الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الأصحاب من جعل القبض فيها شرطًا للصحة، وممن صرح بذلك صاحب المحرر فيه في الصرف، والسلم، والهبة»
(1)
.
القول الثاني:
من الفقهاء من يرى أن القبض ركن في العقد، لأن به تمام الرضا، فلا ينعقد العقد ولا ينشأ إلا بحصول القبض، وقد صرح ابن عقيل بأن القبض ركن من أركان الهبة كالإيجاب في غيرها، وكلام الخرقي يدل عليه أيضًا
(2)
.
يقول ابن رجب: «قال الشيخ تقي الدين: التحقيق أن يقال في هذه العقود- يعني عقد الصرف والسلم والهبة ونحوها - إذا لم يحصل القبض فلا عقد، وإن كان بعض الفقهاء يقول: بطل العقد، فكما يقال: إذا لم يقبل المخاطب بطل الإيجاب، فهذا بطلان ما لم يتم، لا بطلان ما تم. اهـ
ولا يستبعد توقف انعقاد العقد على أمر زائد على الإيجاب والقبول، كما يتوقف انعقاد النكاح معهما على الشهادة»
(3)
. اهـ كلام ابن رجب.
وإن كنت ميالًا إلى أن القبض هو شرط إما لصحة العقد، أو للزومه واستمراره؛ لا أن العقد لا ينعقد أصلًا إلا بالقبض، وذلك لأن المعنى الشرعي للعقد: هو ارتباط الإيجاب بالقبول على وجه يظهر أثره الشرعي في محله، وهذا المعنى للعقد يتحقق بالإيجاب والقبول، فالقبض ليس ركنًا في العقد، وإلا لكان ركنًا في العقد مطلقًا في كل بيع، وليس في بعض العقود خاصة،
(1)
القواعد لابن رجب، القاعدة التاسعة والأربعون (ص: 71).
(2)
المرجع السابق.
(3)
المرجع السابق، وقال في الفتاوى الكبرى (4/ 474):«والتحقيق في عقود الربا إذا لم يحصل فيها القبض أن لا عقد، وإن كان بعض الفقهاء يقول: بطل العقد، فهو بطلان ما لم يتم، لا بطلان ما تم» .
وإنما القبض أثر من آثار العقد، على اختلاف بين عقد وعقد، وحيث يكون تأخر القبض في بعض العقود محرمًا؛ لأنه يوقع العاقد في محذور شرعي، فيحرم تأخيره لذلك، كما يوقع تأخير القبض في عقد السلم في الوقوع في بيع الدين بالدين، ويوقع تأخير القبض في الأموال الربوية إلى الوقوع في ربا النسيئة كما في عقد الصرف، فدفعًا لهذه المحاذير، نقول: إذا تفرق العاقدان قبل القبض يكون العقد لاغيًا لافتقاره إلى شرط لزومه واستمراره، أو لافتقاره إلى شرط صحته، ولا يقال: إن العقد لم ينعقد أصلًا
(1)
.
* * *
(1)
انظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي (6/ 1/ص: 499).