الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ذكرت ولله الحمد أدلة كل قول في باب تلف المبيع، وكيفية الضمان في المجلد الثالث من هذه المجموعة.
رابعًا: في باب القسمة
[م - 116] فالمال المشترك بين رجلين أو أكثر إذا كان مثليًا كالمكيل والموزون والمعدود المتقارب تدخله القسمة جبرًا: أي يجبر الشريك على القسمة، ويتولاها القاضي.
قال المرداوي في الإنصاف: «إذا طلب أحدهما قسمه وأبى الآخر أجبر عليه بلا نزاع»
(1)
.
وأما المال القيمي، فإن كان مما يمكن قسمه بلا ضرر، ولا يحتاج إلى رد عوض، كالأرض الواسعة، والقرى والبساتين والدور الكبار والدكاكين الواسعة فإنه يقسم قسمة إجبار كالمال المثلي.
وإن كان مما لا يمكن قسمه، إلا بضرر كنقص القيمة، أو برد عوض من أحدهما على الآخر لم يجبر أحدهما على القسمة.
قال في البحر الرائق: «القسمة ثلاثة أنواع:
قسمة لا يجبر الآبي عليها، كقسمة الأجناس المختلفة.
وقسمة يجبر عليها الآبي كقسمة ذوات الأمثال كالمكيل والموزون.
(1)
الإنصاف (11/ 345)، وقال في الفتاوى الصغرى كما في البحر الرائق (8/ 168) «القسمة ثلاثة أنواع: قسمة لا يجبر الآبي عليها، كقسمة الأجناس المختلفة، وقسمة يجبر الآبي عليها، كقسمة ذوات الأمثال كالمكيل والموزون، وقسمة يجبر الآبي في غير المثليات كالثياب من نوع واحد، والبقر والغنم». وانظر حاشية ابن عابدين (6/ 255).
وقسمة يجبر الآبي في غير المثليات كالثياب من نوع واحد، والبقر والغنم»
(1)
.
وقال في المهذب: «وإن طلب أحد الشريكين القسمة وامتنع الآخر
نظرت، فإن لم يكن على واحد منهم ضرر في القسمة كالحبوب والأدهان والثياب الغليظة وما تساوت أجزاؤه من الأرض والدور أجبر الممتنع؛ لأن الطالب يريد أن ينتفع بماله على الكمال، وأن يتخلص من سوء المشاركة من غير إضرار بأحد فوجبت إجابته إلى ما طلب، وإن كان عليهما ضرر كالجواهر، والثياب المرتفعة التي تنقص قيمتها بالقطع، والرحى الواحدة، والبئر والحمام الصغير لم يجبر الممتنع لقوله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا إضرار، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال؛ ولأنه إتلاف مال وسفه يستحق بها الحجر فلم يجبر عليه».
قال ابن رجب في قواعده: «إن كان المشترك مثليًا، وهو المكيل والموزون، وامتنع أحد الشريكين من الإذن في القسمة أو غاب، فهل يجوز للشريك الآخر أخذ قدر حقه منه بدون إذن الحاكم؟
على وجهين (أحدهما): الجواز وهو قول أبي الخطاب.
(والثاني): المنع وهو قول القاضي؛ لأن القسمة مختلف في كونها بيعا وإذن الحاكم يرفع النزاع»
(2)
.
وسوف يأتي مزيد بحث لهذه المسألة إن شاء الله تعالى في بابها، وإنما أردت هنا الإشارة إلى الآثار المترتبة على تقسيم المال إلى مثلي وقيمي، ولم أقصد تحرير قسمة المال المشترك بين الشركاء، وكيف يقسم، والله أعلم.
* * *
(1)
البحر الرائق (8/ 168) وهذا النص بحروفه منقول في حاشية ابن عابدين (6/ 255).
(2)
قواعد ابن رجب: القاعدة الثالثة والعشرون (ص: 32).