الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث
في دخول المفاتيح في بيع الدار
[م - 170] اختلفوا في دخول مفاتيح الدار على قولين.
القول الأول:
تدخل، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، وأصح الوجهين في مذهب الشافعية
(3)
، وقول في مذهب الحنابلة
(4)
.
القول الثاني:
لا تدخل، وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعية
(5)
، والمذهب عند الحنابلة
(6)
.
وعلل الحنابلة ذلك: أن اسم الدار لا يتناول المفاتيح، وأن المفاتيح منقولة غير متصلة بالدار، وهذا التعليل ليس بشيء، والراجح الأول؛ لأن المفاتيح وإن كانت منقولة إلا أن أقفالها تعتبر مثبتة، وقد ركبت لتبقى، ومفتاح القفل تبعًا للقفل، ألا ترى أنه لو اشترى القفل دخل المفتاح فيه من غير تسمية.
(1)
بدائع الصنائع (5/ 165)، الفتاوى الهندية (3/ 31)، درر الحكام شرح مجلة الأحكام (1/ 179)، تبيين الحقائق (4/ 10)، العناية شرح الهداية (6/ 295).
(2)
مواهب الجليل (4/ 497)، منح الجليل (5/ 285).
(3)
قال في الروضة (3/ 546): «وفي مفتاح المغلاق المثبت وجهان، أصحهما يدخل، ويجري الوجهان في ألواح الدكاكين، وفي الأعلى من حجر الرحى» وانظر المجموع (10/ 516 - 517)، فتح الوهاب (1/ 309).
(4)
المغني (4/ 70)، الفروع (4/ 68).
(5)
المجموع (10/ 516 - 517).
(6)
المغني (4/ 70)، شرح منتهى الإرادات (2/ 80)، مطالب أولي النهى (3/ 191)،.
والخلاف في المفاتيح كالخلاف في رحى المنزل، وقد كان ذلك موجودًا في عصر متقدم، فمنهم من أتبع الرحى الفوقاني الرحى السفلي المثبت في الأرض كالمالكية والحنفية، وأصح الوجهين في مذهب الشافعية، ووجه في مذهب الحنابلة
(1)
.
ومنهم من اعتبر الرحى السفلي يدخل في بيع الدار، ولا يدخل الرحى الفوقي؛ لأنه غير متصل بالدار كالحنابلة، وأحد الوجهين في مذهب الشافعية
(2)
.
والصحيح أن بابه باب القفل والمفتاح، فكما لا يوجد قفل بلا مفتاح، لا يوجد رحى بدون جزئه العلوي، والله أعلم.
قال ابن قدامة: «وأما ما كان من مصالحها لكنه منفصل عنها كالمفتاح والحجر الفوقاني من الرحى، إذا كان السفلاني منصوبًا فيحتمل وجهين:
أحدهما: يدخل في البيع; لأنه لمصلحتها فأشبه المنصوب فيها.
والثاني: لا يدخل; لأنه منفصل عنها فأشبه السفلاني إذا لم يكن منصوبًا»
(3)
.
(1)
انظر مغني المحتاج (2/ 85)، فتح الوهاب (1/ 309)، روضة الطالبين (3/ 546).
وقال الشيرازي في المهذب (1/ 278): «إن كان فيها رحى مبنية دخل الحجر السفلاني في بيعها; لأنه متصل بها، وفي الفوقاني وجهان:
أحدهما: أنه يدخل، وهو الصحيح; لأنه ينصب هكذا فدخل فيه كالباب.
والثاني: لا يدخل; لأنه منفصل عن المبيع ويدخل الغلق المسمر في الباب وفي المفتاح وجهان، أحدهما: يدخل فيه; لأنه من مصلحته فلا ينفرد عنه. والثاني: لا يدخل; لأنه منفصل فلم يدخل فيه، كالدلو، والبكرة». وانظر الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 74)، المغني (4/ 70)،
(2)
الروضة (3/ 546) المجموع (10/ 516 - 517)، المهذب (1/ 278).
(3)
المغني (4/ 70).
نعم يتوجه قول الحنابلة لو كانت المفاتيح لأقفال غير مثبتة بالأبواب، منفصلة عنها، كما لو كان الباب يقفل عن طريق قفل منقول لم يثبت بالباب، وهو ما يمكن أن نسميه بالقفل الخارجي، فمادام أن القفل منقول فالمفتاح تبع للقفل، فلو قيل بعدم دخول القفل ومفتاحه، لكونهما منفصلين عن الباب، لكان هذا القول له وجه، ولعل كلام الحنابلة متوجه لهذا النوع، وليس للقفل المثبت في الباب بالمسامير، فإن القفل تابع للباب، والمفتاح تبع للقفل، ولكن إطلاق الحنابلة على عدم دخول المفتاح مطلقًا ظاهره أن ذلك يشمل مفتاح القفل المنقول والمثبت بدليل أنهم لا يلحقون الرحى الفوقي بالرحى السفلي مع كونهما يشكلان بمجموعهما رحى واحدة، أحدهما ثابت، والآخر منقول، بخلاف الحنفية والشافعية، فإنهم فرقوا بين القفل المنقول والمثبت.
قال في مجمع الأنهر: «وكذا - أي يدخل تبعًا في بيع الدار - مفتاح غلق متصل بباب الدار بخلاف المنفصل، وهو القفل، فإنه ومفتاحه لا يدخلان»
(1)
.
وقال النووي في الروضة: «وفي مفتاح المغلاق المثبت وجهان، أصحهما يدخل»
(2)
، فقوله (المغلاق المثبت) أخرج مفتاح القفل غير المثبت، فإنه لا يدخل، والله أعلم.
* * *
(1)
مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (3/ 22)، وانظر الفتاوى الهندية (3/ 31).
(2)
الروضة (3/ 546).