببيع فاسد، وإنما هو في الحكم كبيع غش وخديعة، يكون الجاهل منهما إذا علم مخيرًا بين إمضاء البيع أو رده» .
المشتري جنس المبيع فضلًا عن معرفة صفته، كما لو قال: بعتك ما في كمي إذا كان الخيار للمشتري بعد رؤيته للمبيع
(1)
.
والدليل على اشتراط كون المعقود عليه معلومًا، أدلة كثيرة، منها:
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [النساء:29].
فاشترطت الآية الرضا، والرضا لا يتعلق إلا بمعلوم.
ومنها: النهي عن بيع الغرر، وهو أصل متفق عليه في الجملة
(ح-67) لما رواه مسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر
(2)
.
ومنه ما ثبت في الأحاديث الصحيحة في النهي عن بيع الملامسة والمنابذة، وحبل الحبلة، وإنما نهي عنها لما فيها من عدم العلم بالمبيع،
(3)
.
وكل هذه الأحاديث سوف نسوقها بأسانيدها إن شاء الله تعالى في مباحث مستقلة.
(1)
فتح القدير (5/ 137)، وقال ابن عابدين في حاشيته (4/ 29):«ولو قال: بعتك ما في كمي فعامتهم على الجواز» . وانظر المنتقى للباجي (4/ 287 - 288).
(2)
مسلم (1513).
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم (10/ 157).