الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس
ما يدخل في بيع الثمار
الفرع الأول
في دخول الثمار إذا كان ظهوره متلاحقًا
[م - 181] بعض الشجر يكون ثماره متلاحقًا، لا يظهر دفعة واحدة، فإذا باع الرجل ثمر شجرة يتلاحق ثمارها، فهل يصح البيع، وإذا صح البيع فهل يصح في الثمرة الظاهرة، أو في كل الثمرة، ما ظهر منها، وما لم يظهر؟
وللجواب على ذلك يقال: إذا كانت الأشجار لها ثمار متلاحقة، فإما أن يختلط ما ظهر من الثمار بما لم يظهر، أو تتميز الثمار الظاهرة عن الثمار اللاحقة،
فإن تميزت الثمار الظاهرة حال العقد عن الثمار اللاحقة فالبيع صحيح، ويكون للمشتري الثمار الظاهرة دون الثمار اللاحقة. وهذا بالاتفاق.
وإن كانت الثمار الظاهرة تختلط بالثمار اللاحقة على وجه لا يتميز بعضها عن بعض، فقد اتفق الفقهاء على صحة البيع، واختلفوا في وجوب قطعه في الحال على أقوال:
القول الأول:
يصح البيع وعلى المشتري قطعها في الحال، فإن شرط بقاءها فسد البيع؛ وهذا مذهب الحنفية
(1)
.
(1)
وتعقبه ابن عابدين في حاشيته (4/ 555)، فقال: «لا يخفى تحقق الضرورة في زماننا، ولاسيما في مثل دمشق الشام، كثيرة الأشجار والثمار، فإنه لغلبة الجهل على الناس لا يمكن إلزامهم بالتخلص في أحد الطرق المذكورة، وإن أمكن ذلك بالنسبة إلى بعض أفراد الناس، لا يمكن بالنسبة إلى عامتهم، وفي نزعهم عن عاداتهم حرج كما علمت. ويلزم تحريم أكل الثمار في هذه البلدان؛
…
إذ لا تباع إلا كذلك،، والنبي إنما رخص في السلم للضرورة، مع أنه بيع المعدوم، فحيث تحققت الضرورة هنا أمكن إلحاقه بالسلم بطريق الدلالة، فلم يكن مصادمًا للنص، فلذا جعلوه من الاستحسان؛ لأن القياس عدم الجواز، وظاهر كلام الفتح الميل إلى الجواز، ولذا أورد له الرواية عن محمد، بل تقدم أن الحلواني رواه عن أصحابنا، وما ضاق الأمر إلا اتسع، ولا يخفى أن هذا مسوغ للعدول عن ظاهر الرواية كما يعلم من رسالتنا المسماة: نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف». وانظر: الاختيار لتعليل المختار (2/ 7)، فتح القدير (6/ 287 - 288)، المبسوط للسرخسي (12/ 196)، بدائع الصنائع (5/ 172)، البحر الرائق (5/ 325)، حاشية ابن عابدين (4/ 556).