الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الثاني
أن يكون العاقد مختارًا
المبحث الأول
الفرق بين الرضا والاختيار
[م - 93] يشترط في كل من العاقدين أن يكون مختارًا للعقد، اختيارًا يدل على الرضا المنافي للإكراه.
وإنما قلت: (اختيارًا يدل على الرضا المنافي للإكراه) لأنه قد جرى خلاف بين الحنفية والجمهور في التفريق بين الرضا والاختيار كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
والدليل على اشتراط الرضا (الاختيار) في العقود
.
من القرآن قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [النساء:29].
فقوله: {عَن تَرَاضٍ مِّنكُم} بصفة لتجارة، أي تجارة صادرة عن تراض بالعقد
(1)
.
(ح -43) ومن السنة ما رواه ابن ماجه، قال: ثنا مروان بن محمد، ثنا عبد العزيز ابن محمد، عن داود بن صالح المدني، عن أبيه، قال:
سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما البيع عن تراض
(2)
.
(1)
تفسير النسفي (1/ 218).
(2)
سنن ابن ماجه (2185).
[إسناده حسن]
(1)
.
(1)
عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وداود بن صالح صدوقان، وباقي رجال الإسناد ثقات.
وقد أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 278) وابن حبان في صحيحه (4967) من طريق الدراوردي به، ولفظ ابن حبان فيه قصة.
وله شاهد من حديث أبي هريرة، رواه أبو عتاب (طلق بن معاوية)، واختلف عليه فيه،
فرواه محمد بن جابر كما في الكامل لابن عدي (6/ 152)، عن طلق بن معاوية، عن أبي زرعة، قال: بايعت رجلًا في دابة، ثم قال الرجل: خيرني، فخيره الرجل ثلاثًا، يقول أبو زرعة: قد خيرت، ثم مر، فقال له الرجل: اختر. فقال له أبو زرعة:
حدثني أبو هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: هكذا البيع عن تراض.
ومحمد بن جابر ضعيف.
وأخرجه أحمد (2/ 536)، وأبو داود (3458)، والترمذي (1248)، والبيهقي (5/ 271) والعقيلي في الضعفاء (4/ 390) من طريق يحيى بن أيوب، من ولد جرير، قال: سمعت أبا زرعة يذكر
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتفرق المتبايعان عن بيع إلا عن تراض.
وفي إسناده يحيى بن أيوب البجلي:
قال يحيى بن معين: ضعيف. الضعفاء للعقيلي (4/ 390).
وقال أيضًا في رواية عثمان بن سعيد عن ابن معين: ليس بشيء. المرجع السابق.
وقال في رواية الدوري: ليس به بأس. الجرح والتعديل (9/ 127).
وذكره البخاري في التاريخ الكبير، ولم يذكر فيه شيئًا (8/ 260).
وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 594).
وقال النسائي: صالح. تهذيب التهذيب (11/ 163).
وقال يعقوب بن سفيان: لا بأس به. المرجع السابق.
وفي التقريب: لا بأس به.
قال العقيلي عن حديثه هذا: والحديث يروى بغير هذا الإسناد، وغير هذا اللفظ من طريق يثبت. الضعفاء للعقيلي (4/ 390). وهذا إشارة من العقيلي بأن هذا الطريق لا يثبت.
وخالفهما الثوري وهو أثبت منهما، فرواه عبد الرزاق كما في المصنف (14267)، وابن أبي شيبة كما في المصنف (22419)، عن الثوري، عن أبي عتاب (طلق بن معاوية)، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة موقوفًا عليه.
قال الدارقطني في العلل (11/ 210): «والموقوف أشبه بالصواب» .
وفيه شاهد ثان من حديث ابن أبي أوفى، رواه عبد الرزاق في المصنف (14264) أخبرنا عبد الله بن محرر، قال: أخبرني ثابت أبو الحجاج، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: البيع عن تراض، والتخيير عن صفقة.
وهذا ضعيف جدًا، عبد الله بن محرر متروك.
وإذا كان الرضا شرطًا في صحة العقد، فلا بد أن يكون الرضا خاليًا من كل ما ينافيه، كالإكراه، والغلط، والتدليس، والغبن.
كالإكراه، بحيث لو خلي المكره وسبيله لم يرض بالعقد.
والغلط بحيث لو علم من وقع في الغلط ما أقدم على التعاقد.
والتدليس على المتعاقد بحيث لو تكشفت الحقيقة للمتعاقد المدلس عليه (المخدوع) ما أقدم على التعاقد.
أو وقع في غبن فاحش، فهذه العيوب كلها تنافي الرضا، وقد سماها بعض القانونيين عيوب الإرادة، وبعضهم يسميها العيوب التي تلحق الرضا، وسوف نعرض لها بالتفصيل إن شاء الله في الفصول التالية.
* * *