الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوكله، فإن لم يسمه صح الشراء مطلقًا لكن إن أجازه الغير أصبح ملكًا للغير، وإن لم يقبل الغير لزم الشراء الفضولي.
والصحيح أن الشراء لا يختلف حكمه عن حكم البيع، وأن الشراء للغير جائز، ويكون موقوفًا على إجازة المالك، وقد ذكرنا الأدلة الكثيرة على جواز بيع مال الغير بغير إذنه ويكون موقوفًا على الإجازة، والشراء لا يختلف حكمه عن حكم البيع، والله أعلم.
تنبيه:
لا يقتصر تصرف الفضولي على البيع والشراء، فقد يتصرف بما هو مصلحة للغير من إنقاذ للمال، أو نفقة على العيال، أو على الدواب، أو ينفق على مال الغير بما يكون سببًا في حفظه من التلف، أو إنقاذه من الضياع، أو ينفق على إصلاح جدار يخشى سقوطه، ونحو ذلك، ولم يكن بمقدور الفضولي أن يرجع إلى صاحبه وقت التصرف ليأخذ منه إذنًا صريحًا في ذلك، وانتظار الإذن من المالك قد يفوت مصلحة، أو يوقع في مفسدة قبل حصول الإذن، فيرجع الفضولي فيما ينفقه على مال غيره إذا دفع ذلك بنية الرجوع، وكان الحامل على ذلك مصلحة الغير، وسوف يأتي إن شاء الله في بحوث قادمة ما يكشف هذه المسائل
(1)
.
(1)
وكما تطرق الفقهاء إلى تصرف الفضولي، فقد تطرقت القوانين إلى هذا الموضوع، ويرجع أصل الفضالة التاريخي إلى القانون الروماني، انظر شرح قانون الموجبات والعقود - زهدي يكن (3/ 129 - 130)، وقد فرق الرومان بين الوكالة والفضالة: بأن الوكيل له حق المطالبة بكل ما أنفقه من النفقات بينما الفضولي في القانون الروماني لا يمكنه المطالبة إلا بالمصاريف التي عادت بالنفع على رب العمل.
فالوكيل له أخذ الأجرة على عمله، والفضولي ليس له إلا ما أنفقه إلا أن يكون العمل في حدود مهنته، كالمهندس في مسألة البنيان، والطبيب في مسألة العلاج ونحوهما. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والفضالة كما يعرفها القانون: أن يتولى شخص عن قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر، دون أن يكون ملزمًا بذلك، مثل أن يتولى جار ترميم سطح جاره الغائب خشية نزول الأمطار، فيتلف ما بالمنزل من أثاث، إذ يعتبر الجار فضوليًا في هذه الحالة.
شروط الفضالة في القوانين:
الأول: قيام الفضولي بشأن لرب العمل.
وقد يكون العمل الذي قام به الفضولي قانونيًا، كما لو تولى بيع محصول لرب العمل خشية التلف، أو قام بدفع رسوم مخافة إلقاء حجز إداري على محله التجاري، أو قام بقبض حق لرب العمل نيابة عنه.
وقد يكون العمل ماديًا، كأن يقوم بإطفاء حريق في منزل رب العمل، أو جني محصول يخشى عليه من التلف.
الشرط الثاني: يتعين أن يتوافر في العمل الذي يتولاه الفضولي وصف الاستعجال، بحيث لو كان رب العمل نفسه موجودًا ما توانى في القيام به، مثل ذلك ترميم سقف، أو جدران متصدع مهدد بالسقوط، أو بيع محصول قابل للتلف، أو دفع دين للضرائب لتوقي الحجز، فليس يكفي لتبرير الفضالة أن يكون التصدي نافعًا، أو مفيدًا، بل لا بد أن يكون ضروريًا.
الشرط الثالث: أن يكون قصد الفضولي مصلحة رب العمل، فإذا انصرفت نية الشخص إلى العمل لحساب نفسه، فلا تتوافر الفضالة، حتى ولو عاد هذا العمل على الغير بفائدة.
الشرط الرابع: ألا يكون الفضولي ملزمًا بالقيام بالعمل، بل يقوم بذلك من تلقاء نفسه، فإذا كان ملزمًا لم يكن فضوليًا، وإذا لم يكن من تلقاء نفسه كما لو كان بتفويض من رب العلم كان وكيلًا، وليس فضوليًا.
الشرط الخامس: بعضهم يزيد شرطًا خامسًا، وهو أنه يجب أن تتوفر الأهلية لدى الفضولي حتى يتمكن أن يقوم بما عليه من التزامات، وهذا شرط عام في الفضولي وغيره، هذه تقريبًا شروط الفضالة لدى أهل القانون، وقد تضمنها التعريف السابق.
