الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[م - 89] فالسفه في الاصطلاح اختلف الفقهاء في تفسيره على قولين:
القول الأول:
أنه إساءة التصرف في المال، ولا أثر للفسق والعدالة فيه. ويقابله الرشد، وهو إصلاح المال وتنميته، وعدم تبذيره. وهذا تعريف الجمهور من الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وقول مرجوح عند الشافعية
(1)
.
القول الثاني:
وهو الراجح عند الشافعية
(2)
، وقول للإمام أحمد: أن السفيه: هو الفساد في الدين والمال معًا.
فالفساد في المال يكون بالتبذير والإسراف فيه.
والفساد في الدين: أن يكون ساقط العدالة، وذلك يكون بترك الواجبات، وارتكاب المحرمات، والإصرار عليها.
(1)
بدائع الصنائع (7/ 170)، أحكام القرآن للجصاص (2/ 93)، كشف الأسرار (4/ 369)، العناية شرح الهداية (9/ 259)، فتح القدير (9/ 259)، البحر الرائق (8/ 91)، حاشية الدسوقي (2/ 519)، مواهب الجليل (5/ 64)، التاج والإكليل (5/ 59)، المغني (4/ 301).
(2)
الأم (3/ 215)، حاشية الجمل (3/ 339 - 340)، تحفة المحتاج (5/ 168)، مغني المحتاج (2/ 169)، السراج الوهاج (ص: 230).
واحتج الشافعي بقوله تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: 130].
وقال تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِن لَّا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 13].
وقال تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} [البقرة:142]. وكل هذه الآيات هي في سفيه الدين.
وقول الجمهور أقوى، وليس الخلاف هل يطلق على الفاسق اسم السفيه أو لا، وإنما الخلاف في السفه في المال، هل يشمل السفه في الدين، فالجمهور على أنه إذا كان الرجل لا يخدع في ماله، وكان حافظًا له، فليس بسفيه، وإن كان فاسقًا. وقولنا: ليس بسفيه يعني في ماله، وإن كان سفيهًا في دينه.
وقد سبق لنا أن الصحيح في الرشد أنه يختلف من مقام لآخر.
فالرشد في ولي النكاح مثلًا: معرفته بالكفء، ومصالح النكاح، وليس له علاقة بحفظ المال.
والرشد في المال: هو حفظه وإصلاحه، ولا يدخل فيه الرشد في الدين، ولو كان صلاح الدين شرطًا في الرشد لوجب الحجر على المنافقين والمبتدعة، بل يجب الحجر على كل من اغتاب مسلمًا ولم يتب من هذه المعصية وذلك لارتكابه كبيرة من كبائر الذنوب، ويجب الحجر على كل من كذب في بيعه، أو غش فيه.
* * *