التزامات الفضولي:
يلتزم الفضولي بما يلي:
الأول: المضي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه.
الثاني: يجب على الفضولي أن يخطر بتدخله رب العمل متى استطاع ذلك. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الثالث: يلتزم الفضولي بما يلتزم به الوكيل من رد ما استولى عليه بسبب الفضالة، وتقديم حساب عما قام به.
الرابع: ليس للوكيل أن يستعمل مال الموكل لصالح نفسه.
التزامات رب العمل:
1 -
تنفيذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحساب رب العمل.
2 -
تعويض الفضولي عن التعهدات التي التزم بها باسمه الشخصي،.
3 -
إذا كان الفضولي قد قام بنفقات، فإن رب العمل يقوم بردها مع فوائدها القانونية من يوم دفعها.
4 -
يلتزم رب العمل بأن يعطي الفضولي الأجر الذي يستحق له إذا كان العمل داخلًا في حدود مهنته، كالمهندس الذي يقوم بإصلاح المنزل، والطيبب الذي يعالج المريض، فإن كان العمل الذي قام به الفضولي لا يدخل في حدود مهنته فإنه لا يستحق أجرًا عن عمله، ويكون له فقط النفقات التي قام بها لتنفيذ أعمال الفضالة.
5 -
تعويض الفضولي عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل، كما لو قام الفضولي بإطفاء حريق شب في بيت جاره، فتعرض للحريق أو تلفت بعض أدواته التي استعملها لإطفاء الحريق مثلًا.
نظم المشرع الأردني أحكام الفضالة في المواد من (301 إلى 308) مدني.
وفي القانون المدني المصري من المادة (188 إلى 197).
ففي مادة (301) من القانون المدني الأردني قال: «من قام بفعل نافع للغير دون أمره، ولكن أذنت به المحكمة، أو أوجبته ضرورة، أو قضى به عرف، فإنه يعتبر نائبًا عنه، وتسري عليه الأحكام التالية.
(302)
تسري قواعد الوكالة إذا أقر رب العمل ما قام به الفضولي». ونصه موجود في القانون المدني المصري (190).
(303)
: يجب على الفضولي أن يمضي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته لنفسه
…
كما يجب عليه أن يخطر بتدخله رب العمل متى استطاع ذلك. وهو نص القانون المدني المصري في مادته (191).
(304)
الفضولي مسؤول عما يلحق رب العمل من أضرار، وللمحكمة تحديد الضمان إذا كانت الظروف تبرر ذلك. =
وبهذا نكون قد انتهينا من شروط العاقدين، وقد كان مناسبًا، ونحن نعقد مبحثًا خاصًا في أحكام العاقد أن نخصص فصلًا في اختلاف العاقدين، لعلاقة ذلك في عنوان البحث، ولكن أحببت أن أجعل ذلك ضمن كتاب الخيار، وأن يكون مسمى البحث (خيار لاختلاف المتبايعين) لأنه من غير المناسب أن أعقد مبحثًا في اختلاف المتعاقدين على المبيع، وأنا لم أبحث حتى الآن أحكام المبيع وأحكام الثمن، لهذا رأيت من المناسب أن أترك هذا الفصل من اختلاف المتعاقدين بعد معرفة أركان البيع، من صيغة، وعاقد، ومعقود عليه. والله أعلم.
* * *
= (305) إذا عهد الفضولي إلى غيره بكل العمل أو ببعضه كان مسؤولًا عن تصرفات نائبه دون إخلال بما لرب العمل من الرجوع مباشرة على هذا النائب. وهو نص القانون المدني المصري (2 - 192).
(306)
: يلتزم الفضولي بما يلتزم به الوكيل من رد ما استولى عليه بسبب الفضالة، وتقديم حساب عما قام به. وهو نص القانون المدني المصري في مادته (193).
(307)
على رب العمل أن ينفذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحسابه، وأن يعوضه عن التعهدات التي التزم بها، وأن يرد له النفقات الضرورية والنافعة التي سوغتها الظروف، وأن يعوضه عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل، ولا يستحق الفضولي أجرًا عن عمله إلا أن يكون من أعمال مهنته. ونحو ذلك في القانون المدني المصري في مادته (195).
وانظر الوسيط في شرح القانون المدني الجديد - السنهوري (1/ 2/1384)، مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني. د أنور سلطان (ص: 402)، النظرية العامة للالتزامات د. أمجد محمد منصور (ص: 378).